في يوم الأرض 7/7 حضرموت يجب أن تهز الأرض.    الأحاديث النبوية لكل أهل الجهوية اليمانية وليس لليمن السياسي بمفردة    كل 3 شهور تتزوج رجل جديد ...زواج المتعة في اليمن: خطورة وحقائق صادمة كشفها خبراء رقميين    القبض على نصاب أجنبي بعد احتياله على مواطنين يمنيين ب200 ألف دولار    محاولة تصدير الفوضى المناطقية.. تطور خطير للمؤامرة على العاصمة عدن    خبير الطقس السعودي ''الزعاق'': السنة الهجرية القادمة ''كبيسة'' وعدد أيامها أكثر من الأعوام الماضية    - مياه مدينة سام وخطوات دعم20 مشروعا جديدا لرواد الأعمال    "الحوثي بؤرة مريضة، بؤرة سرطانية لا علاج لها إلا بالكيماوي".. صحفي ينتقد سياسات الحوثي: "التنازلات والتطبيل الدولي لا تحل المشكلة"    طفلة يمنية تتعرض لإصابة خطيرة برصاص مليشيا الحوثي في مأرب    "عنف الحرب يعود ليعصف بتعز: الحوثيون يستهدفون الضباب مرة أخرى"    يورو2024 : فرنسا تسقط البرتغال بضربات الترجيح    كريستيانو رونالدو والبرتغال يخسرون فرصة التأهل بعد مباراة مثيرة مع فرنسا    في عملية نوعية: الحزام الأمني يداهم وكراً ويقبض على مختطفي المقدم عشال    مصادر: الحوثيون يوقعون على خارطة الطريق السعودية في مفاوضات مسقط    صاعقة رعدية تصيب ثلاثة جنود في جبهة الضالع    الخطوات النهائية لصرف المبالغ للموظفين العسكريين والمدنيين المبعدين في اليمن    الباص الفوكسي: شبح الموت يطارد عدن و يرعبها!    مونتيلا: لن نتاثر بسبب ايقاف ديميرال    اولمو أفضل لاعب في مباراة ألمانيا وإسبانيا    لم تكن تعاني أي أمراض.. سعودية سافرت إلى عيادة شفط الدهون بمصر فخرجت جثة هامدة وزوجها يكشف تفاصيل صادمة    بعد برنامج حافل.. وفد الإصلاح ينهي زيارته للصين    مقتل جندي في أمن ابين أثناء اشتباك مسلح مع افراد عصابة متهمة بإختطاف الجعدني في عدن    أول مشهد لوصول الحجاج إلى مطار صنعاء الدولي بعد رضوخ الحوثي ورفع الحجز عن الطائرات    الشعيبي والارياني يزوران الفنان عوض احمد للاطمئنان على صحته    برعاية ماسية من «كاك بنك».. عدن تتجمل بحفل احيائي بهيج لليالي سبستون    تدخل قوي من توني كروس يخرج بيدري مصاب من المواجهة الألمانية الإسبانية    تظاهرات في مارب وتعز تضامنا مع غزة وتنديدا بجرائم الاحتلال    148 منظمة مدنية: الحديث حول مبادلة قحطان بمسلحين تجاوز صارخ لقوانين العدالة    عصابة تسرق محل ذهب في الحديدة    البنك المركزي يوقف تراخيص 5 من شركات ومنشآت الصرافة المخالفة    إعلامي سعودي: المتطرف دينيا إذا أعطيته شبرآ طالبك بألف متر    اليمن كانت على علاقة اقتصادية مع بني إسرائيل    عاجل: بيان صادر عن الحزام الأمني بعدن: القبض على مطلوبين في قضية عشال واستشهاد جندي    صنعاء .. تدشين العام الدراسي باعتقال وكيل وزارة التربية والتعليم    نادي سيئون يعلن تعليق الأنشطة الرياضية ويُغلق بواباته دعماً لوقفة احتجاجية    بعد حملات المقاطعة ..يمن موبايل تُدخل السرور على قلوب عملائها بباقات نت جديدة بأسعار مُخفضة!    "كفاكم إساءة للمقام النبوي الشريف" (2)    وفد الإصلاح الزائر بكين يزور عددا من المصانع والمؤسسات الصينية    النفط يتراجع وسط مخاوف من تباطؤ الطلب في الولايات المتحدة    دور "محمد علي باشا" في إنقاذ اللغة العربية من الطمس على يد الخلافة العثمانية    وفاة طفل وإصابة والديه بحروق بليغة إثر حريق في مخيم للنازحين بحجة    البنك المركزي يوقف تراخيص 5 من شركات ومنشآت الصرافة المخالفة    هل سيتم ضرب مطار عدن او هناك    مجازر مستمرة في غزة والمقاومة تواصل تصديها للاحتلال على كافة المحاور    إقامة معسكر خارجي لمنتخب الشباب استعدادا للتصفيات الآسيوية    إنتر ميامي يحصد فوزه الرابع تواليا بدون ميسي    عيدورس الزبيدي بانتظار دونالد ترامب    الحوثيون يفرضون على طيران اليمنية أمراً لا يصدق!    محافظة جنونية تشهد معجزة خارقة للشيخ عبد المجيد الزنداني    وفد قريش يصل إلى العاصمة صنعاء !    قناة السعيدة تنسب كلمات أغنية "غلط ياناس تصحوني وانا نايم" للفنان الراحل فيصل علوي    العرب وتقارب القنفذ    تعرف على 6 أسباب ستدفعك لتناول البصل يوميًا    إثر احتجاز المليشيا للطائرات.. الحكومة تعيد الحجاج العالقين إلى مكة للإقامة على نفقتها    "اقتحام وسطو واختطاف".. مؤسسات الأدوية في مرمى الاستهداف الحوثي    بلقيس فتحي تُثير الجدل مجدداً: دعم للصحراء المغربية يُغضب ناشطين يمنيين ويُعيد موجة مقاطعة سعودية    لودر: كارثة بيئية تلوح في الأفق مع غرق الشارع الرئيس بمياه الصرف الصحي وتهديد كارثة وبائية    الدحابشه يحقنون شعب الجنوب العربي بمواد مسرطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكام العرب بين العدالة والمحكمة الثورية
نشر في شهارة نت يوم 08 - 08 - 2011

صور حسني مبارك في سرير مرضه، خلف قضبان قفص الاتهام، تثير ردود فعل مركبة. من جهة، ها هو دكتاتور يقدم الى المحاكمة في أعقاب ثورة شعبية ناجحة، أدت الى اسقاطه دون سفك دماء من جانب الثوار.
من جهة اخرى، من بين كل الحكام العرب، فان مبارك بالذات الذي لا بد أنه لم يكن من أكثرهم وحشية هو الذي يقدم الى المحاكمة، بينما بشار الاسد لا يزال يقتل مواطنيه ومعمر القذافي يصمد، ومن يدري، لعل الديمقراطيات الغربية ستدير معهما مفاوضات بعد أن ينجوا في الحكم؟ وحكام السعودية والجزائر، كلهم، بأشكال مختلفة، أبطال القمع الوحشي لحقوق الانسان الأساس، يجلسون بأمان في كراسيهم وبالذات مبارك يقدم الى المحاكمة؟.
فضلا عن ذلك: من هو بالضبط الذين يقدمونه الى المحاكمة؟ رئيس المجلس العسكري، المشير طنطاوي، الذي كان رعية له على مدى السنين، واعضاء المجلس كلهم من الموالين لمبارك ومن عينهم هو. دون التعرف على قدر أكبر مما ينبغي على القضاة والمدعين، فلن يكون تخمينا غير منطقي القول انهم ليسوا بالضبط من متظاهري التحرير، بل نشأوا وارتفعوا في مراتبهم في زمن نظام مبارك. ولا غرو اذا لم يجد الاحساس الطبيعي بالعدالة مبتغاه تماما في ضوء المشهد الواقع الآن في اكاديمية الشرطة في أطراف القاهرة.
بالذات لانه يوجد ميل لتشبيه الربيع العربي ولا سيما ما جرى في ميدان التحرير بسلسلة الثورات التي أسقطت الانظمة الشيوعية في شرقي اوروبا، لعله يوجد مجال للسؤال كيف تعاطت الانظمة الديمقراطية الجديدة هناك مع الحكام السابقين، الذين بلا ريب كانوا أكثر قمعا واجراما من نظام مبارك. يتبين أن أحد الانجازات الاكثر اثارة للانطباع لهذه الثورات كان حقيقة أنه باستثناء رومانيا، لم تكن هذه الانظمة انتقامية ولم تتخذ طريق المحاكمات التظاهرية أو الاعدامات للحكام السابقين. والشذوذ الروماني بالذات ينسجم مع حقيقة ان النظام ما بعد الشيوعي في رومانيا ليس أكثرها صلاحا فيما يتعلق بالديمقراطية أو انعدام الفساد.
لا ريب أن انعدام الانتقامية في شرقي اوروبا سهل انتقال النظام الديمقراطي بل ومنح الانظمة الجديدة شرعية، مع التشديد على الفارق بين الفكرة الديمقراطية، التي لا تحتاج الى أداة حادة ووحشية احيانا المتعلقة بالمحاكمات السياسية، وبين الانظمة الشمولية التي كانت المحاكمات التظاهرية السياسية من أبرز خصالها غير الرحيمة.
ما حصل بالفعل هناك كان أن من خدم بهذا الشكل أو ذاك في وظائف عليا للنظام السابق ولا سيما اذا كان تبوأ مناصب في اجهزة الامن والاجهزة المتفرعة عنها كان مرفوضا مواصلته مهام منصبه العام أو التنافس في الانتخابات الديمقراطية.
ميزان اشكالي
لو كانوا استخدموا هذا المنطق في مصر، فان المجلس العسكري الحاكم في هذه اللحظة، وكل من حوله ويجب الافتراض بأن القضاة والمدعين في محاكمة مبارك ايضا كانوا سيكونون مرفوضين دون أدنى شك. وحتى في الحالة الشاذة للجنرال يروزلسكي في بولندا، فان القرار لتقديمه الى المحاكمة اتُخذ بعد أكثر من عشر سنوات من اسقاطه من الحكم، وهذا ايضا بعد ترددات كثيرة وبلا حماسة؛ بل انه لم يُزج أبدا في السجن، وبسبب حالته الصحية الهزيلة سُمح له ايضا ألا يمثل في معظم جلسات المحكمة. المحاكمة، التي أُديرت على نار هادئة، لم تصبح أبدا بديلا عن جملة الاصلاحات الهامة التي أتاحت انتقال بولندا الى الديمقراطية الثابتة.
كل هذا بالطبع لا يحصل في مصر، وهذا جزء من الميزان الاشكالي للثورة المصرية حتى الآن. فالمجلس العسكري خضع لمطالب المتظاهرين وقدم موعد محاكمة مبارك رغم مرضه، ورغم قراره البقاء في مصر وعدم الفرار، مثل زين العابدين بن علي التونسي، الى السعودية. ولكن ينبغي الاعتراف بأن الثورة المصرية حتى الآن ليست نجاحا كبيرا. صحيح أن قمة الهرم مبارك ونجليه ووزرائه أُسقطوا وهم يُقدمون الآن للمحاكمة، إلا أن حكام الدولة هم طغمة عسكرية كل اعضائها عينهم مبارك.
الانتقال الى الديمقراطية، ناهيك عن تحسين الوضع الاقتصادي لعشرات ملايين المصريين، لا يزالان بعيدين. وليس واضحا على الاطلاق متى ستجرى انتخابات، واذا ما جرت حقا فهل ثمة ضمانة في أن تكون القوى الديمقراطية والليبرالية هي التي ستفوز فيها أم أن مصر ستتدهور الى نوع من الحكم الديني القمعي.
وفي هذه الاثناء، من الصعب أن نرى الجيش يتخلى عن امتيازاته الاقتصادية والاجتماعية. فنزعة الانتقام القضائية ليست بديلا عن الاصلاحات الديمقراطية والاجتماعية الحقيقية.
كما يمكن النظر في هذه المواضيع في سياق أوسع: ليس فقط عنف الثورة السوفييتية وقف أمام ناظر الانشقاقيين في شرقي اوروبا كمثال ينبغي الابتعاد عنه، بل ان أناسا مثل فاتسلاف هافل في تشيكوسلوفاكيا وادم ميكنيك في بولندا، ممن عرفوا جيدا التاريخ الاوروبي، كانوا واعين ايضا لتشويهات الثورة الفرنسية. ثورة 1789 في باريس، والتي بدت في البداية بأنها ستجمع فيها كل آمال التحرر للتنوير الفرنسي والاوروبي، تدهورت في غضون بضع سنوات الى ارهاب يعقوبي وارهاب مضاد.
هذا التدهور وجد تعبيره الرمزي المثير جدا في الاعدامات العلنية للملك لويس السادس عشر وزوجته ماري انطوانيت. هذا الحدث حول الثورة من رمز التحرر والأمل، الذي كان يخيل أنه سيوحد الشعب الفرنسي بكل طبقاته، الى بؤرة خلاف شديدة مزقت الأمة الفرنسية على مدى أكثر من مائة عام، واصداؤها لا تزال تصدح في فرنسا. جعل المقصلة الرمز الناجع للثورة الفرنسية يلاحقها حتى اليوم.
خلافا للدول العربية الاخرى مثل سوريا والعراق، فان الشعب المصري ليس شعبا عنيفا نسبيا: وقد عبر ذلك عن نفسه في المظاهرات غير العنيفة المثيرة للانطباع في ميدان التحرير، وكذا في رد الفعل المعتدل نسبيا للسلطات، وفي أن مبارك تخلى عن كرسيه ولم ينجر الى نوع من الاجرام الذي يتميز به الآن الاسد والقذافي. وعليه، فرغم المطالبة بعقوبة الموت، ينبغي الافتراض بأنه حتى لو أُدين مبارك ونجلاه، فانهم لن يُعدموا.
النفي أو الموت
يجدر بالذكر ايضا بأن ثورة الضباط في مصر في سنة 1952، والتي أطاحت بالملك فاروق، لم تُعدمه (خلافا للوحشية التي قتل بها رؤساء المملكة في العراق بعد بضع سنوات من ذلك)، بل انه رُفع الى سفينة في ميناء الاسكندرية التي اقتادته الى المنفى.
بسهولة شديدة كان يمكن اتهامه بالفساد وباصدار أوامر اطلاق النار على المتظاهرين في المظاهرات التي وقعت في مصر في اثناء حكمه.
حكمة واعتدال الضباط الثوريين برئاسة نجيب منعت اجراءات متسرعة ومتطرفة وساهمت بلا شك في منح الشرعية لثورتهم.
الثورة المصرية لا تزال في بداية طريقها. وهي ستختبر في قدرتها على تنفيذ انتقال الى نظام ديمقراطي ينتهج الحرية السياسية والمدنية عمليا، يضمن انتخابات منتظمة وشفافية سلطوية وينجح في التصدي لمشاكل بلاد النيل الاقتصادية العسيرة. الاستجابة للضغوط الشعبية ذات نزعة الانتقام قد ترضي الرأي العام في المدى القصير، ولكنها لن تساهم في شيء في حل المشاكل الحقيقية، العسيرة لمصر.
تثور فكرة انه اذا كان من العدل تقديم رئيس مصري ما الى المحاكمة، فانه ينبغي لهذا ان يكون جمال عبد الناصر: فقد ورط بلاده في حربين مع اسرائيل، قتل فيهما وأصيب آلاف الجنود المصريين وتكبد الجيش المصري فيهما هزيمة نكراء ومهينة. كما انه تدخل في حرب أهلية في اليمن، استخدم فيها الجيش المصري الغاز السام ضد اخوانه العرب. وتحت غطاء الخطاب العربي الوحدوي والاشتراكي المزعوم، ساهم فقط في تعميق الفقر والضائقة لشعبه. لكن محاكمته حسمها التاريخ.
هآرتس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.