صالح يخطط للعبة جديدة في صالحه". تحت هذا العنوان كتبت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، معلقة على اقتحام مؤيدي صالح كبرى الصحف الرسمية اليمنية وقالت إن ذلك "يؤكد حالة عدم اليقين التي تواجه البلاد خلال الفترة الانتقالية السياسية، والتي يعززها صالح في لعبته الجديدة لإسقاط اليمن". توالت محاولات بقايا نظام المخلوع صالح خلق معارك جديدة وحياكة العراقيل أمام الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ال 21 من فبراير الحالي. وأمام التحولات الجوهرية في سياسات وخطاب الإعلام الرسمي الذي تحرر من أسر عائلة صالح، لم تتمالك بقايا نظام صالح نفسها وهي ترى الانصراف العميق عن نزواتها في الظهور الإعلامي فسارعت وبتهور سريع إلى تحويل معاركها إلى المؤسسات الإعلامية الرسمية. ربما أرادت تعويض بعض فشلها في معارك أمنية لم تعد تؤتي أكلها وباتت مفضوحة ومنتهية الصلاحية، وقررت خوض تجربة معركية جديدة تراءى لها أنها ستخرج منها منتصرة. وصعدت بقايا العائلة من حربها على وسائل الاعلام الرسمية وبصورة لافتة وسريعة وفي أكثر من جبهة، ولجأت إلى معركة (أنصار صالح) هروبا من فشل معارك (أنصار الشريعة) و(أنصار الله) و(أنصار الشرعية). كانت البداية الثلاثاء الماضي (31 يناير) بنجاة وزير الإعلام علي العمراني من محاولة اغتيال استهدفته حين خروجه من مجلس الوزراء قبل أن تتلقى سياراته وابلاً من رصاصات مسلحين لاذوا بالفرار اخترقت سطحها الخلفي وتوجهت صوب المقعد المجاور لمقعد السائق وأخرى استقرت في الإطار الاحتياطي. في اليوم التالي عاد الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف عبده الجندي إلى عقد مؤتمرات صحفية تعود عليها منذ أكثر من عام، كان ذلك يوم الأربعاء. تزامن ذلك مع صدور صحيفة الثورة الرسمية ولأول مرة منذ ثلاثة عقود بدون "إضاءة" صالح التي كانت تنشر فيها مقتطفات من خطاباته وأقواله واعتاد الناس على نشرها يسار الصفحة الأولى واستبدلتها بكرت دعائي يحض على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وحدث الأمر ذاته بحذف أهداف الثورة التي تنشر طوال تلك السنين في الجهة اليمنى من الصفحة الأولى، تم حذفها هي الأخرى. صباحئذ وصلت الصحيفة التي أردفت تلك الخروقات لما ألفه نظام صالح في يد الجندي ليهدد بتقديم استقالته من منصب نائب وزير الإعلام خلال أسبوع وشن يومها هجوما لاذعا على الوزير العمراني. في اليوم ذاته، أغلق بلاطجة مكتب إدارة الإعلانات التابعة لصحيفة الثورة الكائن في منطقة التحرير على مقربة من مخيم اعتصام أنصار صالح. وفي المساء توجه قرابة ألف من (أنصار صالح) نحو مقر مؤسسة الثورة على خط المطار يتوشحون أسلحتهم وعصيهم وأمضوا ليلتهم داخل المبنى وحاصروا الموظفين والعاملين ومنعوا صدور عدد الخميس رغم توجيهات سابقة بإعادة "أهداف الثورة" إلى الصفحة الأولى. ليقوموا بنصب الخيام صباح الخميس الثاني من فبراير في بوابة الصحيفة ومنعوا الصحفيين من الدخول. ومساء الجمعة استقدم صحفيون من خارج "الثورة" وبحماية وكيل وزارة الداخلية فضل القوسي، لإصدار العدد الجديد الذي حمل اعتذارا عن سقوط الأهداف والإضاءة. وحملت الصفحة الأخيرة زخات من الاتهامات للوزير العمراني. حتى لحظة كتابة هذا التقرير (مساء السبت) ويصرون على إصدار الصحيفة فارضين صحفيين من خارج العاملين فيها. (الجمهورية) رهينة الحصار في يوم الجمعة أيضا، لم تنج (الجمهورية) واقتحم مئات البلاطجة مساء يومئذ مبنى فرع مؤسسة الجمهورية بصنعاء، ومنعوا الموظفين من مزاولة عملهم. كان ذات الفيلم يتكرر في مدينة تعز حيث تقع (الجمهورية) إذ حاصر مسلحون من (أنصار صالح) مبنى الصحيفة الرئيسي بمدينة تعز، للمطالبة بإعادة ما أسموه ب«إضاءة وصورة صالح وأهداف الثورة». مع أن (الجمهورية) لم تكن تنشر أهداف (الثورة) من قبل إلا أنها كانت قد استبدلت ال"إضاءة" بالعد التنازلي لانتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا للبلاد. وتمكن (أنصار صالح) من منع صدور الصحيفة يوم السبت. وبقوا محاصرين المبنى ما اضطر رئيس التحرير سمير اليوسفي والطاقم الإداري إلى أن يسلك طريقا خفية للنجاة بأنفسهم فيما بقي الطاقم الصحفي تحت الحصار. (اليمن) في قبضة البلاطجة وكانت القبلة التالية (ظهر السبت) هي الفضائية اليمنية إلا أنها لم تحرز نجاحا بعد قيام مجموعة ممن أساءوا للثورة الشعبية السلمية ويرفضون التحول النامي في التلفزيون بإثارة المشاكل ضد قيادة القطاع تحت يافطة المطالبة بإقالة فاسدين. وعقب محاولة منع (حسين باسليم) من دخول مكتبه وخروج معظم الموظفين مطالبين بترحيل قيادة الثلاث القنوات (اليمن، سبأ، الايمان) نجحت الخطة في إرغام (باسليم) على إعادة شعار الفضائية السابق، بعد أن كان تبديله بشعار جديد بناء على قرار إداري لم يكن للوزير العمراني صلة بالأمر. معركة مشوشة يعتبر رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين جمال أنعم، في حديث ل"الأهالي نت" ما فعله بقايا نظام صالح بالمحاولة لخلق معركة واضحة المرامي هدفها التشويش على حكومة الوفاق وتفجير بؤر للتوتر لعرقلة الاستحقاق الانتخابي القادم. وأضاف أنعم: "بقايا النظام لم يرقهم ما فعله الوزير العمراني من محاولة لضبط الخطاب الاعلامي وإعادة الاعتبار لتلك المؤسسات، وشعروا إنهم يفقدون آخر قلاعهم التي كانت تغذي بقائهم وتصنع نوع من الوهم العام الضامن لاستمرارهم". من جهته يؤكد رئيس مركز التدريب الإعلامي والتنمية رشاد الشرعبي أن تلك الممارسات تأتي ضمن الأداء الذي يسعى إليه بقايا النظام لعرقلة الانتخابات الرئاسية. ويعتبر الشرعبي في حديث ل"الأهالي نت" إن ما حدث لصحيفتي الثورة والجمهورية يندرج ضمن مخطط يستهدف عرقلة الانتخابات الذي تخاف بقايا النظام من أداءات الإعلام الرسمي فيها والذي قد يفضح تلك المخططات ويفشلها. ويضيف: "ولذلك هي بحاجة إلى أداء إعلامي يصاحب عملها الميداني لعرقلة الانتخابات" على اعتبار أن الإعلام العام "له حضور وفاعلية وتأثير في اليمن". مسئولية النائب واللجنة العسكرية ويؤكد رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين جمال أنعم، ل"الأهالي نت" أن على الرئيس بالإنابة عبدربه منصور هادي، مسئولية وطنية وأخلاقية كبيرة في التعامل مع الأوضاع المتوترة الناشبة داخل تلك المؤسسات. مطالبا اللجنة العسكرية بحماية المؤسسات وفتح تحقيق فوري في تلك الأعمال. وطالب أنعم بتوفير حماية وأجواء آمنة للصحفيين، محملا كافة الأطراف المسئولية الكاملة عن ما قد يلحق بالصحفيين من اعتداءات وأضرار. وفي تعليقه على تواتر الأنباء عن صدور قرار رئاسي بتكليف د. عادل الشجاع، بإدارة مؤسسة الثورة وتكليف محمد عبدالرحمن المجاهد برئاسة تحرير صحيفة الجمهورية، قال جمال أنعم: تقلقنا مثل هذه القرارات المرتجلة التي تصدر عنه ربما استجابة لضغوط الطرف المتضرر من تلك الإصلاحات". معتبرا أن إصدار هادي قرارات بتعيينات لرئاسة إدارة تلك المؤسسات دون اتباع اللوائح والتقاليد المتبعة في هكذا أمور وعلى رأسها ألا يصدر قرارا إلا بناء على ترشيح من قبل وزير الإعلام "أمر كهذا يضع وزير الإعلام وقيادات هذه المؤسسات في موقف صعب ويعمل على إرباكهم ويوفر مناخا لكثير من التوترات ويضعف أداء الوزير وقيادات مؤسساته التابعة". وأضاف: "نعد الأمر في غاية الحساسية وعلى أطراف العملية السياسية أن تقف أمام هذه القضية بحسم ومسئولية، حتى لا يكون الصحفيون كباش المحرقة". الأهالي نت-