الفن هو الجانب الإنتاجي الإبداعي للجمال، وقد لازم الفن الإنسان منذ فجر التاريخ، فهو أداة ولبنة أساسية للبناء الاجتماعي، فيتأثر ويؤثّر بالمجتمع والشعب بصور مباشرة وغير مباشرة ، والعمل الفني ، صورة كانت أو أغنية أو قصيدة أو أنشودة أو تمثالاً أو مسرحية، له دور أساسي في بناء الإنسان اليمني، بناء على وحدة المشاعر الإنسانية وعشق الإنسان لقيم الجمال، كما يقوم الفن بترسيخ الوحدة الاجتماعية والوطنية، ويعزّز روح الانتماء للمجتمع والوطن؛ فالفنون تجعل المجتمع يلتقي ذوقياً ووجدانياً حول القواسم والأهداف النبيلة المشتركة، لأن الفن الجميل والهادف يعبر عن القيم الإنسانية النبيلة التي تعتمل في نفوس ووجدانات البشر. لقد كان للفن دور كبير في الإسهام في تحقيق وحدة الشعب اليمني، على الرغم من تعدد وتنوع فئاته وطوائفه، وقد كان الفن - كأحد عناصر الثقافة - رافداً وداعماً لقيام الثورة اليمنية في الجنوب والشمال، وفي مراحل مختلفة من حياة الشعب اليمني، كما ظل الفنانون يحملون همّ تحقيق الوحدة اليمنية، ويعبرون عن ذلك في أعمالهم وإبداعاتهم المختلفة، إلى أن تم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م ، و(بإمكان الفن دائماً أن يحل من المشكلات، بقدر المنجزات التي شارك في تحقيقها). وبالذوق الجمالي والفني يعزّز الفرد انتماءه لتراث أمته ومجتمعه ، ولهويته الثقافية، وكما رأى أرسطو أن “وظيفة الفن هي تطهير الانفعالات” ، فالثقافة الجمالية تعمل على تنقية الحزازات وتنمية الذوق الجمالي، ومن ثم تتحقق الوحدة الوجدانية والوطنية، ويتحقق الهدف العام من الثقافة والتربية وهو إعداد الإنسان الصالح ، من خلال تنمية الجوانب الوجدانية في شخصية الإنسان، ومن هنا كانت التربية الجمالية ضرورة إنسانية واجتماعية؛ لإيجاد التوازن في حياة الفرد والمجتمع . بقدر وحدة القيم في المجتمع يكون تماسكه، وبقدر التفاوت والتباين في القيم وتناقضها وعدم انسجامها يكون الاختلاف في ظروف المجتمع ومشكلاته، ويكون الاختلاف بين فئات المجتمع ، وفي ضوء ذلك، تتضح جلياً أهمية الجمال والتذوق الجمالي في تحقيق الوحدة والتماسك الاجتماعي ، ولما له من أثر في تقريب المشاعر الذوقية الاجتماعية بين شرائح الجمهور المتلقي، بحيث تنشأ فيما بينهم وحدة مشاعر ، وحدة وطنية وقومية وإنسانية شاملة . هكذا تنشأ المنظومة أو التشكل في المجتمع, الذي يحركه القاسم الجمالي, لا التشظيات, فالمنظومة هي تركيب يحركه وعي جمالي يوزع الأدوار المناسبة لشخوصها, ويحدد مستويات التفاعل ودرجات التكامل ونسب التبادل بين عناصر ومكونات التركيب أو المنظومة، فكل شيء له جماله، مع غيره، “حتى حبات اللؤلؤ لا يظهر جمالها إلا في نظام” . 1 أميرة حلمي مطر: فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها، مرجع سابق ، ص79 . 2 منى يوسف كشيك : القيم التربوية في بعض برامج الأطفال بالتلفزيون المصري “ دراسة نقدية” ، رسالة ماجستير غير منشورة ، معهد الدراسات التربوية جامعة القاهرة ، 2003 ، ص36 . 3 أرنست فيشر : ضرورة الفن ، ترجمة أسعد حليم مرجع سابق ، ص 17 . رابط المقال على الفيس بوك