بين الحكمة والحماقات ماذا نختار؟ نختار الحكمة .. وبين عقلانية الحوار وجنون منطق الفوضى الخلاقة ماذا نختار؟ نختار لغة المواطنة الصالحة ومنطق العقل الرشيد .. وبين حق الشعب الشرعي والدستوري في التعبير عن مطالبه بالطرق الديمقراطية السليمة والمتحضرة وبين اللجوء إلى الطرق الفوضوية والخروج عن النظام والقانون وحتى عن التهذيب ومكارم التربية الفاضلة والأخلاق الحميدة في الخطاب ماذا نختار؟ نختار ممارسة الشعب لحقه الشرعي والدستوري في المطالبة بالحقوق التي يفتقر إليها عبر الطرق الديمقراطية السليمة الخالية من لغة العنف وبذاءة الكلام والخالية من أي سلوكيات تظاهرية ومسيراتية شعبية تضر بالمصالح الخاصة والعامة وتثير في نفوس العوام الذعر والرعب والخوف وتقلق السكينة العامة للوطن والمواطنين وبين تمترس أحزاب اللقاء المشترك للمعارضة في موقعها خلف جزءٍ من الشارع اليمني المتظاهر أو المعتصم ضد السلطة والنظام, وقد وجدت في ذلك فرصة ثمينة لها للحفاظ على الأقل القليل المتبقي لها من ماء الوجه السياسي على الساحة بعد أن تكشّفت كل أوراق ضعفها وعجزها وعدم قدرتها على بناء أي ثقة ديمقراطية مع الشعب خاصة منذ 2006م, لعل وعسى تشبثها الحالي بورقة الفوضى الخلاقة ودعمها شوارعياً تكون لها ورقة ضغط ما على السلطة ليتحقق لها من خلالها ولو جزءٌ من مصالحها المبتغاة. بين ذلك وبين أن تخرج أحزاب اللقاء المشترك بكل شجاعة وطنية إلى عامة الشعب معلنةً رجوعها إلى جادة الصواب وجلوسها مع السلطة وكافة الأطياف السياسية على الساحة الوطنية على مائدة الحوار الجاد والبنّاء بروح يسودها الحرص على مصلحة الوطن وتغليب مصالحه العليا فوق كل اعتبار.. ماذا نختار؟ نختار الموقف السياسي والوطني والأخلاقي الشجاع لأحزاب اللقاء المشترك إن هي أعلنت ذلك على الملأ وصدقت في ترجمة توجهاتها الوطنية التي تدّعيها بصورة عملية يلمسها المواطنون ويباركونها. وبين التقاء اللقاء المشترك مع مشاريع ومخططات وبرامج تدعو في مجملها للانقلاب على الديمقراطية والثوابت الوطنية كالدعوات التي يسعى إليها الحراكيون في بعض مناطق جنوب الوطن “الانفصال” وتلك المتمردة والخارجة عن القانون “الرجعية الحوثية” أو تلك المواقف التي ليس لها من مبرر سوى اعتماد الفوضى وسيلةً للانقلاب على الديمقراطية والحوار وصولاً إلى التداول السلمي للسلطة وذلك من خلال الرفض الدائم والمتكرر لكل المبادرات الرئاسية ومبادرة العلماء والحكماء ولكل الدعوات إلى الحوار وحل الأزمة القائمة بالطرق السلمية والتي يذهب اللقاء المشترك إلى رفضها لأسباب واهية وغير منطقية معتادة: “المبادرة جاءت بعد فوات الأوان” ولا ندري متى يكون الوقت المناسب الذي يسمح للقاء المشترك الاحتكام إلى منطق الوطن وتلبية نداء الواجب من أجل اليمن كي تزول هذه المحنة وتنطفئ نار الفتنة ويستقر الوطن .. بين هذه وتلك ماذا نختار ؟ نختار ونحب ونتمنى أن يكون لأحزاب اللقاء المشترك الإرادة الحرة في اتخاذ القرار وأن يكون لها السبق الشجاع وزمام المبادرة إن لم يكن في القبول بمبادرة العلماء والمبادرات الرئاسية فعلى الأقل بالجلوس للحوار ودراسة هذه المبادرات واتخاذ المعالجات المناسبة وهذا أفضل من رفضها جملةً وتفصيلاً لأسباب تدخل في قاموس “شر البلية” لأنها أسباب مدعاة للضحك. كما نتمنى على الأقل أيضاً أن يكون لهذه الأحزاب المتمترسة في خندق “اللاءات” أن تتقدم بمبادرة منطقية يقبلها العقل ولا تتنافى مع النهج الديمقراطي ولا تقفز على الثوابت الوطنية وتقوم بدعوة السلطة إلى الحوار حولها.. أما أن تظل على هكذا موقف فإنها وللأسف الشديد تزيد من قناعات الشعب بأن هذه الأحزاب لا يعجبها العجب لأنها في الأصل بلا مشروع أو برنامج أو حتى ثقة مع السواد الأعظم في الوطن وبالتالي فإنها قد صنعت لنفسها جداراً تختبئ خلفه وبالتالي فإنها أفرغت نفسها من أي حق لها في التفاوض ل “فوات الأوان” لديها في القدرة على اتخاذ القرار .. ومثل هذا السيناريو الهزلي أساء أكثر ما أساء إلى هذه الأحزاب نفسها وإلى قياداتها ورصيدها الوطني السابق في سجلات الوطن. ويظهر هذا جلياً في الكثير من المظاهر وأهمها ملامح الاستغراب والدهشة لدى الكثير من أبناء الشعب وتساؤلهم المتكرر الذي يطرح على الساحة مع كل موقف “ لا” لأي مبادرة رئاسية تطرحها السلطة لإطفاء نار الأزمة والفتنة القائمة, ومثل هذه الأسئلة: لماذا ترفض أحزاب اللقاء المشترك كل هذه المبادرات؟ ودون أن تخرج إلى الناس بمبررات دستورية مقنعة؟ ولماذا هربت أحزاب اللقاء وتنصّلت من مسئولياتها الوطنية بحجة أن الشارع اليمني قد أعلن من ساحة التغيير قبالة جامعة صنعاء موقفه من النظام ونحن وقادة اللقاء المشترك يعلمون علم اليقين حجم هذا الشارع؟ ثم وهذا هو الأهم: لماذا لايبارك اللقاء المشترك مطالب الشباب المعتصمين ويقوم بتبني هذه المطالب وعرضها على السلطة ومتى ماتحققت يكون قد أدى دوراً وطنياً في حل الأزمة, بدلاً من موقف بعض رموزه في تأجيج الشارع وتشويه الوجه المتحضر لشبابنا اليمني الذي يملك كامل الحق في المطالبة بحقوقه. ولماذا أخيراً لايتقدم اللقاء المشترك بمبادرة وطنية صادقة وقريبة من مصلحة الجميع تحت قاعدة “لاضرر ولا ضرار”.. إن الإجابة على كل هذه الأسئلة موجودة لدى قادة اللقاء المشترك وأملنا في الله كبير أن يوفّقهم ويرزقهم الصواب وصحوة الضمير الوطني قبل فوات الأوان. إن الوطن أمانة في أعناق الجميع والمخاطر تحدق باليمن من كل صوب ويكفينا شواهد عيان الإعلام الحاقد والموجه محلياً وعربياً ودولياً كيف يؤدي دوره المدعوم في تأجيج نار الفتنة في بلادنا وصولاً إلى تمزيق وحدة الوطن وإشعال الحروب والتقاتل وهدم كل المنجزات، فهل نغمض أعيننا عند رؤية الحقيقة ونتعامى ليستمر التمادي في السلوك المشين الذي سوف يدفع الوطن والشعب فاتورته خراباً ودماراً ودماءً وفقراً وبطالة وتشرداً وتشرذماً..إلخ لو حدث لاسمح الله ونجح المخطط التدميري المعادي للوطن. لماذا أيها القادة, قادة كل الأحزاب في البلاد لاتجلسون على طاولة الوطن ويكون الشعب حكماً.. ولماذا هذا التهاوي المخيف في السقوط اليومي المتزايد في هاوية العبث؟ أين “الإيمان يمان والحكمة يمانية”؟وأين كل ذاك الادعاء لحب الوطن؟ هل تكمن مصلحة الوطن في دعم الفتنة القائمة في ساحات وشوارع الاعتصام؟ وهل مايجري ومايصدر عن هذه التجمعات من أخلاقنا وأخلاق ديننا بل وهل هو الأنموذج الديمقراطي لغةً وسلوكاً وخلقاً وتربية؟ سؤال أتقدم به إلى الجميع: هل حدث أو يحدث أو سوف يحدث في أي شعب متحضر مايحدث الآن في مخيمات الاعتصام في “عصيفرة” أو غيرها.. إنني أعتقد أن من هذا هو سلوكه الآن وفكره الآن وأخلاقه الآن كيف له أن يقودنا إلى التغيير أو أن يقود وطناً في المستقبل؟ اليمن أمانة في أعناق الجميع ويكفينا عبثاً ومهازل ومكابرة. ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه ورحم الناس من شرور أذاه. ولتكن المبادرة الرئاسية الأخيرة فرصة كبيرة لمن أراد أن يسير في موكب الوطن حاضراً ومستقبلاً.