span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن لجوء الأشقاء في جمهورية مصر العربية أخيراً إلى الحوار للبحث عن الحلول والمعالجات التي تخرج هذا البلد الشقيق من أزمته الراهنة، يجسد بحق وصولهم إلى قناعة تامة بأنه لابديل عن الجلوس على طاولة الحوار ولا عن خيار التفاهم لإعادة الاستقرار وإيقاف النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد المصري وإخماد الفتنة التي إذا ما استمرت فإن كارثتها الماحقة ستكون باهظة التكلفة على كل أبناء الكنانة بمختلف شرائحهم وتياراتهم وانتماءاتهم وطوائفهم دون استثناء. لقد أدرك الأشقاء في مصر بعد أيام عصيبة من الفوضى والتخريب والنهب والسلب، أنه مهما استمرت التظاهرات والاحتجاجات والتوترات والانفعالات، فإنها لن تؤدي إلى الحلول ولن تزيد الأمور إلاّ تعقيداً، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استنباط المعالجات من دون الجلوس على طاولة الحوار وتمكين كل طرف من طرح مطالبه ووجهة نظره ورؤيته للإصلاحات المطلوبة في أي جانب من الجوانب، ومناقشة كل ذلك في أجواء هادئة تسمح بالوصول إلى تصورات ترضي الجميع وتفتح المجال أمامهم لإخراج بلادهم من أتون أزمتها الراهنة. ولعل ما يستشف من هذه الوقائع أنها تدلنا على صوابية الخطوة الشجاعة والتاريخية التي اتخذها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بإعلانه عن مبادرة وطنية للوفاق الوطني دعا فيها أطراف العمل السياسي والحزبي إلى سرعة استئناف الحوار عبر اللجنة الرباعية، وذلك للبحث في كل القضايا التي تهم الوطن وبما يجنب بلادنا وشعبنا الانزلاق نحو الفتن وأخطار الفوضى وويلاتها المدمرة. ومن حسنات هذه المبادرة التاريخية والشجاعة أنها جاءت منفتحة على كافة مطالب أحزاب المعارضة بما فيها الذرائع التي ظلت تطرحها أحزاب "اللقاء المشترك" أكان ما يتعلق منها بالتعديلات الدستورية أو ما يتعلق بالانتخابات النيابية أو غيرها من القضايا، إلى درجة وصف معها البعض ما جاء في هذه المبادرة الشجاعة بأنها قد استوعبت كل متطلبات الشراكة الوطنية التي ينبغي على الجميع إرساء مداميكها على أرضية راسخة من الثقة والوئام والحرص المتبادل على تغليب المصلحة العليا للوطن. وانصافاً للحقيقة فإن المبادرة الأخيرة لم تكن سوى واحدة من التجليات الوطنية للرئيس علي عبدالله صالح الذي عرفناه جميعاً لا يتردد في اتخاذ كل الخطوات والقرارات الشجاعة من أجل وطنه وشعبه. ويكفي أنه كان صاحب السبق إلى تكريس مبدأ الحوار على الساحة اليمنية، بل أنه الذي بدأ حياته السياسية بعد انتخابه لتولي دفة القيادة، بإرساء نهج الحوار لإنهاء الصراع بين القوى السياسية في ما كان يُعرف بالشطر الشمالي وهو ما أفضى إلى اتفاق هذه القوى على صيغة "الميثاق الوطني" والاندماج في كيان سياسي جامع لكافة التيارات السياسية والفكرية، مما كان له الأثر في إخراج هذه القوى والتيارات من السرية إلى العلن. وأياً كانت رؤية البعض، فلابد لكل منصف أن يعترف بأنه ومثلما حرص هذا القائد والزعيم على إنهاء الاحتقان السياسي بين التيارات السياسية في شمال الوطن - أنذاك- وإنهاء حالة الاضطراب بين شطري الوطن، فإنه أيضاً من عمل عبر الحوار على تهيئة الأجواء لإعادة وحدة الوطن بطرق سلمية في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م، والتي جاءت متلازمة مع التعددية السياسية. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد ظل هذا القائد الحكيم ولا يزال راعياً لهذا النهج، الذي صار خياراً وطنياً راسخاً في وجدان كل يمني، وهو ما تبرز ملامحه اليوم في تأييد كل اليمنيين للمبادرة الأخيرة التي أعلن عنها فخامته يوم الأربعاء الماضي أمام الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى، حيث التف كل أبناء الوطن وراء هذه المبادرة معلنين رفضهم للفتن والصراعات ودعوات الفوضى وأي احتكاك بين مكونات العملية السياسية. وفي هذا الصدد تأتي توجيهات رئيس الجمهورية لتهدئة الأوضاع ووقف المسيرات والمهرجانات والحملات الإعلامية المتبادلة بين المنظومة السياسية والحزبية لما من شأنه خلق مناخات إيجابية لاستئناف الحوار في أجواء هادئة بعيدة عن أي شكل من أشكال التوتر والمناكفات التي لا تخدم الوطن وتوجهات مسيرته التنموية والديمقراطية. وما ننتظره اليوم من الجميع هو استشعارهم لمسؤولياتهم الوطنية تجاه مجتمعهم وأبنائه، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي تموج بمتغيرات وتحديات جمة تفرض نفسها على المنطقة العربية عموماً.. ولا سبيل أفضل من الحوار لتعزيز الشراكة الوطنية المسؤولة والجادة لتجنيب الوطن كل الأعاصير والعواصف والأنواء والسير بسفينته إلى شاطئ الأمان.