من خلال قراءاتنا لتاريخ البشرية منذ آلاف السنين ، نجد إن العدل والمساواة ، أساس كل ملك وتقدم ورقي ، وأمن وسلام واستقرار ، في أي مكان على كوكبنا الأرض ، وحتى الله يقول الحديث ، إنه ينصر الدولة العادلة الكافرة ، ولا ينصر الدولة المسلمة الظالمة . أو كما قال أمير المؤمنين عمر إبن الخطاب رضي الله عنه ، حكمت فعدلت ، فعدلت فأمنت ، فأمنت فنمت . حيث نرى في عصرنا الراهن ، الكثير ممن يطالبون بالعدالة للاقتصاص من الذين يقتلون النفس دون حق ، وهذا حق ، لكنا لم نرى أحد يطالب بالعدالة لأولئك الذين قتلوا دون حق ، ويبلغ تعدادهم بالآلاف ، للاقتصاص ممن قتلهم ، وما قتلهم إلا أولئك الفاسدون ، الذين يستولون على المال العام والخاص دون وجه حق . كما نرى من يطالب بالعدالة لقطع يد رجل فقير ، سرق خمسة آلاف ريال ليطعم أولاده ، ولكنا لم نرى أحد يطالب بالعدالة ، ممن يسرقوا مليارات الدولارات من المال العام والخاص ، إن المطالبة بالعدالة من هؤلاء وترك هؤلاء ، ماهي الا قسمة ظيزى ....................فها أنا أكاد إن إنمحق حسرة وبؤس وأسى ، وأنا أستقرأ تاريخ قريتي المصينعة ، منذ فجر يوم الاستقلال في 30 نوفمبر 67 ، حتى يوم إعلان الوحدة الاندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 90 ، ثم منذ 22 مايو 90 حتى اليوم . لقد انبلج صباح الحرية والاستقلال يوم 30 نوفمبر 67 ، على تضاريس قريتي الجغرافية والديموغرافية ، وكان صباحا جميلا مشرقا ، غنت له كل العصافير والبلابل والفراشات ، ورقصت على ايقاع موسيقى ألحانها وتميدت ، كل أغصان الأشجار والورود والازهار ، لكني لن أخفي أنها قد تخللت تلك الفترة ، بعض المآسي والجراح ، ولكن ضمدت الجراح ، ومحت الأيام آثار المآسي ، ودارت عجلة الزمن بكل سلاسة ودقة ونظام ، وعدل وأمن وسلام واستقرار ، حتى يوم نكبة 22 مايو 90 ، هذا اليوم الذي كان فاصلا مشؤوما ، في تاريخ قريتي المصينعة بصورة خاصة ، وفي تاريخ وطني الجنوب بصورة عامة . ومنذ الأيام الأولى للنكبة ، ظهرت الحيوانات المتوحشة ، والخفافيش والغربان ، جهارا نهارا في قريتنا ، وظهرت الشقوق والسعالي ، ومردة الجن والإنس ، والابالسة والشياطين ليلا ، وانتشر فيها القتل والسحر والمخدرات ، والحروب والفساد والإرهاب ، والفقر والمرض ، والجهل والتخلف ، إلا يحق لي بعد ذالك كله ، إن أكون في وضع ، أكاد إن إنمحق فيه حسرة وبؤس وأسى ، على الحال الذي وصلت إليه قريتي المصينعة بصورة خاصة ، ووطني الجنوب العربي بصورة عامة .