قال تقرير دولي لمنظمة المادة 19 ومقرها لندن انه بالرغم من ان الديمقراطية في اليمن تعتبر مفهوماً جديداً نسبياً حيث أن الدولة نظمت الانتخابات التشريعية الحرة الأولى في تاريخها في أبريل 1993 والانتخابات الرئاسية الأولى في سبتمبر 1999 ، أي تسعة أعوام بعد إعادة توحيد شمال اليمن وجنوبه. الا ان اليمن شهدت في السنوات القليلة الأخيرة تقدماً ملحوظا في مجال حقوق الإنسان مثال المصادقة على معاهدات دولية رئيسية وتطوير منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تهتم بحقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية. وأشار التقرير 2008 عن الحريات الصحفية في اليمن والصادر أمس -حصل ( الوطن) على نسخة منه- انه في الوقت الذي تم فيه إنشاء صحف مستقلة ومعارضة في اليمن تبنت صوتاً حاداً لم يكن مسموعاً في المنطقة من قبل. إلا أن هذه التطورات الإيجابية تراجعت عقب هجمات 11 سبتمبر في العام 2001 عندما قامت اليمن، التي كانت قد اصطفت بقرب الولايات المتحدة الأميركية كحليف لها في "حربها ضد الإرهاب"، باعتقال مئات الأفراد المشتبه بكونهم أعضاء في القاعدة. وقال انه " أثناء هذه العملية، ضايقت السلطات،الصحفيين الذين غطوا هذه الاعتقالات واستجوبتهم كما سجنت بعضاً منهم. وبما أنه تم تحذيرهم من عدم الاستمرار بكتابة التقارير عن هذه المسائل الأمنية، بدأ الصحفيون بتطبيق رقابة ذاتية خوفاً من أن يتهموا بدعم الإرهاب. ومع الهدوء البطيء لموجة الاعتقالات، بدأ الصحفيون بالتأكيد مجدداً على حقهم في حرية التعبير، إلا أنهم واجهوا المضايقات والاعتداءات الجسدية والاعتقالات والسجن. منوها الى ان الاعتداءات ضد الإعلاميين اذ تواصلت فستكون مقلقة للغاية تعطي أسباباً كافية للقلق الشديد. واكد التقرير ان اليمن تواجه تحديات أما ممارسة الحق في حرية التعبير ونتائجه الطبيعية والحق في الوصول إلى المعلومات حيث تعيش نسبة 48 بالمائة من السكان تحت مستوى الفقر والسلطة مركزية في صنعاء وعدن وتعز، مخلّفةً ثلاثة أرباع ال 20 مليون نسمة في المناطق الريفية ،و المناطق الجبلية النائية و المناطق الصحراوية و يصل عدد قليل من الصحف إلى سكان هذه المناطق،فيما عدد كبير منهم فلاحون فقراء لا يتمكنون من شرائها أو قراءتها. وأضاف التقرير ان التحدي الاكبر يبقى هو فشل الحكومة في احترام حرية التعبير وحمايتها. مشيرا إلى انه في الوقت الذي يستطيع الفلاحون الفقراء في مناطق أخرى فقيرة في العالم الوصول إلى الإذاعات المستقلة أو إذاعات المجتمع، فإن هذا الوصول ممنوع على الفلاحين الفقراء في اليمن حيث ما زالت الحكومة تمارس احتكاراً كاملاً على البث الإعلامي، بما فيه الإذاعات. أما في حالة النساء – وبخاصة النساء الريفيات – فقال التقرير ان هذه المشاكل تتصاعد مع التمييز المشرّع والتقاليد الأبوية التي تضع النساء في مرتبة أدنى من مرتبة الرجال. فالأدوار النمطية بين الجنسين تحجز النساءفي كوكب خاص وبالتالي تقضي، من الجذور، على صياغة أي مطالبة في الحقل الاجتماعي أوالسياسي، آما تحول دون ممارسة هذه المجموعة من المواطنين حقها في حرية التعبير بشكل فعالٍ ومتساوٍ. وابرز التقرير الاطر القانونية في المواثيق الدولية للحقوق والحريات وتطرق لتحليل مفصل لمواد القانون والدستور اليمني ذات الصله مبرزا اهم القصور والسلبيات التي تعد قيودا على الحريات . ورصد التقرير بشكل مفصل حالات انتهاكات تعرض اليها الصحفيين والصحفيات في اليمن ، مشيرا الى ان المقرر الخاص حول حرية التعبير والتابع للأمم المتحدة اكد ً على أنه "على الحكومات كلها أن تأخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الصحفيين، إضافة إلى غيرها من الفئات المهنية المهددة الأخرى،من الاعتداءات، كآنت من قبل المسئولين أو موظفي تطبيق القانون أو مجموعات مسلحة أوإرهابيين ". إلا أن السلطات في اليمن لم تتخذ أي خطوات مماثلة. وقال "خلال السنوات القليلة الأخيرة تم حجب حرية التعبير، وبخاصة في الإعلام، بشدة. كما تعرض الصحفيون لقمع متزايد من قبل السلطات، وقد حوكم الصحفيين وسجنوا أو أهينوا جسدياً من قبل عملاء يشك في أنهم يعملون لحساب السلطات". مؤكدا ان هذه الممارسات تصبح أسهل مع وجود قانون الصحافة والعقوبات الذي ينتهك التزامات اليمن الدولية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ويجرّم التهم الصحافية. وفي وقت أشاد فيه التقرير بقرار دعم الرئيس على عبدالله صالح علناً في يونيو 2004 ، إزالة البند الذي ينص على سجن الصحفيين. وعلى الرغم من هذا الإعلان ومن مناقشات لاحقة جرت حول مشروع قانون جديد للصحافة والمطبوعات، إلا أن هذه الأحكام ما زالت قيد العمل ومازال الصحفيون يتهمون ويحكمون بالسجن . وقال "لقد وضع استمرار التهديدات الجدية لحياة الصحفيين وسجنهم إعلان الرئيس للعام2004 باستثناء حجز الإعلاميين موضع شك. لان الانتهاكات الشديدة لحق حرية التعبير تتزايد مع قضاء ضعيف يفشل في تنفيذ الضمانات الدستورية ويعوض عن الأخطاء التي ارتكبت بحق الصحفيين". واعتبر ان المحاكمات الأخيرة لرؤساء تحرير أمام المحكمة الجنائية الخاصة حول الإرهاب بتهم متعلقة بالإرهاب، حيث من الممكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام، تشكل سابقة مقلقة للغاية قد تكون، في حال عدم التصدي لها مباشرةً، إشارة إلى إسكات أكثر قمعاً للإعلام. وتطرق التقرير إلى إن قدرة المرأة على ممارسة حقها في حرية الإعلام محدود لأقلية مُدنية قليلة والتي أكثر شخصياتها طلاقةً تتعرض غالباً إلى اعتداءات في حملات توصم بالعار على أساس الجنس في صحف شبه رسمية. أما بالنسبة للمرأة الريفية، فالعوامل الاجتماعية الاقتصادية والثقافية تحرمها من إمكانية التعبيرعن نفسها في حلبة المجتمع. وقال انه "على الرغم من أن السلطات لا تنتهك "بشكل ناشط" حرية رأيها، إلا أنها تتحمل مسؤولية كبيرة في عدم تقوية المرأة لممارسة هذا الحق الأساسي، وأيضاً من خلال صيانةالقوانين التمييزية. واوصى تقرير المادة 19 اليمن بالإلغاء الفوري للإجراءات القضائية التي بدأت ضد الصحفيين أمام المحكمة الجنائية الخاصة بالإرهاب وإلغاء التهم ضد الإعلاميين والأفراد الآخرين الذين حوكموا لممارسة حقهم في حرية التعبير ،والعمل على تحقيقات فعالة في التهديدات ضد الصحفيين والاعتداء عليهم، وبخاصة حالات الخطف، وإحضار المسؤلون أمام العدالة. وحثت التوصيات على ضرورة قف الحملات أو غض النظر عنها التي تشوه السمعة، والتوقف عن مقالات التشويه وبخاصة الاعتداءات القائمة على أساس التمييز الجنسي والتي تهين كرامة الصحفيات أو الناشطات وشرفهن كما تحط من مصداقيتهن وتضعهن فى خطر أذية المجتمع. كما دعت التوصيات إلى عدم الاستمرار باحتكار الدولة للبث ولوكالات الأخبار والسماح للتلفاز الخاص والإذاعات ووكالات الأخبار بالعمل بحرية ووضع حد لكل السياسيات المقيدة التي تحد من حرية التعبير، مثال منح الرخص أو سحبها ومنع الصحفيين من النشر و"استنساخ" المنظمات غير الحكومية والصحف ومواقع الانترنت.وإصلاح القضاء وتقويته لضمان فعاليته وعدم تحيزه واستقلاله. وطالبت اليمن بتطبيق توصيات لجنة حقوق الإنسان لضمان التوافق التام بين قانون الصحافة والمطبوعات المستقبلي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ويتضمن ممارسات تقدمية عالمية متعلقة بها ، وكذا تطبيق توصيات معاهدة إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وبخاصة تلك المتعلقة بالتشريعات التمييزية لمساعدة المرأة على ممارسة حقها بحرية التعبير إرسال دعوة إلى المقرر الخاص حول حرية التعبير لإجراء زيارة للبلد.