منذ ظهور الربيع العربي في ديسمبر 2010 وروسيا تقف بقوة وشراسة مع الأنظمة الفاسدة والظالمة والمستبدة، متحدية إرادة هذه الشعوب ورغبتها في التغيير والتخلص من ديكتاتوريات أذاقتها الأمرين، وجرعت شعوبها الذل والهوان ولم تكتفي فقط بمد هذه الديكتاتوريات بالسلاح والمال بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، ووقفت سداً منيعاً أمام المجتمع الدولي لاستصدار حتى قرارات الإدانة لهذه الأنظمة المستبدة، وحدث هذا مع الأنظمة المستبدة التي حكمت اليمن وليبيا وسوريا وأخيراً في مصر وعلى الرغم من هذه المواقف المخزية للدب الروسي من ثورات الربيع العربي فروسيا لم تنجح حتى الآن في الإبقاء على أياً من هذه الأنظمة الفاسدة والظالمة باستثناء النظام السوري والذي تدل كل المؤشرات بأنه سيتهاوى قريبا. النموذج اليمني كان حاضراً أمامنا أثناء الثورة الشبابية، وعلى الرغم من المساندة الروسية المعلنة لنظام صالح وابرامها معه صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات وبتمويل بعض دول الخليج وعلى الرغم من مساندة روسيا لنظام الرئيس المخلوع في المحافل الدولية، إلا أن كل ذلك لم يجدِ أمام إرادة الشعب اليمني الذي أسقط نظام صالح الفاسد، وعلى الرغم من سقوط النظام في اليمن ألا أن روسيا وحتى الآن ما زالت تقف سداً منيعاً لاستصدار أي قرار يدين نظام صالح أو يجرم أفعاله وسياساته الساذجة والتدميرية في كافة مناحي الحياة والتي أوصلت الشعب اليمني إلى أن أكثر من نصف الشعب أصبح تحت خط الفقر فمتى ستعقل روسيا؟.
ومثال آخر من الحالة الليبية, التي ظلت الحكومة الروسية تدعم نظام قذافي الفاشي حتى الرمق الأخير وزودته وأخرجت كل ما لديها من أسلحة لدعم النظام الليبي السابق حتى أن مخازنها خلت من كل الأسلحة القديمة والتي باعتها للنظام الليبي ليستمر في قتل شعبه وليستمر في السلطة والشعب الليبي لن ينسي لروسيا صفقة القرن والتي تمت في الثمانينات بين القذافي والحكومة الروسية والتي قدرت في وقتها بثلاثين مليار دولار، ومعظمها كانت أسلحة قديمة مما أزعج الأمريكان كثيراً وحاولوا اغتيال القذافي بداية التسعينات بغاراتهم الجوية الشهيرة على مدينة سرت والتي قتل فيها أحد أبنائه.
النظام السوري له مكانة خاصة في قلب الدب الروسي ولم لا وقد فتح نظام حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار الموانئ السورية والأراضي السورية لروسيا التي أقامت عليها أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط تكدس فيها أسلحتها ودباباتها وطائراتها لمواجهة أي تحرك أمريكي في منطقة الخليج وتضخمت هذه القاعدة بشكل كبير بعد حرب الخليج. لم تدِنْ الحكومة الروسية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيمائية أو اسلحة الدمار الشامل من قنابل الغاز والقنابل العنقودية والانشطارية وقنابل وصواريخ الفسفور المخصب وصواريخ السكود والبراميل المتفجرة ضد الشعب السوري العملاق الذي واجه بصدرٍ عارٍ كل هذه الأسلحة وواجها بأسلحة خفيفة ومتوسطة. لم تكتفِ الحكومة الروسية بعدم إدانة الحكومة السورية لاستخدام النظام السوري لهذه الأسلحة المحرمة دولياً بل للأسف الشديد كانت روسيا هي مصدر هذه الأسلحة وهي التي أقامت مصانع الأسلحة الكيميائية على الأراضي السورية حتى إذا دخلت في مباحثات نزع الاسلحة الكيميائية مع امريكا تتخلص من هذه الأسلحة على الأراضي الروسية، ولكن يظل لها مخزون استراتيجي كافي على الأراضي السورية ويشرف عليها خبرائهم ويأخذون منها حاجتهم عند اللزوم. ولن ينسى العالم كله ومن خلفه الشعوب العربية الحية التي انتفضت ضد الطغاة لن ينسوا الفيتو الروسي ضد أي عقوبة أو حتى إدانة لنظام بشار الأسد الذي ارتكب جرائم ضد الانسانية ضد النساء والاطفال والشيوخ في سوريا.
بالنسبة للشأن المصري فلقد راقبنا باستغراب موقف بوتين وهجومه الشرس على الرئيس محمد مرسي قبل ثلاث أشهر من سقوطه وتبشيره بسقوط الرئيس المصري الشرعي والمنتخب من شعبه بانتخابات أنزه من تلك المزورة التي جاءت ببوتن إلى رئاسة روسيا وزال هذا الاستغراب بعد أن بدأت تتضح لنا أبعاد المؤامرة العالمية ضد نظام الرئيس محمد مرسي والتي بدأت تتكشف أدوار مخابرات أمريكا واسرائيل وروسيا وبعض دول الخليج فيها. وعندما شعرت روسيا بأن انقلاب مصر بدأ يتهاوى سارع الدب الروسي لينقذ ما يمكن إنقاذه من النظام العسكري المصري المتهاوي وليقتطع لنفسه جزءاً من التورتة قبل فوات الأوان، وشهدنا الوصول المفاجئ لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين إلى مصر ووجد قادة الانقلاب القشة التي يريدون أن يتعلقوا بها قبل فوات الأوان فوافق عسكر مصر عل اقامة قواعد عسكرية روسية على أراضيها بدون أي شروط ووفقوا على شراء أسلحة روسية باثني عشرة مليار دولار تمولها دول الخليج.
يرى العديد من المراقبين السياسيين بأن روسيا أصبحت تلعب دور العدو الأول للشعوب العربية وتقف أمام تطلعاتهم في الحرية والديمقراطية والعيش بسلام وتقف سداً منيعاً أمام احلام هذه الشعوب، وهذه السياسة على المدى البعيد سيجعل روسيا تخسر مكانتها كدولة عظمى وكل شعب من الشعوب العربية سيحصل على حريته سيحدد موقف معادي لنظام الدب الروسي ونقول للرئيس الروسي والذي في عهده اكتسبت روسيا عداء كل الشعوب الحرة نقول له ليس من الحكمة أن يلعب أي فريق بكرة من زجاج تتكسر أثناء المباراة ولا يجد ما يلعب به في المباراة القادمة.