في تطور من شأنه أن يثير جدلا واسعا بالكويت ، قام عدد من الأشخاص بمهاجمة قناة "سكوب" الفضائية مساء الأحد الموافق 17 أكتوبر ، مما تسبب بخسائر مادية كبيرة . وتضاربت الروايات حول حقيقة ما حدث ، حيث ألمح بعض مسئولي القناة إلى تورط عدد من أفراد الأسرة الحاكمة من صغار السن بالهجوم بالنظر إلى الاتهامات الموجهة للكاتبة فجر السعيد صاحبة القناة بالتحريض على قلب نظام الحكم . وسرعان ما خرجت صاحبة القناة الكاتبة فجر السعيد على الملأ لتعلن في تصريحات أدلت بها لقناة "الجزيرة" أن حوالي 200 إلى 300 شخص هاجموا القناة وتعدوا بالضرب على من فيها ، وأشارت أيضا إلى أن السفير الكويتي بالأردن الشيخ فيصل الحمود المالك هو الذي كان يقود المجموعة المهاجمة ، قائلة :" تعرضنا للضرب من قبل المهاجمين ، ما حدث بعيد عن دولة القانون ويشبه شريعة الغاب " . وأضافت أنها تلقت تهديدات بالقتل بعد عرض حلقة من برنامج "زين وشين" على القناة يوم السبت الموافق 16 أكتوبر ، واستطردت " منفذو الهجوم كانوا يبحثون عني أو عن مدير المحطة أو عن مقدم البرنامج " ، مشيرة إلى أن القناة توقفت عن بث برامجها بعد الهجوم. ومن جانبه ، أكد مدير القناة طلال السعيد أن المعتدين كانوا مسلحين ورفعوا سلاحا بوجه أحد الموظفين ، وأضاف أن المهاجمين قاموا بتكسير الاستوديوهات والكاميرات وأجهزة البث والكمبيوترات وتسببوا بخسائر فادحة ، قائلا :" إن بعض المهاجمين كانوا مسلحين بمسدسات وسكاكين وإنهم هاجموا الاستوديو وأتلفوه وضربوا العمال ، نحو عشرة أشخاص قد أصيبوا ". وفي المقابل ، نفى الشيخ سالم المالك الصباح أحد أفراد الأسرة الحاكمة صحة ما تردد حول تورط عدد من أفراد الأسرة الحاكمة من صغار السن في الهجوم ، كما نفى جملة وتفصيلا صحة ما ذكرته السعيد ، قائلا :" ما قالته فجر السعيد وشقيقها طلال السعيد عار من الصحة ، والأمر متروك للقضاء الذي سيظهر الحقيقة". وفي السياق ذاته ، نفى الشيخ فيصل الحمود المالك سفير الكويت بالأردن صحة ما ذكرته فجر السعيد ، كما نفى ما تردد حول أنه تزعم المجموعة التي هاجمت القناة بسبب ما قاله طلال السعيد شقيق فجر السعيد في برنامجه الذي تم بثه على القناة يوم السبت الموافق 16 أكتوبر وتهجم من خلاله على وكيل وزارة الإعلام الكويتية الشيخ فيصل المالك . واستطرد فيصل الحمود المالك قائلا :" سكوب عمدت إلى الإساءة إلى أسرتنا وما جاء على لسان شقيق صاحبة القناة معيب ما أثار عددا من الغاضبين الذين توجهوا إلي مقر المحطة للاحتجاج بعد فشل كل محاولات الاتصال بصاحبة القناة لاحتواء الموقف وأنا لم أكن مع الغاضبين وإنما ذهبت لإبعادهم وتهدئة الموقف". وكان نسب لشقيق فجر السعيد قوله إن عائلة المالك هم من لهم سوابق في محاولة لقلب نظام الحكم بالكويت وحذر من أنه إذا لم يكف الشيخ فيصل المالك عن تهديد شقيقته صاحبة القناة وملاحقتها قضائيا وتحويلها للنيابة العامة بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فإنه ، أي طلال السعيد ، سوف يتكلم بالتفصيل عن دور عائلة المالك في محاولة قلب نظام الحكم في السابق. وانتقد طلال السعيد في هذا الصدد وكيل وزارة الإعلام الشيخ فيصل المالك بطريقة شديدة وتحدث عن حادثة تاريخية حين حاول احد أفراد المالك الانقلاب على النظام مما أثار حفيظة الأسرة من فرع المالك وبينهم سفير الكويت بالأردن. وإلى حين يقول القضاء كلمته في الهجوم على قناة سكوب ، فإن هناك محاولات جرت على قدم وساق لاحتواء تداعياته ، حيث سارعت الأدلة الجنائية بالتوجه إلى موقع القناة في منطقة شرق ، هذا فيما أكد مصدر أمني أن وزارة الداخلية الكويتية سيطرت على الأوضاع وأخلت مبنى سكوب من العاملين وتركت بعض القوة لحماية المبنى من أي اعتداء ، كما أمرت النيابة العامة الكويتية يوم الإثنين الموافق 18 أكتوبر بضبط واحضار السفير الكويتي بالأردن الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح وشقيقه الشيخ الرائد عبد الله المالك مدير مباحث المطار على خلفية بلاغ تقدم به مسئولون في قناة "سكوب" واتهموا خلاله الشيخ فيصل وشقيقه بالسب والقذف واعتداء بالضرب ودخول مكان خاص وحمل سلاح بدون ترخيص وإتلاف مال الآخرين وإهانة رجال الأمن. ووجهت النيابة إليهما تهمة التعدي بالضرب والتهديد واطلاق النار على قناة سكوب والعاملين فيها ، فيما شكك محامي الشيخ فيصل وشقيقه في سلامة الإجراءات القانونية ، قائلا :" "ما قامت به النيابة العامة من إجراءات ضبط وإحضار بحق بعض الأشخاص من أبناء أسرة المالك هو تعسف باستعمال الإجراءات القانونية ، الإجراءات المتبع اتخاذها في مثل تلك الشكاوى التي تعرض أمام النيابة هي أولا توجيه كتاب استدعاء أو تكليف بالحضور ، إلا أن النيابة العامة أصدرت أوامر بضبط وإحضار من ورد اسمه في البلاغ ، وجود أشخاص منهم يعملون في مناصب حساسه في الدولة يدحض مخاوف النيابة العامة من هروبهم للخارج حيث أن مكان عملهم معروف". وأشار المحامي عبد المحسن القطان أيضا إلى أن الخلاف موجود بين أصحاب القناة وأحد أفراد أسرة المالك وهو في منصب حكومي ولو كان هناك خلاف فليكن شخصيا وليس بالتطرق بعبارات مسيئة إلى جميع أبناء الأسرة على "سكوب" . وبصرف النظر عما ستنتهي إليه التحقيقات ، فإن الهجوم على "سكوب" قوبل باستنكار على المستويين الحكومي والبرلماني على حد سواء ، حيث سارع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح للقول :"الكويت بلد امن وامان ولاعلم لي بما حدث لسكوب ونحن دولة قانون ، واذا ما حدث شئ من هذا القبيل فإنه سيتم تطبيق القانون على الجميع". وفي السياق ذاته ، استنكر وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الكويتي روضان عبد العزيز الروضان ما بثته قناة "سكوب" الفضائية الكويتية مساء "السبت" الموافق 16 أكتوبر في أحد برامجها من مواد تنطوي على مساس مرفوض بالأسرة الحاكمة وكذلك ما قام به البعض من تصرف صبياني مرفوض على مبنى القناة وممارسة أعمال العنف والإتلاف لأجهزة القناة ومحتوياتها ، موضحا أن الجهات المعنية تتولى التحقيق في تلك الواقعة بكافة تفاصيلها وأبعادها تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في هذا الشأن. وأضاف الروضان أن مجلس الوزراء الكويتي إذ يعرب عن بالغ استيائه وإدانته لمثل تلك الممارسات التي يجرمها القانون ويرفضها المجتمع يؤكد في الوقت ذاته أن المرجعية في التعامل مع أي تجاوز هي أحكام القانون الذي تحرص الحكومة الكويتية على تطبيقه على الجميع دون تمييز ، قائلا :" لن نتهاون في التصدي لمثل تلك الممارسات البغيضة والأعمال الغريبة على مجتمعنا الكويتي". وتابع أن الحكومة الكويتية ستتخذ كافة الإجراءات التي تستهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد ، داعيا وسائل الإعلام المختلفة إلى التزام مقتضيات الحرية المسئولة والعمل على تجسيد روح المسئولية الوطنية والممارسة الايجابية لرسالتها الإعلامية السامية. ومن جانبه ، علق النائب فيصل الدويسان على الهجوم قائلا : "ينبغي ألا يمر هذا الهجوم دون حساب وعلى وزير الداخلية الاضطلاع بمسؤلياته بشكل حاسم ويجب أن تكون معاركنا جميعا في ساحة القضاء ان كنا نفتخر بتحضرنا وعلى الكبار أن يؤدبوا الصغار لأن البلد لا زالت في قبضة الكبار"، وذلك في إشارة ضمنية لما تردد حول تورط عدد من أفراد الأسرة الحاكمة من صغار السن في الهجوم . واللافت للانتباه أن الهجوم على قناة سكوب جاء بعد يوم من قيام النيابة العامة الكويتية في 16 أكتوبر بتوجيه تهمة مخالفة قانون المرئي والمسموع وقانون أمن الدولة إلى الكاتبة والمخرجة فجر السعيد بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم عبر إحدى حلقات مسلسل "صوتك وصل" الذي بثته قناة "سكوب" الفضائية خلال شهر رمضان الماضي . وأخلت النيابة بلا ضمان مالي سبيل فجر السعيد التي أكدت عدم صحة التهم المنسوبة إليها ، وفق ما ذكره محاميها فيصل عيال العنزي. وأكد العنزي لجريدة "الجريدة" الكويتية أن النيابة العامة وجهت لموكلته اتهاما بالتحريض على قلب نظام الحكم والتحريض المسلح رغم أن ما ورد "في المسلسل" لا يمت لهذا الأمر تماما ، موضحا أن الاتهامات السابقة جاءت على خلفية شكوى وزارة الإعلام ضدها . وفيما أفادت صحف كويتية بأن وزارة الإعلام اتهمت فجر السعيد بمحاولة الاطاحة بالحكومة من خلال عرض ضاحك على قناة سكوب بعنوان "صوتك وصل" ، نسبت بعض وسائل الإعلام للكاتبة فجر السعيد القول إن عضوا بالأسرة الحاكمة يشغل منصبا رفيعا بوزارة الإعلام مسئول عن الاتهام السابق . ومن جانبهم ، استنكر نواب كويتيون على الفور ما أسموه "التضييق على الحريات الإعلامية " ، مستغربين اتهام برنامج تليفزيوني عرضته قناة "سكوب" التي تمتلكها الإعلامية فجر السعيد بالتحريض على قلب نظام الحكم . ووصف النائب علي الراشد اتهام وزارة الإعلام لقناة سكوب ب "المضحك " الذي يدل على أنها تعيش في كوكب آخر، قائلا :" آن الأوان لإلغائها". وفي السياق ذاته ، طالبت النائبة رولا دشتي وزارة الإعلام بالتوقف عن الانحراف باستخدام سلطتها، واعتبرت اتهام "التحريض على قلب نظام الحكم بالقوة" ب "الأمر الخطير". ونددت دشتي أيضا بنهج تقييد الديمقراطية والحقوق الدستورية ، ملوحة بمحاسبة وزير الإعلام ومطالبة النواب بتحمل مسئولياتهم . ومن جهتها ، اعتبرت النائبة أسيل العوضي أيضا أنه لا يجوز الاستخفاف بتهمة خطيرة كالتحريض على قلب نظام الحكم واستغربت الاستخفاف بتوجيه اتهامات عظمى كهذه من دون ترو ومسؤولية . وحذرت العوضي من أن تكرار وزارة الإعلام لمثل تلك الاتهامات يعطي انطباعاً للعالم بأن في الكويت من يريد قلب النظام فعلاً ، داعية الوزارة إلى القيام بدورها الحقيقي بالارتقاء بالإعلام والثقافة وإطلاق الحريات . كما أكدت النائبة معصومة المبارك أن التهمة إضافة إلى أنها تثير الضحك فإنها تكشف التخبط والفشل الذي تعانيه الوزارة التي يجب تغيير اسمها إلى "وزارة الجهل" والخلاصة أن هناك تباينا في الكويت حول الموقف من الكاتبة فجر السعيد وما إذا كان ما تقدمه على قناة سكوب يأتي في سياق حرية التعبير أم أنه يهدد استقرار البلاد التي شهدت في الفترة الأخيرة عددا من الأزمات السياسية المتتالية بسبب الخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة . "محيط"
