لا بأس أن نتحدث عن الماضي بقصد أخذ العبر والدروس والاستفادة في التخطيط للمستقبل لتجنب الأخطاء ، أما أن يتحول الحديث عن الماضي إلى شماعة لتبرير فشلنا في الحاضر، فهذه قمة العجز التي تسوق صاحبها لتعويض مشاعر الفشل الذي يعيش بالاغراق في محاكمة الماضي القريب أو البعيد .. لابد من التخلص من هذه العقلية الاتهامية التي تشغلنا عن التفرغ لإنجاز أهداف المرحلة لتعيدنا لمحاكمة الماضي ، جلد الذات ، الاغراق في مشاريع سقطت ، تستنفد طاقاتنا التي من المفترض أن نوجهها نحو البناء والنجاح والانجاز ، لننفقها في التحسر والندم على خسائر لم يكن بوسعنا تجنبها ، وأشرار كان لابد منها .. وبسبب تفاقمها كان وصولنا إلى ما نحن عليه ، بل إن ضغطها المتواصل علينا كان عاملاً لتثوير شبابنا ودافعاً لنا لصناعة هذا التحول التاريخي العظيم .. إذن من هنا يجب أن نتجه للمستقبل .. من واقع الانتصار الذي صنعناه بأيدينا ، وليس العودة إلى نقطة الصفر من جديد .. فلم يعد لدينا متسع من الوقت للتراجع . كثير من الأحداث والجسور التي عبرناها لنصل إلى الواقع الذي نعيشه اليوم كانت محطات ،شاركنا فيها ، عانينا منها .. قاسينا .. تجاهلناها .. أنفقنا فيها من أعمارنا وأموالنا ، وتفكيرنا .. ودمائنا .. فلنغادر زوايا التباكي على مافات .. ولنستكمل جاهزيتنا لما هو آتٍ .. فهو الأهم والأجدى بكل معايير السياسة والاقتصاد والوطنية .. نصنع من العدالة الانتقالية منصة الانطلاق نحو بناء الدولة اليمنية الحديثة.. ذلك أن الحكمة من قانون العدالة الانتقالية الذي من المفترض أن يقر في الأيام القليلة القادمة هو طي صفحة من مراحل التاريخ بكل تفاعلاتها ومعتركاتها وارهاصاتها .. ومعالجة الجروح ، النفسية والعضوية التي لحقت بالانسان اليمني – مواطناً ، أو مسئولاً ، ظالماً أو مظلوماً .. قاهراً أو مقهوراً .. لا علاج لوقف هذا النزيف الذي يعانيه جسد الوطن والمواطن اليمني سوى التسامح وتطهير القلوب من الأحقاد والبغضاء.. والسير بعقول وأقلام نظيفة لرسم معالم الفجر اليماني الذي توهج مجدداً بتضحيات شباب وشابات اليمن .. لنصنع مجدداً بسمة على جبين السعيدة ، ونعيد أمجاد اليمن السعيد .. [email protected]