فيما بدا انه زحف متعاظم لفيروس تعز المسبب لحمى الضنك الذي بلغت الإصابة به وفقا لتقديرات غير رسمية نحو 10 آلاف حالة خلال شهرين، تعالت الأصوات يوم الاثنين من قبل قادة منظمات المجتمع المدني والأحزاب وممثلي النقابات الطبية والمهنية والإعلام بالمحافظة إلى المطالبة بوضع حد لمهزلة الوباء الذي يفتك بسكان المحافظة او إقالة مسئولي وزارة الصحة التي فشلت حتى اليوم عن توفير جهاز إضافي لفحص حمى الضنك بالمحافظة. وطالب المشاركون في ندوة (تعز .. من الملاريا إلى الايدز إلى الضنك وأنفلونزا الخنازير والطاعون) بتفعيل مبدأ الثواب والعقاب والمساءلة والشفافية وحق الحصول على المعلومة, واستنكروا التعتيم الحاصل من قبل مكتب الصحة والسكان في كشفه للأرقام الدقيقة حول وباء حمى الضنك.
وفي هذه الأثناء شن أمين عام نقابة المهن الطبية الدكتور عبد الجليل الزريقي هجوما شرساً ضد مكتب الصحة, مطالبا قيادة الصحة بالمحافظة بالرحيل أو تحسين الوضع الصحي ومحاربة الفساد الإداري والمالي, معتبرا ان تفشي وباء حمى الضنك وفشل السلطة المحلية في مواجهته هو بسبب حمى الفساد الجاثم على المدينة حيث توكل الأمور الى أناس لا علاقة لهم بالمهنة وإنما المعيار الحزبي هو المحدد الأول في تبؤهم مناصبهم التي وجدوا أنفسهم فيها وهم غير مصدقين.
وعدد الزريقي ما اعتبره معوقات لمواجهة حمى الضنك التي أرجعها لوجود سياسة خاطئة تقود هذا القطاع , وقال: لقد وجدنا أن من بين 400 حالة يوجد ما نسبته 82 % منهم مصابون بحمى الضنك وهذا يعد كارثة بكل المقاييس وهنا لا نلوم الناس ان ثارت او غضبت.. منوها إلى ان بين المعيقات التي تؤدي إلى عدم وجود معلومة دقيقة بهذا الوباء سواء لدى مكتب الصحة او المحافظة او إدارة الترصد الوبائي هو وجود نحو 450 عيادة طبية تستقبل آلاف المرضى وليس لديها أي إمكانيات للرصد او حتى توجيهات ومتابعة من قبل مكتب الصحة كونه لا يوجد لديها مرجعيه لديه.
وأضاف أمين نقابة المهن الطبية: ان نحو 45 مستشفى خاص وعام عبارة عن دكاكين ودواوين وغرف وجميعها غير مهتمة بجمع المعلومات حول وباء حمى الضنك في ظل غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة وكل يموت قضاء وقدر. كما أشار الزريقي إلى وجود 96 مستوصف ومركز طبي تعتبر معيقات أخرى للرصد الوبائي وتأتي في الدرجة الثانية بعد المستشفيات حسب تصنيف وزارة الصحة, وطالب الزريقي بوجود قيادة جديدة للقطاع الصحي بالمحافظة بعد فشل القيادة الحالية في اختبار مواجهة حمى الضنك , مستهجنا تذرع قيادة السلطة الصحية بالإمكانات في توفير جهاز فحص قيمته مليون وستمائة الف ريال لمواجهة حمى الضنك في حين مسئول واحد تخزينته اليومية أكثر من ذلك. من جهته استعرض الدكتور سعيد سفيان مدير البرنامج الوطني لمكافحة الايدز حملة البرنامج في مواجهة مرض وفيروس الايدز, معلنا ان عدد الاصابات بهذا المرض بين سكان المحافظة بلغ حتى منتصف نوفمبر 2009م نحو 523 إصابة في حين هو على مستوى اليمن نحو 2723 إصابة وراء كل حالة عشر أخرى مستترة حسب منظمة الصحة العالمية, معتبرا ان معدل الإصابة بمرض الايدز في اليمن منخفض جدا مقارنة بدول أخرى. وفي حين وجد مدير عام مكتب الصحة والسكان نفسه في وضع لا يحسد عليه وهو يتلقي سيلا من الاتهامات من قبل الحاضرين الذين أمطروه بوابل من الأسئلة الغاضبة على تردي الوضع الصحي بالمحافظة , متسائلين: لماذا يبقى مسئولي الصحة في مواقعهم اذا كانت مبرراتهم عدم توفر الإمكانيات, وإذا ما صح ان الإمكانيات هي السبب فلماذا لا يعملون على تحسينها حتى ينعكس ذلك على المصلحة ؟ اعتبر بدوره المسئول الاول عن الوضع الصحي بالمحافظة الدكتور عبد الناصر الكباب نفسه معارضا أكثر من المعارضة وهو يرى هذا الوضع وانه دائما ما يسمع صوت المعارضة ويريد ان تسمع المعارضة صوته وهو يتكلم , مطالبا الحاضرين زيارة مكتبه للاطلاع عن قرب حول الوضع الصحي والاستماع له وهو يطلع على مشاكل الوضع الصحي.
وقال: أن العملية منظومة مشتركه والوضع الصحي لا يعني ان نضع المسئولين عنه في قفص الاتهام لوحدهم, معتبرا ان القطاع الخاص الذي يطاله الاهتمام بوجود أخطاء طبية يؤدي دوره في مساعدة القطاع العام الذي يتخلله تقصير, داعيا الحاضرين الى طرح كافة الأسئلة خلال زيارته لمكتبه حول المراقبة والفساد الإداري, وأضاف الكباب الذي ذهب بدبلوماسية مما يمكن وصفه بمحاكمة طبية الى تشخيص طبي لماهية حمى الملاريا والضنك ان الملاريا والضنك لهما سلوكين مشتركين من خلال تواجدهما في المياه النظيفة بفارق ان الضنك له سلوك مختلف باعتباره يعبيش في المنازل وهو خمول وكسول عكس فيروس الملاريا النشط, محملا المياه مسئولية تفشي وباء حمى الضنك بهذا الشكل بالمحافظة منذ عام 1994م. وكانت الدكتورة سعاد القدسي- مديرة ملتقي المرأة للدراسات والتدريب- قد استهلت الندوة باستعراض لمحاور الندوة والحقوق المختلفة المكفولة للمواطن تجاه الدولة وأولويات الوضع الصحي باعتباره أهم عنصر يتعلق بحياة الإنسان وتفكيره, مشيرة الى ان الحق في الصحة له أسباب منها مادية ومنها معنوية , منوهة ان الانسان لن يصل الى حياة تسودها الرفاهية مالم يحصل على حقوقه في الصحة. كما أشارت في بيان إعلامي صادر عن الملتقي الى ان سكان تعز باتوا يجدون صعوبة في الحصول على مياه الشرب النقية وغير النقية , وعلى مدار اليوم الواحد عشرات الأطفال يموتون فيها بسبب الوزن الناقص ,وعشرات أخرى يموتون من مرض نقص المناعة المكتسبة والملاريا وحمى الضنك والطاعون.." وأضافت: "اعتقد أن كل تلك المشاكل التي باتت تصيب كل فرد بالخوف والهلع في هذه المدينة المسالمة سببها تجزئة حقوق الإنسان واعتبار بعضها مهم وبعضها الآخر غير مهم بالمرة. وهذه التجزئة وعدم النظرة الشاملة لقضايا حقوق الإنسان بدءا من حق الحصول على مياه الشرب النقية والحق في الصحة والتعليم وانتهاء بحق الأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية تلك حقوق لا يمكن تجزئتها ولا يمكن اعتبار بعضها أهم من الأخرى , ونحن نحاول في هذه الحلقة أن ندق مع غيرنا ناقوس الخطر قبل فوات الأوان .
هذا وتأتي حلقة النقاش هذه بمناسبة الذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان, واليوم العالمي للإيدز وذلك بهدف تسليط الضوء على حقيقة الأوضاع الصحية في ظل تضارب المعلومات والحقائق, ومن ناحية أخرى تحديد مكامن الأسباب التي جعلت من مدينة تعز بؤرة لتفشي الأمراض الخطيرة والوبائية فيها, وحشد الجهود الحكومية وغير الحكومية وقيادات المجتمع المدني لوضع خطة عملية وسريعة تعيد لسكان مدينة تعز بعض الاطمئنان. حضر الندوة عدد من ممثلي النقابات المهنية والطبية والثقافية والاعلاميين والاكاديميين والخطباء.