منذ بدايات الحركة الحوثية في مدينة صعدة اليمنية وهي تدعي المظلومية وتشكوا من الإقصاء والتهميش وتطالب بالعدالة القانونية بحق خصومها أو من تتهمهم بممارسة جرائم في حقها وفي حق أنصارها وناشطيها أو المحسوبين عليها وترفض أي حل ودي قبلي دون أن تقوم الأجهزة الأمنية والقضائية بالقبض على الجناة وإحالتهم للعدالة لينالوا جزاءهم الصارم لكنها اليوم وبعد أن اجتاحت العاصمة اليمنية صنعاء وأصبحت صاحبة الامر والنهي وتغلبت على خصومها عسكريا وسياسيا كما يحلو لها وصف ذلك أصبحت تسير على نفس خطى خصومها من حيث العادات والممارسات القبيحة والتي لا صلة لها بمبادئ الدولة المدينة أو بتلك الشعارات التي كانوا يستعطفون الناس بها وهي العدالة والمساواة والانتصار للمظلومين ومنع الاضطهاد والتمييز العنصري والطائفي بل ذهبوا إلى ممارسة أسوأ من ذلك. قضايا لا بد لها من عدالة في نظر الحوثي قضية حوث الذي قتل فيها 7 اشخاص من اسرة واحدة على يد مسلحين وهي جريمة بشعة لا يقوم بها إلا عتاة المجرمين ولا يقرها عقل أو شرع أودين أو ملة لكن جماعة الحوثي وانصارها والمتحالفين معها سارعوا إلى الصاقها بخصومهم دون التريث وانتظار نتائج التحقيق واستغلالها سياسيا بما يخدم أهدافها مطالبين بالعدالة والقصاص وهو حق محض لا نقاش فيه ولا جدال , ليسارع المكتب السياسي لأنصار الله بإدانة الجماعة لما وصفها ب"الجريمة، واتهم ما سماها "مليشيات حميد الأحمر بتنفيذها". وقال البيان الصادر عن المجلس في حينه : "ضمن الاعتداءات المتواصلة على المواطنين في بعض مديريات محافظة عمران، قامت ميليشيات حميد الأحمر صباح "يومنا" هذا – أي ذلك اليوم - بارتكاب جريمة وحشية ومجزرة مروعة، حيث اعتدوا على أسرة مسافرة أثناء مرورها في مديرية حوث، وهم يتناولون وجبة الإفطار في أحد مطاعم المنطقة". وحمل البيان "حكومة الوفاق المسؤولية الأولى عن حماية المواطنين المسافرين وتأمين الطريق الذي يربط صنعاء بصعدة في منطقة محدودة يسيطر عليها ميليشيات حميد الأحمر، والتي يعرف كل أبناء المنطقة، ومن يمر من تلك الطريق، ما ترتكبه تلك الميليشيات من نهب لسيارات المسافرين وتقطع لا يكاد يتوقف يوما واحدا، وقتل واعتداء على كل مار من تلك الطريق"، حد قول البيان , ودعا البيان من سماهم "الشرفاء والأحرار من أبناء تلك المناطق التي يعيث فيها حميد الأحمر وميليشياته المسلحة فسادا وإجراما، أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية والوطنية والقبلية، حتى لا تصبح مناطقهم مرتعا للفساد والإجرام، وتخويف المسافرين والتقطع للأبرياء والمساكين". ورفضت جماعة الحوثي أي حديث مع المتهمين وهم حميد الأحمر وحسين الأحمر رغم نفي مدير مكتب حسين الأحمر اتهامات بيان "الحوثيين" مطالبين بالعدالة والقصاص والأخذ بدماء المجني عليهم في مدينة حوث وهو منطق العدالة الحق الذي لا يجب أن يتم التراجع عنه ولو كان الجاني عبد الملك الحوثي نفسه أو رئيس الدولة نفسه لأنهم يعلمون أن الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" فكيف بهم اليوم وهم من ضمن القوى الكبيرة في البلد واصحاب النهي والأمر يعطلون حدا من حدود الله وهو القصاص ويلجؤون للتحكيم القبلي في قضايا جنائية مشابهة. التحكيم المخالف لمنطق العدالة ما كان في نظر الحوثي جريمة وحراما اصبح اليوم في افعالها عاديا ومباحا وما كانت تنتقده في خصومها مارسته عمليا وبأبشع صوره التي لا صلة لها بالعادات والقيم والأخلاق والدين الإسلامي الحنيف فعقب اجتياحها العاصمة صنعاء هاجم مسلحوها منازل المواطنين من خصومها ونهبها واستباحت خصوصيتهم والتشهير بها بطريقة أقل ما يقال عنها بأنها " قبيحة " ولا تمت لقيمنا واخلاقنا وديننا الإسلامي الحنيف بصلة بل هي اعمال تكاد تكون مشابهة بالأعمال البربرية والنازية ولا علاقة لها بتلك الشعارات التي كان الحوثي ولا يزال يرفعها حتى اللحظة من قبيل العدالة والمساواة وإنصاف المظلومين ومحاربة الفساد إذ يقول خصوم جماعة الحوثي " بأنه لا يوجد فساد أكبر وأبشع من الفساد الذي تمارسه الجماعة من نهب للبيوت واستباحة حرمتها التي حرمها الشرع الحنيف بما في ذلك منازل المتعاطفين معها كما حدث في مهاجمة منزل العميد الأحمدي وكيل جهاز الأمن القومي وسقوط العديد من القتلى والجرحى وبدلا من لجوء جماعة الحوثي لاستخدام سلطاتها كأمر واقع وتقديم النموذج التي ضلت تنادي به وتطالب به قبل استيلائها على العاصمة صنعاء بتقديم الجناة والمتهمين بمهاجمة منزل الأحمدي إلى الجهات القضائية ليقول القضاء كلمته لجأت إلى التحكيم القبلي وهو ما لم يكن متوقعا منها نظرا إلى قوة الشعارات التي كانت تنادي بها. وأشارت المصادر الصحفية في حينها إلى إن القائد الميداني للحوثيين أبو علي الحاكم والقيادي في حزب المؤتمر عارف الزوكا التقيا خلال مأدبة غداء وان الحاكم قام بالتحكيم القبلي في قضية الاعتداء الذي تعرض له منزل رئيس جهاز الامن القومي علي حسن الاحمدي واسفر عن مقتل ثلاثة اشخاص اثنان من الحوثيين واحد حراسة منزل الاحمدي , وذكرت المصادر الإعلامية إن عدد من قيادات ومشائخ الحوثيين يتزعمهم القايد الميداني للحوثيين ابو علي الحاكم وصلوا الى بيت الدكتور علي حسن الاحمدي رئيس جهاز الامن القومي لتحكيم قبائل العوالق وعدلو بندق "مقواد" العدل الثقيل بيد الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي للحكم في القضية كاملا واكدوا انهم غير راضين على ما حصل من مسلحيهم . وإذا كانوا غير راضين عما يحصل كما يقولون فكان الأجدر بهم تطبيق القانون وتطبيق الشعارات التي يرفعونها ولا يزالون حتى يرتدع العابثون ويتوقف الطائشون عن طيشهم وتحفظ بذلك أرواح الناس ومنازلهم وأموالهم ومن كان له دعوى في شيء من ذلك فالقضاء هو الفيصل بين الجميع وليس النهب والسلب والتشهير والاستقواء بالسلاح. هذه القضية الأولى أما القضية الثانية فهي اعتداء مسلحي جماعة الحوثي الذي تعرض له موكب فضل بن يحيى القوسي - قائد قوات الأمن الخاصة السابق - في نقطة تفتيش تابعة للحوثيين في منطقة قاع القيضي بالعاصمة صنعاء الأسبوع الماضي وبدلا من يجسدوا شعاراتهم الرنانة التي يتغنون بها على شاشات القنوات الفضائية ويقدموا الجناة للعدالة كما كانوا يطالبون ذهبوا لتحكيم قبيلة الحدأ مما بدر من مسلحيهم وهو ما قبلت به قبيلة الحدأ وأقرت بعده العفو عن المعتدين كبادرة لحفظ السلام وحقنا للدماء .. مؤكدين حرص قبيلة الحدأ على امن و استقرار الوطن الذي يمر بظروف استثنائية تستدعي تضافر كل الجهود و منع الانزلاق الى براثن العنف والفتن. أما القضية الثالثة وهي القضية الأبرز وحديث الساعة والمشابهة لحادثة مقتل الأسرة في مدينة حوث إن لم تكن الاشنع والأفظع وهي مقتل الدكتور الصيدلي وضاح الهتاري بدم بارد وأمام الملاء وهو اعزل ومسالم وبمدينة مستباحة هي تحت سيطرتهم وهم المسئولون الفعليون عن حفظ الأمن فيها وحفظ أرواح الناس ومنازلهم وأموالهم ومساكنهم بحكم الأمر الواقع هكذا يقول العقل والمنطق وبدلا من أن يطمئنوا الناس والمواطنين والمستثمرين والزائرين بتقديم الجناة إلى الأجهزة الأمنية والقضائية ليتولى التحقيق ويقول القول الفصل في القضية تشير المصادر إلى ان جماعة الحوثي حكمت والد وذوي الدكتور الصيدلي وضاح الهتاري من ابناء محافظة عدن والذي قتل برصاص مسلحي الحوثي وسط العاصمة صنعاء يوم الجمعة الفائت. واشارت المصادر الى انه تم الحكم على جماعة الحوثي بدفع دية لأولياء الدم، مشيرة الى ان اجراءات ومراسم الصلح الذي تم لا زالت جارية واضافت المصادر إلى ان والد الشهيد الهتاري قدم من محافظة عدن وقبل بالتحكيم تحت حكم الأمر والواقع ونظرا لغياب اجهزة الدولة التي كان الجميع يأملون بإنصافهم لكن والد الدكتور برر قبوله بذلك لإسكات الساسة والاعلام من المزايدة كما قال , وشدد على أهمية تدخل العقلاء في حل القضايا والسعي للصلح وإنهاء الخلاف بين الناس ونبذ الفرقة. محاكمة غير علنية ومن كل ما سبق فإن شعارات الحوثي التي كان يرفعها ولا يزال حتى اللحظة فإنها باتت تحاكمه محاكمة غير علنية من خلال ممارسته وافعاله التي تفضح زيف تلك الشعارات وأنها لا تستخدم ذلك سوى للمزايدة وتمويه الناس عن الأفعال والاهداف الحقيقية لهذه الحركة التي تمارس ابشع أنواع الانتقام والإقصاء والتهميش في حق خصومها وفي حق المختلف معها سواء كان فكريا أو سياسيا أو رأيا وهو ما تحكيه منازل وشوارع العاصمة صنعاء وتشهد به المؤسسات الخيرية والمقرات الحزبية والقنوات الفضائية التي نكلت بها جماعة الحوثي وصادرتها ولا تزال , وما يؤكد ذلك هو صمت الجماعة عن كل هذه الأعمال وعدم تنصلها مما حدث أو إدانة ذلك واستنكاره كأعمال منافية للشعارات التي تنادي بها الجماعة ناهيك عن أنها تتنافى مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان وتتنافى أيضا وهو المهم مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وتستوجب الإدانة والوقوف ضد هذه الممارسات بقوة وحزم من كل قوى المجتمع.