28/9/2006 ونحن نعيش أجواء شهر رمضان المبارك وبداية شهر الصوم والعبادة وشهر العتق من النار لمن أراد ذلك بصيامه وصلاته وتقواه سلوكاً وتعبداً وخشوعاً لله سبحانه وتعالى وتجنباً من المعاصي والمنكرات.. صياماً ليس عن الأكل والشرب فقط ولكن صياماً عن كل الشهوات ومحاسبة للذات وتقويماً لكل اعوجاج في النفس وذلك في السلوك الخاص والعام في المجتمع.. فيكون ذلك دائماً وأبداً فلا يحصر فقط في أيام أو شهر رمضان وذلك لأن الله سبحانه وتعالى موجود في كل يوم وكل شهر وكل ساعة ، فهو جعل من شهر رمضان وقوفاً مع النفس ومحاسبة لها عما صنعت وفعلت في ماضيها وما ستعمله في حاضرها ومستقبلها.. ولكن للأسف الشديد يدخل علينا شهر رمضان ويخرج وليس لنا منه إلا الجوع في النهار والتمتع بما لذ وطاب في الليل وتمضية السهرات والمرح بمشاهدة القنوات الفضائية وفي المقابل نخوض فيما يجوز وما لا يجوز إلا من هداه الله وسدد خطاه فإنه يخرج مع رمضان من الفالحين وهؤلاء هم القلة لم تشغلها أمور الدنيا وفهمت معنى الصيام والمغزى الحقيقي منه وإنه ليس فقط امتناع عن الأكل والشراب فقط. والحقيقة لقد أحسنت وعملت خيراً اللجنة العليا للانتخابات بتقديم موعد الانتخابات الرئاسية والمحلية وعملية الإدلاء بالأصوات إلى ماقبل شهر رمضان فهي بذلك ساعدت الناس على أن يصوموا بعيدآً عن النفاق والملق المفتعل والكذب غير المبرر الذي يحدث عند كل عملية انتخابية في بلادنا أو غيرها، فقد كان ذلك سيخرج صيام المواطنين وكثيراً ممن لا يعون معنى الصيام إلا أنه جوع في النهار والتمتع بما لذ وطاب في الليل. وهي بذلك ،أي لجنة الانتخابات راعت وساعدت الناس على أن يكون صيامهم صحيحآً ليس مجروحاً.. فكانت أفضل من اخواننا التجار وبالذات تجار المواد الغذائية وتوابعها.. الذين جعلوا شهر رمضان يدخل وقد التهموا كل رواتب ودخول ذوي الدخل المهدود من الموظفين والعمال وغيرهم من المواطنين، فقد بادر التجار إلى رفع الأسعار إلى حد غير معقول وغير واقعي دون مبرر سوى انشغال الدولة والمسئولين بالانتخابات والاستعداد لها والإشراف عليها، فشمر أولئك التجار عن سواعدهم وإذا بالأسعار ترتفع من الضعف إلى الضعفين وإلى ثلاثة أضعاف حتى أن المواطن لم يكفه راتبه الشهري ولا الراتب الإكرامية التي أمر بها الرئيس علي عبدالله صالح. وهذا ديدنهم دائماً عند قرب شهر رمضان أو أي عيد من الأعياد الدينية ، فبدلاً من أن يتقربوا إلى الله بالعمل الصالح ويخفضون أسعار سلعهم تعاوناً ومساعدة للناس ليدعوا لهم بالبركة وبنماء أموالهم يعملون العكس من ذلك.. فهم يريدون شدة المعاناة للناس وللعامة منهم ليكون ذلك زيادة بالثواب وطريقاً لدخول الصائمين الجنة من شدة المعاناة التي تسبب بها إخوتنا التجار الذين ليس عليهم لا حسيب ولا رقيب إلا الله وهم بذلك يضمنون الجنة للصائمين والأجر المتزايد والمتعاظم لهم بسبب ما عانوه من ضائقة المال وجشع التجار.. وهذا هو فعلاً منطق الطغاة والمتجبرين.. فهناك رواية تقول انه حدث لأحد الطغاة ويقال انه «الحجاج» أن خرج إلى الصحراء للإصطياد وفي الصحراء تاه ذلك الطاغية واستبد به العطش هو ورفيق له فجعلا يتخبطان هنا وهناك حتى شاهدا خيمة فاتجها إليها طالبين شربة ماء فخرج إليهما شاب في مقتبل العمر يحمل إناءً فيه حليب فشرب الحجاج حتى ارتوى ثم مد بالإناء لرفيقه وبينما الرفيق يشرب من الحليب إذا به يشاهد رأس ذلك الشاب يطير ويسقط إلى الأرض.. فصاح غاضباً بالحجاج قائلاً: اتق الله ينقذنا من العطش الشديد فتجازيه بالقتل؟ فيرد الحجاج قائلاً: لقد تحملت وزره وأهديته الجنة..!! وتجارنا يريدون أن يتحملون وزرنا نحن المسلمون في هذا البلد العزيز ليهدونا الجنة التي ستكون لنا جزاء تحملنا جشعهم ومعاناة الحرمان في شهر رمضان. ولذلك نقول لهم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء واتركوا قضية الجنة لله الواحد الأحد إلاّ إذا كنتم لا تؤمنوا باليوم الآخر ولابعذاب النار ، فهذه هي الطامة وعلى الدولة أن تريكم عذاب الدنيا الذي تستحقونه لنتأكد أن ذلك ما هو إلا شيء يسير من عذاب الآخرة وقانا الله منه.