محادثات مسقط .. اتفاق حول القيادي محمد قحطان دون الكشف عن مصيره .. لماذا حصل ذلك..؟    طيران عدن يكشف عن أسعار تذاكره ...هل يطيح بأسعار اليمنية ؟    نظام يمني قذر ينهج سياسة عقاب جماعي لتعذيب شعب الجنوب    خبير عسكري يعلق على المفاجأة التي أعلن "يحيى سريع" أنها ستحدث بعد 3 أيام!    الحوثيون يفرضون على طيران اليمنية أمراً لا يصدق!    كل الطرق تؤدي إلى الإمارات    صحفي سعودي: الحوثي "أخيرًا استوعب الدرس واستمع الكلام" وهذا ما سيحدث بعد مفاوضات مسقط    مؤسسة أكون للحقوق والحريات تنفذ جلسة دعم نفسي للمحتجزات في سجن البحث الجنائى بعدن    وزارة الشباب والرياضة تدين اقتحام مكتبها في وادي حضرموت بقوة السلاح    الجرادي: زيارة وفد الإصلاح للصين كبيرة ونوعية وتفتح آفاق للتعاون المشترك    البرازيل تتعادل مع كولومبيا وتضرب موعداً مع الاوروغواي في ربع نهائي كوبا امريكا 2024    استقرار أسعار النفط عند 86.31 دولار للبرميل    غداً..اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية لبحث سبل مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي    معارك ضارية بالشجاعية والاحتلال يعلن 23 إصابة جديدة بين جنوده    البنك المركزي يوقف تراخيص 7 منشآت صرافة مخالفة    مأساة في مارب.. احتراق نحو 60 مأوى في مخيم بن معيلي    روسيا تعمل لإقناع الحوثي بتجنب الملاحة الدولية والضرب في اللحم الأمريكي    عقب تحرك قبائل أبين وقطع الطريق الدولي.. أمن عدن يصدر بيانًا بشأن اختطاف ''الجعدني'' ويكشف معلومة حساسة بشأن أحد الخاطفين    لندن تستضيف اليوم نجمات العالم للجولف في سلسلة بطولة أرامكو للفرق    ماذا يجري في غزة ؟    عروس تفصل رأس عريسها عن جسده بعد اكتشاف مفاجأة في هاتفه!!    المناطق المحرر مصطلح يمني خبيث ردده الجنوبيين بغباء لمحو اسم وطنهم الجنوبي    في وادي حضرموت... طوق وإسورة.. وحزام عسكري يحيط برمز الدولة!!    وفاة مختطف تحت التعذيب في سجون مليشيا الحوثي شرقي تعز    مصانع شركات المياه المعدنية بصنعاء تبدأ إضرابا شاملا احتجاجا على جبايات المليشيا    تفاصيل ما حدث في حريب مارب خلال اليومين الماضيين.. سقوط البوابة الاستراتيجية وعملية عسكرية حاسمة للعمالقة    د.صدام: لا يمكن لأي حلولٍ جزئية أن تلبي تطلعات شعب الجنوب    الريال اليمني ينهار إلى أدنى مستوى في تاريخه .. وقفزة جنونية للعملات الأجنبية    محافظة جنونية تشهد معجزة خارقة للشيخ عبد المجيد الزنداني    وفد قريش يصل إلى العاصمة صنعاء !    دياز يرفض عروض السعودية    - اقرأ عن الطالب الاول في الجمهورية الحاصل على 100%في الشهادة الأساسية    -    غوليت: رونالدو يريد خطف الاضواء    الحوثيون يهددون ب"تطهير" مؤسسات الدولة اليمنية: حملة استئصال جديدة ضد المعارضين؟    حقيقة ظهور ابرز رجالات أبين مع مهدي المشاط    صاعقة رعدية تضرب منزلًا في محافظة الضالع وتُصيب شخصين    يورو 2024: تركيا تتخطى النمسا وتضرب موعدا ناريا ضد هولندا    رئيس انتقالي لحج يناقش اوضاع مخيم خرز للأجئين في مديرية المضاربة    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يُعزّي في وفاة الشيخ عبدالوهاب العبادي الحوشبي    بنما تتأهل الى ربع نهائي (كوبا امريكا 2024) للمرة الاولى في تأريخها على حساب بوليفيا    قناة السعيدة تنسب كلمات أغنية "غلط ياناس تصحوني وانا نايم" للفنان الراحل فيصل علوي    العرب وتقارب القنفذ    على طريق الانعتاق من الهيمنة الزيدية.. بيان صحفي بمناسبة إشهار منتدى أكاديميي تهامة    تعرف على 6 أسباب ستدفعك لتناول البصل يوميًا    اتحاد كأس الخليج يطلب من أهلي صنعاء تحديد ملعبه لمباريات دوري أبطال الخليج    إثر احتجاز المليشيا للطائرات.. الحكومة تعيد الحجاج العالقين إلى مكة للإقامة على نفقتها    "اقتحام وسطو واختطاف".. مؤسسات الأدوية في مرمى الاستهداف الحوثي    توجيهات مباشرة من الرئيس العليمي بشأن حجاج اليمن العالقين بالسعودية بعد اختطاف الحوثيين طائرات نقلهم    بلقيس فتحي تُثير الجدل مجدداً: دعم للصحراء المغربية يُغضب ناشطين يمنيين ويُعيد موجة مقاطعة سعودية    وفاة ابرز مذيع يمني بعد عقود من الابداع    شاهد : طبيب يكشف عن نبتة شهيرة تخفض السكر 50% خلال ساعتين    القبض على شخصين في شبوة لارتكابهما جريمة كبيرة في حق الحياة الفطرية    لودر: كارثة بيئية تلوح في الأفق مع غرق الشارع الرئيس بمياه الصرف الصحي وتهديد كارثة وبائية    اكبر كذبة في تاريخ الاسلام    الدحابشه يحقنون شعب الجنوب العربي بمواد مسرطنة    "الأنا" والوطن    الضالع تلحق الهزائم بالأتراك والزيود قبل 535 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تحت الرماد : هل يحاول صالح العودة للحكم؟
نشر في عدن الغد يوم 28 - 09 - 2014

الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح

علي عبد الله صالح (21 مارس 1942 -)، الرئيس الأول للجمهورية اليمنية منذ قيام الوحدة بعام 1990. وكان قبلها رئيس الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) منذ 1978إلى 1990. تعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ العام 1978 وحتي 25 فبراير 2012 وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب - الذين هم على قيد الحياة حاليا. انطوت فترة حكم علي صالح في 21 فبراير بانتخاب المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية اليمنية، كان قد تعرض لمحاولة اغتيال يعتقدا أنها من الداخل في جمعة 3 يونيو ومن ثم تم نقله فجر الأحد إلى السعودية لتلقي العلاج اللازم. يجدر بالذكر إلى أن موجة عارمة من المظاهرات الغاضبة قد هبت في كل أرجاء اليمن منذ منتصف يناير 2011، ولا زالت، لإسقاط نظامه الذي دخل عامه الثالث والثلاثين رغم أن راس النظام المتمثل بعلي عبد الله صالح قد خرج من السلطة، والتي اتهمه معارضوه بالسعي في قمعها عبر الأجهزة الأمنية. ويتهمه المتظاهرون بالتسبب بالتخلف والأمية والفقر والفساد الذي تعاني منه البلاد لسنين طوال.

حياته المبكرة
ولد علي عبد الله صالح في 21 مارس 1942 في قرية بيت الأحمر، منطقة سنحان، محافظة صنعاء، لأسرة فقيرة من قبيلة حاشد، وعانى من مشقة العيش بعد وفاة والده (وفي روايات أخرى "بعد طلاق والديه") في سن مبكرة. عمل راعياً للأغنام، وتلقى تعليمه الأولي في "معلامة" (كتاب) القرية، ثم ترك القرية عام 1958 ليلتحق بالجيش في سن السادسة عشرة.[بحاجة لمصدر]
يقول هو أنه "كان جندياً منذ يفاعته، وكذلك إخوته كانوا جنوداً. كان الجيش مهرباً من الفقر وسوء المعاملة". التحق بمدرسة صف ضباط القوات المسلحة في 1960. في 1963 رقي إلى رتبة ملازم ثان، وشارك مع الثوار في الدفاع عن الثورة أثناء حصار السبعين، بعدها التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات.


الطريق إلى السلطة
بعد توليه مسئولية قائد لواء تعز عاصمة الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، وثاني أكبر محافظات الجمهورية العربية اليمنية، أصبح علي عبد الله صالح معروفاً لدى القادة والمشائخ في اليمن الشمالي، وارتبط بعلاقة قوية مع شيوخ القبائل أصحاب النفوذ القوي في الدولة كالشيخ عبد الله الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني السابق.
في 1974 وصل إبراهيم الحمدي إلى السلطة بأجندة ثورية جديدة رافعاً مبادئ مختلفة تنحو منحى قوياً نحو التصالح مع النظام الحاكم في جنوب اليمن، وتبني رؤى اشتراكية للتنمية في اليمن الشمالي، والدفع في اتجاه الوحدة اليمنية، مما أدى إلى تقارب كبير مع النظام الجنوبي، والمد القومي العربي، كما أدى إلى ارتفاع شعبية الحمدي في الشارع اليمني الذي شعر بأن الحمدي يدفع اليمن نحو تنمية حقيقية تنعكس على المواطن العادي. وقد ساعده في ذلك عائدات المغتربين في السعودية والخليج. وقد كان مثل نظام الحمدي ضربة حقيقية لنظام المشائخ القبلي في اليمن هددت باقتلاعة في فترة قياسية.ولكنة فشل في ذلك وادى إلى كره المشائخ له
في 11 أكتوبر 1977 حدثت جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه عشية سفره إلى الجنوب لأجل توقيع اتفاقية بشأن الوحدة اليمنية، وسُجلت القضية ضد مجهول.يتهم ثوار فبراير 2011 الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالضلوع في جريمة الاغتيال، ويذهب البعض إلى أنه شخصيا من أطلق الرصاص ومن ثم توالت الطعنات على جسد الرئيس إبراهيم الحمدي.
خلف أحمد الغشمي الراحل إبراهيم الحمدي في رئاسة الجمهورية العربية اليمنية لأقل من سنة واحدة، وهو القاتل للحمدي بحسب المخابرات الجنوبية. ومن ثُم قُتل هو بدوره في مؤامرة غير واضحة الأبعاد بانفجار حقيبة مفخخة أوصلها له مبعوث الرئيس الجنوبي سالم ربيع علي، والذي أعدم بعد عدة أشهر في الجنوب. وبعد أقل من شهر من مقتل الغشمي، أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيس الجمهورية العربية اليمنية بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في 17 يوليو 1978م.


الوحدة اليمنية
كانت الوحدة اليمنية، ويُفضل الإعلام اليمني الإشارة إليها على أنها (إعادة تحقيق للوحدة)، الشغل الشاغل للثوار في شطري اليمن، وكانت من ضمن أهداف ثورتي الشمال والجنوب. خلال الأعوام التي تفصل الثورتين عن الوحدة لم يتوقف قادة الشطرين عن اللقاء وجدولة استراتيجيات الوحدة، وكان توقيع الاتفاق النهائي قريباً غير مرة، إلا أن مخططات معينة أوقفته بسبب الخلافات بين النظام الشمالي القبلي، والجنوبي الاشتراكي، ومعارضة السعودية.
بعد مقتل سالم ربيع علي، عانى النظام في الجنوب مشاكل واضطرابات عنيفة، هدأت نسبياً في سنوات الانفراج بين الشمال والجنوب بعد أن تولى علي ناصر محمد الرئاسة في الجنوب، واستمر الطرفان في التقارب، غير أن الحسابات بين الشيوخ في الشمال، والجهات الخارجية، والقادة الجنوبيين أنفسهم بسبب تقلقل النظام السياسي قادت إلى انفجار الوضع في الجنوب في حرب 13 يناير 1986 الشهيرة، والتي نتج عنها اختفاء عبد الفتاح إسماعيل، وفرار علي ناصر محمد إلى الشمال، ومقتل علي عنتر وزير الدفاع، وتولي علي سالم البيض الحكم في الجنوب. أدت التصفيات بين الرفاق إلى انهيار الأحلام الاشتراكية في الجنوب، وصدمت بشاعة الحرب ودمويتها الجنوبيين.
زار علي عبد الله صالح الجنوب بعد الحرب فاستقبله الشعب بالبشرى ما أعطاه الثقة بأن الوقت قد آن لقطف ثمار الجهد الوحدوي الطويل لكل القادة الذين سبقوه، فبدأت خطوات وحدة اندماجية متعجلة، واتفاقات حل نهائي، ولعبة توازنات دقيقة أدت إلى خروج علي ناصر محمد من اليمن نهائياً، حتى وقع في 22 مايو 1990 على إعلان الوحدة اليمنية مع علي سالم البيض رئيس الشطر الجنوبي، وبموجب اتفاقية الوحدة أصبح الشطران يمناً واحدة، وأصبح علي عبد الله صالح رئيساً لليمن الموحد، وعلي سالم البيض نائباً له، وأصبح لكل من حزبي المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني نصيب متوازن في السلطة.

اختلال التوازن السياسي
بعد الوحدة؛ ولمدة 4 سنوات، حصلت الكثير من القلاقل والمشاكل في شمالي اليمن وجنوبها، مع انتشار الفساد المالي والإداري، وتدني المستوى الأمني لأدنى درجاته مع وقوع الاغتيالات. إضافة لذلك؛ حصلت خلافات جمة بين علي عبد الله صالح ونائبه علي سالم البيض، وانتقل هذا الاختلاف إلى الحزبين الحاكمين آنذاك المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني مما أدى إلى انقسام في الصف واهتزاز الوحدة نفسها. وعلى الأرجح أن الوحدة كانت مستهدفة خارجياً من الأيام الأولى لقيامها، فاستمرت الاختراقات والاضطرابات إلى أن تفجر الوضع بأبشع صورة في مايو 1994 باندلاع حرب الانفصال.


حرب الانفصال
بعد الأغتيالات التي طالت مسئولي الحزب الأشتراكي في حكومة الوحدة وتواصل الحزب الاشتراكي مع اطراف خارجية وفشل الحزب الاشتراكي في انتخابات 1993م كانت صدمة للبيض وحزبة مماادى إلى ان وصلت الأمور في اليمن إلى الحد الأقصى، وفي حين اعتقد المجتمع الدولي ومعه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أن أي أفكار للانفصال الشامل هي أفكار غير ممكنة التحقيق لأن عقد الجنوب سينفرط إلى عدة دويلات متناثرة؛ صعقهم الالتفاف التلقائي لأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية خلف عدن كعاصمة للجنوب.
بدأت المناوشات في ابريل 1994 في شمال العاصمة صنعاء في معسكر الصمع وفي وادي دوفس بمحافظة أبين الجنوبية، ومن ثم تفجرت حرب دموية شرسة، عُرفت بحرب الانفصال، أو حرب الألف ساعة والبعض يرفض تسميتها انفصال ويفضل مصطلح انحلال لأن الوحدة تمت بين دولتين تتمتعان بالسيادة ومن ثم ليس انفصال بقدر ما هي عودة للوضع السابق.والوضع السابق هو ان اليمن واحدة منذ الازل ولم تحكم جنوب اليمن الا 23 عام من 1967م رحيل بريطانيا إلى1990م عام الوحدة ماعدا ذلك فاليمن دولة واحدة وتلك فترة لا تذكر في تاريخ الدول.

بقاء خطر الانفصال
يرفض صالح الإقرار بخطر الانفصال على بلاده، أو بتبعات حرب 1994 المدمرة على بلاده، فبعد حرب الانفصال، أُعيد صياغة المشهد السياسي اليمني بكامله، واستبعد منه الحزب الاشتراكي اليمني، في مقابل الصعود المدوي لحزب صالح، حزب المؤتمر الشعبي العام، وانعكست الحرب وأخطار الانفصال في عدم استقرار النظام سياسياً، والتهديد المستمر بانفصال حضرموت عن اليمن بدعم خارجي. أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية يشعرون بأنهم ظلموا، وأن بلادهم أصبحت غنيمة حرب، خصوصاً بعد الفتاوى المدمرة التي صدرت بحقهم في حرب 1994 وأهم هذه الفتاوى هي الفتوى المشهورة فتوى الديلمي، ولعل هذا ما حدا بمجموعة من المعارضين اليمنيين إلى إنشاء منتدى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية المطالب بالانفصال مجدداً. وطبعاً محافظة حضرموت الكبيرة والغنية بالنفط، والتجارة، والمكانة التاريخية المتميزة، والتي تشكل تهديداً خاصاً كونها مرشحة للانفصال عن اليمن، خصوصاً مع المساحة الجغرافية الكبيرة التي تحتلها، وبعدها عن العاصمة، وانفرادها بالعديد من المقومات الخاصة، كما أن دولاً أجنبية تلعب في هذا السياق.
وهُناك محافظات (منسية) مثل المهرة لا يبدو أنها تحتل موقعاً من الاهتمام اليمني. كما أن أبناء محافظة عدن قد بدؤوا بالتذمر علانية مما أصاب المحافظة من نهب مستمر للخيرات. بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن وجود العديد من القيادات اليمنية في الخارج يسمح بوجود معارضة قوية في الخارج مدعومة من مخابرات أجنبية، وهذه المعارضة قادرة على التأثير لسلخ أجزاء من اليمن عنها.
حاول صالح أن يخفف من هذه الضغوط، فأصدر عفواً عن قائمة الستة عشر الشهيرة في 2002، وهي قائمة قادة الانفصال المطلوبين في اليمن لأحكام الإعدام، أملاً في إعادتهم إلى اليمن ومنعهم من التحول إلى قوة كبيرة خارجها.


الحرب على الحوثيين
في 2004 شن النظام اليمني حرباً شرسه على الحوثيين في محافظة صعدة القريبة من الحدود السعودية والبحر الأحمر بحجة أنه ينادي بعودة النظام الإمامي الزيدي الذي قضت عليه ثورة 26 سبتمبر، وقال بعض الخبراء أن السبب الرئيسي وراء الحرب هو شعار الحوثيين المناهض لسياسات الولايات المتحدة.
نشرت العديد من الشائعات في ذلك الوقت منها أن الحوثي ادعى الأمامة والنبوة.
حاولت الدولة القضاء على الحوثي بسرعة لكنها فشلت نتيجة صعوبة التضاريس في المنقطة، دعى صالح إلى مصالحة مع المتمردين, وهناك من يعتبر الحرب من بدايتها نتيجة تراكمات السياسات الخاطئه التي ينتهجها النظام وهناك من يرجع سبب اندلاع الحرب هو رفض حسين الحوثي القدوم لصنعاء من اجل اعلان الولاء.
أثارت الحرب على الحوثيين أزمة في الدولة، فبسبب أصبحت البلاد مهددة بحرب طائفية، كما أن الدعم الذي تلقاه من جهات خارجية ومحلية جعل الأزمة تتضخم، خصوصاً مع التعاطف الذي لقيه من بعض الأحزاب اليمنية الرسمية، وجهات متشددة دينياً في الدولة, من الجهه الأخرى هناك من ينتقد النظام لتهييج الشارع وإعطاء الحرب غطاء طائفي من اجل حشد الدعم الشعبي لها بدلاً من محاوله ابقاء البعد الطائفي بعيداً عنها خصوصاً انها تزامنت مع الحرب الطائفية التي كانت مشتعله بالعراق.
أعلنت الدولة مقتل حسين بدر الدين الحوثي بعد معارك عنيفة في جبال صعدة لكن جثته لم تسلم لذويه ونشر الإعلام الرسمي صورة له وهو مقتول، واشارت العديد من المصادر والصحف إلى ان حسين الحوثي استسلم في النهاية ولكن القائد العسكري العميد ثابت جواس اطلق عليه النار وأرداه قتيلاً.
لكن هذه لم تكن نهاية الحرب، فقد قام النظام اليمني بشن ست حروب جديدة ضد الحوثيين كان أخرها الحرب التي شنتها النظام اليمني بدعم عسكري ومالي سعودي وكان يقودها من جهة الحوثيين الأخ الأصغر لحسين الحوثي عبد الملك الحوثي.


الديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان
اعتمد الرئيس علي عبد الله صالح خيار الديموقراطية واحترام الرأي الاخر منذ تحقيق الوحدة عام 1990 وأصبح أول رئيس يمني ينتخبه الشعب مباشرة في انتخابات 1999، حيث تم تأسيس العديد من الاحزاب على اسس فكرية كحزب المؤتمر والحزب الاشتراكي وحزبي البعث، وأخرى إسلامية تنظيمية كالتجمع اليمني للإصلاح وهو أكبر أحزاب المعارضة وأقواها وأخرى على اسس طائفية كحزب الحق وغيرها. ولالقاء الضوء على خارطة الاحزاب اليمنية في ادناه تسلسل الاحزاب حسب أهميتها:
 حزب المؤتمر الشعبي العام
 حزب التجمع اليمني للإصلاح
 الحزب الاشتراكي اليمني
 حزب التحرير

دخل علي عبد الله صالح انتخابات 22 سبتمبر 1999 يواجه مرشحاً وحيداً، اختير بعناية، فبعد أن رفض البرلمان كل المرشحين الآخرين، قبل أخيراً نجيب قحطان الشعبي نجل الرئيس الجنوبي الأول قحطان الشعبي، والذي كان عضواً في المؤتمر الشعبي العام، ليؤمر بالانشقاق والترشح ضد صالح فكان دمية جورب وفق النظرة الغالبة في اليمن. ومع تعيين صالح وزيرة لحقوق الإنسان، فإن حقوق الإنسان في اليمن في انخفاض مستمر، بسبب تسلط العسكر والشيوخ على المواطنين، وأحكام السجن الاعتباطية، كما إهدار أرواح المواطنين بشكل لا آدمي، وبرغم من حملة صالح للتخلص من السجون الخاصة بالشيوخ في أواخر التسعينات إلا أن ذلك لم يؤد إلى ردع شيوخ القبائل في اليمن، فلا تزال العاصمةصنعاء تشهد من حين لآخر مواجهة بين شيخ وآخر، أو مع قوات الأمن، ومن أشهرها معركة أبناء الأحمر مع قوات الأمن اليمنية قرب السفارة الفرنسية، وقيامهم بقطع الطريق. سجلت اليمن بعض التجاوزات في اعتقال الصحفيين على خلفية تجاوزهم لقانون الصحافة والنشر وضوابط نقابة الصحفيين واستخدام الصحافة ورقة بيد الاحزاب بعيداً عن المهنية، وتم على اثر ذلك إغلاق بعض الصحف ومصادرتها. وكان أشهر الصحف التي تعرضت لملاحقه منظمة من قبل الدولة هي صحيفة الأيام والتي كانت أكبر صحيفة يومية في اليمن فمنذ العام 1998 تم ملاحقة الصحيفة قضائياً وكانت وزارة الأعلام تقوم برفع العديد من القضايا ضد الصحيفة بشكل سنوي حتى تم اغلاقها بالقوة العسكرية في 4 مايو 2009. وعلى الرغم من اعتماد حرية الاعلام في القانون اليمني إلا أن نظام الرئيس صالح قام بملاحقة الصحفيين وقمعهم بشكل وحشي ومنظم وصل حد القتل خصوصاً بعد اندلاع الثورة الشبابية ضد حكمه في العام 2011.. وكان الهجوم على دار صحيفة الايام في عدن في 12 مايو 2009 و5 يناير 2010 مثال صارخ لتلك الوحشية حيث استخدمت قذائف الأر بي جي ضد المبنى الذي يأوي ملاك الصحيفة وتم محاصرهم عسكرياً لمدة 3 ايام.


إعلانه عدم الترشح لولاية ثانية
رغم تعديل الدستور في 2003 واعتبار ولاية صالح الحالية ولايته الأولى، ما يمنحه الحق في الترشح لولاية ثانية مدتها سبع سنوات، أعلن في حفل بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لتوليه السلطة نيته عدم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة في 22 سبتمبر 2006، وأدى إعلانه إلى حالة توتر شديدة. خرجت مظاهرات شعبية، وحملات لجمع التواقيع فيما اعتبرته المعارضة مسرحية سياسية تهدف لحشد التأييد الشعبي لصالح، وخرجت مقابلها مظاهرات أيدت عزمه عدم الترشح لولاية جديدة، لكن الأمر بقي معلقاً، ففي أي لحظة يستطيع العودة عن قراره، خصوصاً وأن حزبه تمسك به كمرشحه للرئاسة في الانتخابات المقبلة، وأن المعارضة لم تقدم أي مرشح.
في المؤتمر الاستثنائي لحزب المؤتمر الشعبي العام، أعلن الرئيس علي عبد الله صالح في 21 يونيو 2006 أن قراره ليس مسرحية سياسية، وأنه جاد في عزمه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن على حزبه أن يجد مرشحاً بديلاً له، لكنه عاد للترشح في وقت لاحق.
وترشح صالح ضد بن شملان الذي رشحته أحزاب اللقاء المشترك وفاز صالح لفترة رئاسية جديدة.
في 11 ديسمبر 2010 تقدمت الكتلة النيابية للحزب الحاكم الذي يترأسه صالح بمشروع قانون يقضي بالسماح لصالح بالترشح لفترة رئاسية قادمة، بل ويلغي تحديد مدة الرئاسة والذي عرف حينها بمشروع تصفير العداد وسماه البعض (خلع العداد) إلا أن أحزاب المعارضة الرئيسية والمنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك أعلنت مقاطعتها لجلسات البرلمان واعتبار مشروع التعديلات انقلابا على الدستور ومضامين الجمهورية.
وبعد نجاح ثورة الشعب التونسي 14 يناير 2011 وبعدها ثورة الشعب المصري 11 فبراير 2011 وخروج الشعب اليمني بمسيرات قدرت بالملايين تطالب برحيل صالح عن الحكم أعلن عن عدم نيته الترشح لانتخابات 2013 وكذلك عدم نيته التوريث لنجله أحمد والذي يشغل منصب قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة كما اعلن تجميد مشروع التعديلات الدستورية.


الاحتجاجات اليمنية
هي احتجاجات مطلبية بدأت بشكل متقطع منذ 3 فبراير/شباط عام 2011 م ثم تُوّجت بيوم غضب في يوم الجمعة 11 فبراير/شباط عام 2011 م (وهو يوم سقوط نظام حسني مبارك في مصر). تأثرت هذه الاحتجاجات بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011 م وبخاصة الثورة الشعبية التونسية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي. كما ازداد زخمها بعد نجاح ثورة 25 يناير المصرية وسقوط نظام حسني مبارك يوم الجمعة 11/2/2011 م. قاد هذه الاحتجاجات الشبان اليمنيون بالإضافة إلى أحزاب المعارضة للمطالبة بتغيير نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ 33 عاماً, والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
بالمقابل، يرى آخرون أيضًا أنَّ الرئيس علي عبد الله صالح يمثل صمام الأمان لما تمر به المنطقة والبلاد اليمنية تحديدًا في الوقت الحالي مثل خطر وشبح الانقسام بعد استمرار المظاهرات المطالبة بالانفصال حتى خلال فترة (الازمة)، وهكذا تحركات القاعدة، والتحركات القبلية والانشقاقات الحزبية والعسكرية، فيرى هؤلاء أنَّ تسليم الدولة في مثل هذه الظروف يعني خيانة الوطن والتخلي عن مسئوليته أمام الله ثم الشعب وأمام التأريخ الذي سيسطر هذه الفترة التأريخية بعناية تامة نظرًا لأهميتها في التحولات الأيدولوجية في المنطقة العربية والإسلامية.


أنباء عن محاولة اغتيال
في 3 يونيو 2011 وبعد حشد أنصاره في جمعة أسموها جمعة الأمن والأمان، في الوقت الذي اسماها شباب المعارضة جمعة الوفاء لتعز الصمود، تمت محاولة اغتيال الرئيس اليمني في مسجد دار الرئاسة. اتهم الإعلام اليمني أنصار الشيخصادق الأحمر - شيخ حاشد بارتكاب ما أسمته بالجريمة بينما نفى مدير مكتب صادق الاحمر"عبد القوي القيسي"من خلال الجزيرة أي صله للهجوم.
لكن في صحيفة الثورة الرسمية اتهمت تنظيم القاعدة بتدبير محاولة الاغتيال.
،وفي صوت يعتقد بأنه للرئيس على عبد الله صالح وبعد ساعات من الحادث أكّد فيه أنه بخير، وأشار في رسالة صوتية وجهها مساء الجمعة، إلى أن الهجوم الذي استهدفه وقع أثناء جهود وساطة مع أبناء الأحمر.
في عصر الجمعة 3 يونيو 2011، اكتنف مصير الرئيس علي عبد الله صالح غموضاً إثر أحداث ما سمي بثورة الشباب اليمنية المطالبة برحيله، وفي فجر يوم الاحد الخامس من يونيو من عام 2011 أعلن الديوان الملكي السعودي وصول الرئيس اليمني للأراضي السعودية لتلقي العلاج جرّاء الإصابات الناتجة عن محاولة اغتياله وتكهن الكثيرون بانه الخروج النهائي لصالح من صنعاء.
يرى آخرون أن ثمة مشاركة قام بها أولاد الاحمر مع احزاب اللقاء المشترك لترهيب ثورة الشباب اليمنية وفي فجر الأحد الخامس من يونيو من عام 2011 أعلن الديوان الملكي السعودي وصول الرئيس اليمني للأراض السعودية لتلقي العلاج من الاصابات الناتجة عن محاولة اغتياله وتكهن الكثيرون بانه الخروج النهائي لصالح من صنعاء.
في السابع من يوليو 2011 وهي ذكرى انتصار قواته (التي أسماها الرئيس بقوات الشرعية على الانفصاليين في الجنوب بحسب مسميات الحزب الحاكم) ظهر الرئيس صالح في فيديو مسجل من السعودية ووجهه به حروق ولا يستطيع تحريك يديه وتظهر عليه آثار الارهاق والقى كلمة موجهة للشعب اعلن فيها انه اجرى ثمان عمليات جراحية ناجحة وقدم الشكر للمملكة العربية السعودية واثنى على جهود نائبه عبدربه منصور هادي. بعد هذا الظهور بيومين ظهر ثانية بصورة أفضل وبوضع صحي أحسن مما أكد أن التصوير الذي تم بثه من يومين كان مسجلا بتاريخ سابق بفترة، حيث ظهر في هذا التصوير يحرك يديه ورجليه ومرتديا لبدلة رسمية، فيما كان قد تكهن عدد كبير من المعارضين بأن الرئيس قد أصيب بالشلل بعد مشاهدتهم للظهور الأول للرئيس صالح.
وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من سبتمبر 2011 وبعد اكتمال علاجه عاد إلى اليمن. وفي 23/1/2012 غادر اليمن إلى سلطنة عمان ومن ثم إلى الولايات المتحدة للعلاج وقد سلم نائبة عبدربة منصور هادي صلاحياتة الدستورية لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد.


نهاية حكمه رسميا
إنتهى كرئيس للجمهورية دستورياً وقانونياً في يوم السبت 25 فبراير من عام 2012م، بعد انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية اليمنية وبعد أداء عبد ربه منصور هادي القسم امام مجلس النواب طاوية صفحة (علي عبد الله صالح) في رئاسته لليمن، لاكثر من 33 سنة.




المزيد
ترجمة / مهدي الحسني

في صباح مشرق مطلع عام 2012 ترجل علي عبدالله صالح من السيارة الفاخرة (الليموزين) التي كانت تقله وبخطى واسعة تجاوز عدد من الأبواب نحو قاعة قصره الرئاسي. جلس أمامه على الكراسي الفخمة المطلية بلون الذهب حشد من مسؤولين في الأحزاب، زعماء قبليين، قادة عسكريين وصحفيين أجانب. بدا صالح متعباً. كان مرتدياً بدلة سوداء وربطة عنق بنفسجية، فوضع يداه برقة على منبر الخطابة الواقع أمامه، تلك اليدين التي اختفت تحت قفازات صفراء لحماية الحروق التي تعرض لها جراء التفجير الذي مزق مسجده الرئاسي العام الذي سبقه.

"ندعو كل أبناء الوطن للوقوف صفاً واحداً إلى جانب القيادة السياسية من أجل إعادة بناء ما خلفته هذه الأزمة. " هذا ما قاله صالح بينما كان هناك شخص يساعده في تقليب صفحات خطابه.

وأضاف " الآن أسلم راية الثورة والجمهورية والحرية والأمن .. إلى أيادي أمينة".

ثم التفت إلى يمينه وقام بتسليم العلم ذو الثلاثة ألوان الذي ثني بعناية إلى الرجل الذي يقف بجواره.

"نحن ندعم الرئيس الجديد من أجل الأمن والاستقرار. نعلم أن المسؤوليات الملقاة على عاتقه جسيمة، ونأمل أن يعالج تداعيات الأزمة .. أود أن اؤكد لك سيادة الرئيس هادي بأننا نقف إلى جانبك في الرخاء والشدة" وانفجرت القاعة بالتصفيق.

كان من المفترض أن تكون مناسبة تاريخية. بعد 33 عام في الحكم، يتنحى صالح ويسلم السلطة لعبدربه منصور هادي، الرجل الذي عمل نائب له فترة طويلة من الزمن. تجنبت البلاد الحرب الأهلية و تمت الاستجابة لمطالب المحتجين. كان ذلك أول انتقال سلمي للسلطة في تاريخ اليمن الموحد.

لكن الصورة من الحفل التي نشرت في الصحافة اليوم التالي حكت قصة أخرى أكثر تعقيداً وإزعاجاً. تظهر الصورة صالح وهادي وهما يبتسمان، هادي، 66 عام بدا أكثر تركيزاً، وكانت عيناه على العلم الذي بين يديه. أما صالح الذي كان يرتدي بدلة أكثر رشاقة ولونها أكثر قتامة من بدلة هادي، ظهر في الصورة وهو يحدق بعيداً من خلال عدسات نظارته المعكسة، مديرا ظهره للزعيم الجديد.

ما حدث في القصر يوم 27 فبراير لم يكن عمل نظيف، لم تكن عملية انتقال سلطة نظيفة كما أرادتها السطات اليمنية. وعوضاً عن ذلك شهد ميلاد منافسة شخصية شديدة وعميقة مازالت مستمرة منذ عامين ونصف تربك جهود اليمن نحو الديمقراطية وتهدد بتمزيق البلاد. اليوم حكاية اليمن هي حكاية رجلين … دكتاتور مخلوع مراوغ حسود مازال طليق ونائبه السياسي خفيف الوزن العازم على الخروج من ظل سلفه إلا أنه يخشاه إلى حد الذعر كما يقول بعض مساعديه السابقين.
الوضع السياسي يتدهور في اليمن. وعلى الرغم من الحوار والإصلاحات ووعود الانتخابات، فإن البلاد فشلت في علاج كسورها السياسية العديدة - حركة الانفصال في الجنوب و عنف فرع تنظيم القاعدة وارتفاع الأسعار و جيل من الشباب المحبط. العملية السياسية التي اختزلتها الصورة تبدو مفككة.

لأكثر من شهر حاصر الآلاف من أنصار الحوثيين، وهي جماعة شيعية متمردة تتمركز في منطقة صعدة الشمالية، حاصروا العاصمة صنعاء. نصبوا الخيام وأقاموا المسيرات وقطعوا الطرق الرئيسية، بحجة معارضتهم لقرار رفع أسعار المشتقات النفطية وفساد الحكومة. يتهم النقاد الحوثيين بمحاولة السيطرة على الحكم وتأسيس دولة شبه مستقلة خاصة بهم في الشمال.، الأمر الذي ينكره الحوثيون.

الحكومة في موقف دفاعي والعاصمة مشلولة والحوثيون يرفضون التراجع. وبحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية "اليمن عند مفترق طرق هو الأخطر منذ 2011".

معظم التقارير تتحدث عن وجود طرفين متصارعين: الحوثيون وهم قوة محاربة مستمرة في التوسع، ويغتنمون كل فرصة متاحة للسيطرة على الأرض وعلى حصة في السلطة مستقبلاً مستغلين حالة الإحباط التي يشعر بها اليمنيون الذين لم يلحظوا أي تغيير يذكر منذ الثورة. والطرف الآخر يتمثل في الحكومة التي يقودها هادي والتي تواجه صعوبة في جمع الحوثيين وباقي الأطراف اليمنية الأخرى في عقد اجتماعي جديد.

هذا السرد (التقرير) لا يبسط المسألة فحسب، بل يغفل عن سيناريو محفوف بالمخاطر يتكشف على الأرض. يغيب عن الصورة لاعبين: أولا حزب الإصلاح، النسخة اليمنية لتنظيم إخوان المسلمين، وهي جماعة ذات غالبية سنية، غنية وعالية التنظيم، انضمت إلى احتجاجات 2011 وسيطرت على نصف مقاعد الحكومة الانتقالية. حزب ومنذ فترة طويلة لم يثق في الحوثيين ويتهمونهم بمحاولة إقامة مملكة شيعية على الطريقة الإيرانية في الشمال. معظم القتال الدائر في صنعاء ومحيطها لا يشارك فيه الجيش اليمني، لكن وبحسب مسؤولين أمنيين فإن ميليشيات موالية للإصلاح تشارك في القتال ضد الحوثيين المعتدين على معاقلهم.

اللاعب الثاني هو علي عبدالله صالح. بعد تسليمه السلطة للرئيس هادي في 2012، أخلى صالح القصر لكنه لم يتقاعد كسياسي. وعوضاً عن ذلك ووفقاً للاتفاقية (المبادرة الخليجية) التي تبنتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، تم منحه حصانة من الملاحقة القضائية وسمح له بالاحتفاظ بلقب رئيس الحزب الحاكم. يعيش صالح اليوم في مجمع شديد الحراسة يقع في شارع شديد الازدحام في العاصمة حيث يستضيف اجتماعات يومية مع كبار الشخصيات الأجنبية و شيوخ القبائل. كثير من العسكريين ما زالوا يدينون له بالولاء.

يقول أنصار صالح أنه لا يتدخل في شؤون البلاد ويلقون باللوم في هذا المأزق على الرئيس هادي، الذي يقولون أنه يركز السلطة والحكم في أيادي أفراد بدلاً عن المؤسسات. لكن دبلوماسيون و أعضاء في المعارضة ومحللون تحدثوا لميدل أيست آي قدموا تفسير مغاير. صالح ليس طرف محايد وهو متورط في الصراع الدائر بحسب قولهم. ويتهمون صالح بتقديم الدعم ضمينا او بشكل مباشر للحوثيين، وهي الجماعة التي قاتلها لسنوات إبان فترة حكمه، في مسعى لإضعاف هادي ورسم طريق لعودته إلى الحكم.

"الحوثيون لم يصلوا إلى صنعاء بدون مساعدة صالح الذي قال لأنصاره أن يرحبوا بالحوثيين ويوقعوا معهم الاتفاقيات" كما يقول دبلوماسي مشارك في جهود المفاوضات بين الحوثيين والحكومة والذي رفض الكشف عن اسمه نظراً لحساسية الأمر.
ويضيف الدبلوماسي "استراتيجية صالح أن يورط الحكومة مع الحوثيين لإثبات أن هادي رئيس فاشل وأن الوضع خرج عن السيطرة. الوضع خطير جداً. الظروف مهيئة لعودة صالح والقيام بانقلاب والسيطرة على الحكم".

وبحسب مستشار إعلامي سابق للرئيس صالح ويعمل الآن كصحفي والذي تحدث لميدل ايست آي شريطة عدم ذكر اسمه عن الطبيعة الشخصية جداً لتصرفات صالح.

"صالح يشعر كثيراً بالمرارة. إذا قلت أن ما حدث في 2011 ثورة فإنه يغضب. هو يقول أنها انقلاب وأن خصومه هم من أطاحوا بحكمه" بحسب الصحفي.

ويضيف "إنه يرى كيف تجاوز الرئيس السوري الأسد محنته وكيف عاد الجيش لحكم مصر. ويفكر لماذا لا يحدث ذلك في اليمن أيضاً؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.