احبها بل واعشقها واعشق صمت وبساطة هذة المدينة واهلها التي لو كانت في اي مكان آخر في العالم لكان لها شأن آخر بسبب ما تملكه من مقومات تجعلها مدينة سياحية واستثمارية بامتياز... دائماً اتساءل: لماذا هذا الاهمال؟ لماذا هذا التجاهل؟ اين الاستثمار والمستثمرين عنها؟ اين الشاليهات، اين الحياة في الحديدة؟ تذهب اليها لتجدها مدينه صامتة حزينة راضية بقدرها.. تجد اهلها الطيبون وكأنهم قد استسلموا لقدرهم.. تجد الحزن وقد توزع في كل الأنحاء من حولك، فلا ابتسامة ولا ترحيب.. مع انك ابداً لن تشعر بغربة بينهم بل بالعكس تشعر كأنك واحدا منهم فقد تعودوا على وجود الغرباء بينهم، لكن بعكس اي مكان آخر يرحب بالسياح، أما هنا في الحديدة فتجد استقبالهم لك استقبالا هادءا، وكأن لسان الحال يقول- وجودك كغريب أو سائح لن يؤثر فينا، أو في منطقتنا..! تشعر بهم وكأنهم فقدوا الأمل... فهم راضون وراضون فقط... اتساءل لماذا هذا التجاهل؟؟ مدينة بهذا الجمال وهذا التاريخ وهذا التنوع وبهذه المساحات الواسعة والمياه المتوفرة.. وبهذه الشواطئ الجميلة والساحرة والبحر الرائع والشوارع الجميلة الممتدة التي اصبحت تطوق المدينة، وتلك الطريق الدولية الجديدة التي تمتد جنوبا بمحاذاة شواطئها التي تعتبر من اجمل واروع الشواطيء- ابتداء من قرية الطائف وغليفقة والفازة والخوخة ثم المخا فباب المندب وعمران وعدن.. في الحقيقة، الحديدة تجعلني دوما في كل رحلة اليها اتحسر واتساءل: اين وزارة السياحة منها؟! اين هيئة التنشيط السياحي؟! اين المستثمرين؟! عندما كنت في هولندا وكنت اشاهد بحرها- بحر الشمال- والاحظ عندما يبدأ الجو في التحسن اوعندما يقترب فصل الصيف تجد الجميع وقد بدأوا في التوافد على شواطئها من كل مكان للتمتع بمنظر البحر ونسيمه، وتجد المقاهي والمتاجر والمطاعم والمعارض وقد نصبت من جديد ويبدأوا في تقديم عروض صيفية ومسابقات في اي شئ، في الرقص، في الرسم، في كرة الطائره، في عمل بيوت من الرمل، وبازارات مفتوحة بانواعها على الشاطئ، فيستمتع الجميع وتستفيد المدن المطلة على تلك الشواطيء، وتحيا المنطقة، ويتقاطر العديد من كل انحاء اوروبا على الرغم من ان تحسن الطقس هذا لا يستمر الا ثلاثة اشهر تقريباً ليبدأ فصل الشتاء القارص، وتبدأ الثلوج بالتساقط وقبلها يتم نزع تلك المنشآت التي تم اقامتها من شاليهات ومطاعم ومعارض بما فيها الحمامات والتليفون وخطوط الانترنت.. الخ، ليتم اقامتها من جديد في بحر اسبوع من حلول الصيف القادم..!! وبالرغم من قصر فترة الصيف الا انها تستحق التعب، فهي تتيح فرص عمل للجميع وتنشط المدينة سياحياً وثقافيا واقتصاديا.. لماذا كل هذا الاهمال ولمصلحة من، بالنسبة لوضع الحديدة!!؟ لماذا هذا الإهمال بينما بامكانها ان تكون عروس البحر الاحمر الاولى، وتكون مدينة سياحية رائعة يقصدها الجميع خصوصا انها تتمتع بمقومات تجعلها منطقة سياحية بلا منازع، كما انها قد تكون مصدر اقتصادي مهم بسبب وجود الثروات الزراعية والصناعية، كما انها غنية بالثروات السمكية.. واكثر ما يميزها ايضاً انها تعتبر بوابة اليمن الغربية لأنها تطل من جهة الغرب على أهم وأقدم بحار العالم وألاكثر حيوية وأهمية وكثافة للحركة الملاحية البحرية العالمية، وهو البحر الأحمر.. لهذا فأن الحديدة كانت تعتبر من اهم مناطق الالتقاء بين اليمن والعالم من حوله عبر عصور التاريخ القديم والحديث، ولا احد يغفل مساهمات ميناء الحديده والموانيء القريبة لها مثل اللحية وميدي وغليفقة وفازة والخوخة والمخا في الماضي، ودورها النشط والفعال في حركة التبادل التجاري مع الكثير من بلدان العالم العربي والاسلامي والهند والصين.. فاين الحديدة الآن من كل هذا..! تاريخ الحديدة حافل بالنشاط، حيث يعود تاريخ مدينة الحديدة إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي عندما استخدمت من قبل كمحطةً يستريح فيها المسافرون، ومرسى للسفن وايضاً مكان لمن يريد للصيد.. ثم بعد ذلك بني فيها ميناء صغير وقرية، مع بداية القرن السادس عشر الميلادي، ثم اتسعت وتطورت لتصبح مدينة من مدن اليمن.. ولتصبح ميناء الحديدة من أهم المراكز التجارية في اليمن قبل أن يلفها النسيان في الفترة الأخيرة. فلماذا لا نعيد لها هذا الماضي الجميل!! ومع هذا يجب الا نغمط بعض الايجابيات التي يلمسها الزائر في الفترة القليلة الماضية ابتداء من الطرق الازفلتية الجديدة والتي تشكل الحزام الدائرى على المدينة والتوسع الذي تشهده الشواطيء الممتدة والواسعة والتي بدأت تكتض بالحركة والنشاط في الأيام الأخيرة. غير ان مدينة الحديدة تستحق ما هو أكثر بعد ان نسيها الوقت فترات طويلة.. أنها تستحق ان يقام على شواطئها الجميلة العديد من الشاليهات، تنظيم المهرجانات الغنائيه، والحفلات المتنوعة والمسارح، ودور السينما، ومدن الملاهي الضخمة، بما في ذلك اسواق تجارية كبيرة ومجمعات، ومهرجانات للتسوق... ستكون حقا مزارا لكل الاخوة من دول الخليج بل من كل مكان، وستنتعش اقتصادياً.. ولا احد منا ينكر الدور الكبير الذي تلعبه السياحة في اقتصاديات الدول، ولهذا يجب ان تحتل الحديدة مكاناً مرموقاً تستحقه كمدينة سياحية درجة اولى وان تحظى باهتمام خاص سواء من جانب الحكومة اليمنية او من جانب المستثمرين.. والمفروض ان تكون بتعاون كل الوزارات السياحية والثقافية والبيئية مع بعضها البعض، وان تكون هناك خطة متناغمة للدولة في تطوير وتنمية القطاع السياحي في الحديده والجانب التجاري ايضاً وتشجيع الاستثمار والمستثمرين وسيظهر الأثر الاقتصادي للسياحة بسرعة ذلك بزيادة الايرادات السياحية من النقد الاجنبي. فصناعة السياحة اصبحت هي الاكثر رواجاً في العالم كله وفي كل الدول وبلا استثناء، وبالرغم ان دور الدولة واضح في الحديدة ويتمثل في الطرق المرصوفة والشوارع المخططة الا انه رغم ذلك يجب ان تبذل الجهود الكبيرة في تنمية السياحة في هذة المدينة، وايجاد فرص عمل لأبنائها وجعلها قبلة للوافدين..!!