* مزاعم سحب السفراء فشلت في التسويق السياسي وتسعى للترويج الإعلامي * قطر لن تتخلى عن مبادئها ولا تلجأ للرد بالمثل على المواقف الطائشة * قطر تدفع ثمن مواقفها السياسية بمواجهة الحملات الإعلامية المسعورة * الزياني منذ شهرين ثمن الدعم غير المحدود الذي يقدمه الأمير للمجلس * أمين عام التعاون : دور قطر فاعل في مسيرة مجلس التعاون الخليجي * ولي عهد أبوظبي: مصلحة قطر مع دول التعاون وعلاقتنا فوق أي مزايدات * وزير الخارجية: أمن دول الخليج لا يتجزأ ونسعى لتعزيز التعاون المشترك * التزامنا بمبادئ مجلس التعاون لا يقبل المزايدة أو التشكيك أو الادعاء تحملت قطر على مدى تاريخها مسؤوليتها الوطنية في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة، فلم تلتفت لحملات اعلامية مضللة تروج للأكاذيب، ولم تبن مواقفها السياسية على النوايا والشكوك والهواجس. سياسة قطر معلنة .. ومبادؤها معروفة.. وانحيازها دوما لنصرة قضايا الأمة.. فهى كعبة المضيوم، وصوت العقل والحكمة الذي ينحاز للضعفاء، وصاحبة المبادرات والقرارات الشجاعة في نصرة الشعوب العربية، من القضية الفلسطينية وحماية القدس والأقصى .. إلى نزع فتيل الأزمات الدامية بين أبناء الوطن الواحد في فلسطين ولبنان إلى دارفور وتشاد أريتريا. وإذا كانت قطر تدرك أن عليها أن تدفع ثمن مواقفها السياسية بمواجهة المزيد من الحملات الإعلامية المسعورة، فإنها لن تقبل فرض آراء وسياسات ومواقف تتعارض مع مبادئها واستقلالية قرارها السياسي الذي تعتبره خطا أحمر لا يمكن المساس به. وقد أدرك العالم .. وفي منعطفات تاريخية عديدة أن قطر لن تتخلى عن مبادئها، ولا تلجأ للرد بالمثل على المواقف الطائشة والتصريحات المنفلتة، والتي سرعان ما تتكشف أهدافها الحقيقية ونواياها الخبيئة. هكذا تعاملت قطر مع البيان ثلاثي بسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة اعتماداً على مزاعم واهية وادعاءات غير منطقية .. ودون تقديم دليل واحد على صدق تلك المزاعم التي فشل البعض في تسويقها سياسيا، فراحوا يبحثون عن ترويجها إعلامياً. فالمدهش أن البيان الصادم بسحب السفراء بدأ بالآية 103 من سورة آل عمران بقوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) وتبعها بالآية 46 من سورة الأنفال (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) .. فيما لم يحمل مضمون القرار أي ملامح من الآيات التي تصدرته والداعية للوحدة ونبذ الفرقة، وعدم التنازع حتى لا تضعف قوة المسلمين .. ليبدو البيان بداية للفرقة التي تهدد مستقبل مجلس التعاون الخليجي بعد 33 عاما من تأسيسه في سابقة هي الأولى من نوعها. وقد توقف الكثيرون على اللغة المتشنجة والإدعاءات المطاطة التي حملها البيان والتي تدعي عدم التزام قطر "بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد" . فمتى تدخلت قطر في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر؟ ، وما الأدلة والأسانيد والوقائع التي تشير إلى دعم قطر لأي منظمات أو أفراد تهدد أمن واستقرار دول المجلس؟ وماذا يقصد البيان بمحاولة قطر للتأثير السياسي ودعم الإعلام المعادي؟ .. فمثل هذه المزاعم لا ترقى أن يحملها بيان موقع من دول تعرف مواقف قطر، كما أن التزام قطر بمبادئ مجلس التعاون لا يقبل المزايدة أو التشكيك أو الادعاء. من المهم هنا الرجوع لتصريحات الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أدلى بها في 10 ديسمبر من العام الماضي قبل توجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للمشاركة في القمة الخليجية بالكويت .. حين ثمن الزياني الدعم غير المحدود الذي يقدمه سمو الأمير لمجلس التعاون، مشيداً بدور قطر الفاعل في مسيرة مجلس التعاون الخليجي وإسهاماتها على صعيد العمل الخليجي المشترك والقضايا السياسية الإقليمية والدولية. وقبلها بستة أشهر أشاد د. الزياني بمضامين الخطاب الأول لسمو الأمير عقب توليه مقاليد الحكم في قطر خلفاً لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مؤكدا أن كلمة سمو الأمير للشعب تؤكّد دعم سموه بمسيرة العمل الخليجي المشترك والوصول بها إلى أعلى مستويات التكامل. وشدد د. الزياني خلال تصريحاته أيضا على احترام دولة قطر لجميع التزاماتها الإقليمية والدولية ما يُعدّ نهجًا حكيمًا وأيضًا يبعث على الارتياح لدى الجميع. كما يتبادر إلى الذهن أيضا تصريحات الفريق أول محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة التي قالها قبل أقل من شهر، والتي أكد فيها أنه لا خلافات مع قطر "قطر إخواننا.. قطر أهلنا وقطر جزء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأنا شخصيا لدي علاقة مميزة مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، ولدي ثقة كبيرة بالشيخ تميم في أنه يرى أن مصلحة قطر من مصلحة دول مجلس التعاون" ، مشيراً إلى أن "الاختلاف قد يحصل بين الأشقاء في البيت الواحد لكنه لا يمكن أن يفرقنا شيء عن أهل قطر إخواننا" . وأضاف: العلاقات الراسخة بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي أكبر من أن تتأثر بالأصوات والمزايدات المغرضة. وقبلها أكد هذا المعنى سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية في تصريحات ل الجزيرة وتلفزيون قطر الشهر الماضي حيث قال: "أمن دولة قطر من أمن دولة الإمارات والعكس صحيح، وأمن دول الخليج لا يتجزأ، ونحن في مجلس التعاون الخليجي نستمر دائما في عقد اللقاءات والمشاورات والحوارات من أجل إيجاد أفضل السبل لتطوير دولنا وتحقيق التعاون المشترك وتعزيزه في كافة المجالات بما يعود بالنفع على شعوب كل دول المجلس، أي أن أمننا واحد ومشترك ومترابط ولا يتجزأ، ونحن دائما نسعى إلى الحلول السلمية وإلى الحوار" . تلك هي سياسة قطر الثابتة والراسخة التي ركزها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في "العمل الدائم على تعزيز مجلس التعاون الخليجي وتحقيق التكامل بين دوله، والتضامن العربي وتطوير منظومة العمل العربي المشترك، لكي يكون للعرب كيان وصوت في هذا العالم" . بل إن سمو الأمير ذهب إلى أبعد من ذلك في أول خطاباته بعد تولي الحكم حينما قال: " لا حاجة للتأكيد أن قطر تحترم التزاماتها الإقليمية والدولية، فمن المعروف عن قيادة قطر أنها تلتزم حتى بوعودها الشفوية فضلاً عن العقود والمعاهدات، ولكن هنالك ما هو أعمق من هذا كله، نحن قوم نلتزم بمبادئنا وقيمنا لا نعيش على هامش الحياة ولا نمضي تائهين بلا وجهة ولا تابعين لأحد ننتظر منه توجيهاً.. لقد أصبح نمط السلوك المستقل هذا من المسلمات في قطر وعند من يتعامل معنا نحن أصحاب رؤية" . وقد أحسن مجلس الوزراء القطري حينما تجنّب في بيانه الوقوع في فخ اللغة المتشنّجة وردود الأفعال المنفعلة والمنفلتة، أو الرد بالمثل، فجاءت نبرته هادئة تؤكد أنه لاعلاقة للخطوة التي أقدم عليها الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، والإشارة إلى أن دوافع بيان الدول الثلاث تكمن في اختلاف المواقف حول قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون، مع التأكيد أن تلك المزاعم لا ترتقي لأن تكون اتهامات جديّة يمكن الرد عليها. ولم يتردّد المجلس في التأكيد على أن حرص قطر على روابط الأخوة بين الشعب القطري والشعوب الخليجية الشقيقة كافة يمنعها من اتخاذ إجراء مماثل بسحب سفرائها. فالتزام قطر الثابت بكافة المبادئ التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي لا يقبل المزايدة أو التشكيك أو الادعاء. وقد أثبتت قطر بمواقفها وحكمة قادتها ووضوح رؤيتها أنها أكبر من تلك العثرات، وأن عمق العلاقات التاريخية والإستراتيجية والسياسية الخليجية أقوى من الهفوات والمواقف المرتبكة غير المسؤولة، وأن صوت العقل والحكمة سينتصر في النهاية لقطع الطريق أمام دعاة الفتن، والمغامرين بمقدرات الأمة، والساعين لتمزيق علاقات ضاربة بعمق التاريخ. جريدة الراية القطرية