مرت اليمن خلال الفترة الماضية بالعديد من المتغيرات والمنعطفات التي أدت إلى إحداث ثورة على النظام السابق تناغماً مع الاضطرابات السياسية التي حدثت في المنطقة العربية .. سبق ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت بدورها على صناعة الإعلام إلى حد كبير. الأمر الذي يتطلب من الإعلام اليمني وفي ظل هذه الأوضاع الجديدة ضرورة إعادة تشكيل المنظومة الإعلامية بما يتسق مع المتغيرات الجديدة التي يشهدها الوطن اليمني والمجتمع العربي بشكل عام وأجدها فرصة هذه الأيام والحوار الوطني يشكل منظومة اليمن الجديد بكل مكوناته ، ويأتي على رأس ذلك الإعلام بما يمثله من محور أساسي وهام في المرحلة القادمة. إن الإعلام اليمني يعيش في لحظة راهنة وصعبة تتشكل فيها معالم اليمن الجديد وهذا يتطلب من المنظومة الإعلامية تغيير كل النظم القديمة التي لا بد أن تتحلل وتتفكك ويعاد صياغتها بما يتفق مع الأوضاع الجديدة. ومن هنا فإنني ومن خلال هذه الرؤية التي اطرحها بين يدي المسؤولين على هذا الجانب والتي أدعو فيها إلى ضرورة إيجاد رؤية إعلامية واتصالية حرة ومفتوحة ومستقلة من شأنها الانتقال بالإعلام اليمني من إعلام خادم للسلطة والنظام إلى إعلام يعبر عن الشعب اليمني بكل همومه ومشاكله. الرؤية الإعلامية للمرحلة الجديدة: إن وضع تصور لرؤية إعلامية لوطن انهكته الأحداث والصراعات وعاش في ظل الفوضى والاستبداد والفساد والرؤية الضيقة لمستقبل البلاد طيلة عقود ماضية لمهمة شاقة وصعبة خاصة حينما ندرك أن هدف وسائل الإعلام كانت تنتهج سياسة الترويج والتسويق لشخص واحد دون الاهتمام بالوطن في الوقت الذي كانت فيه جميع المؤسسات تعاني من شبه انهيار في البنية التحتية. وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه اليمن في المرحلة الراهنة. فاليمن اليوم في حاجة ماسة إلى رؤية إعلامية جادة ونمط إعلامي جديد ومن هنا فإن الرؤية الجديدة للإعلام اليمني يجب أن يأخذ في اعتباره روح العصر، وخدمة الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، وأن يكون إعلاماً معبرا ً عن ضمير المواطن وهمومه ويجسد هوية الوطن بكافة أطيافه وفئاته السياسية وأن يعكس روح وتطلعات الشعب اليمني .. ويمكن وسائل الإعلام اليمنية أن تخوض مرحلة المنافسة مع وسائل الإعلام الأخرى في المنطقة. كما أن المرحلة الجديدة تتطلب نظاما ً إعلاميا ً حديثا ً يسهم في تشكيل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يجب أن تتماشى مع الوضع الجديد الذي يشهده العالم. وعليه فإن الرؤية الإعلامية للمرحلة الجديدة يجب أن تقوم على التوجهات التالية: 1. بناء إعلام يمني يعبر عن الدولة المدنية الحديثة وذلك من خلال ما يلي: • تشجيع وسائل الإعلام واحترام حريته وإتاحة الفرصة أمام وجهات النظر المختلفة في مناخٍ من الاستقلالية والحرية والمسؤولية. • أن يكون الإعلام معبرا ً عن الوطن اليمني بكل شرائحة وفئاته وأن يعكس همومه وتطلعاته في المرحلة القادمة. • إتاحة الفرصة أمام جميع الوسائل الإعلامية الخاصة منها والحكومية بالقيام بواجباتها الإعلامية منطلقةً في ذلك من مبدأ المهنية والتميز والإبداع والحرية المسؤولة. 2. الدعوة إلى استقلالية وسائل الإعلام ودعم هذا التوجه من خلال: •المساعدة في استقلالية إدارة المؤسسات الإعلامية وعدم تبعيتها لأي جهة حكومية. • دعم استقلالية القرارات الإعلامية داخل المؤسسات. • فتح المجال أمام القطاع الخاص وتقديم التراخيص اللازمة للمشاركة في ملكية وسائل الإعلام. • تمكين جميع الوسائل الإعلامية داخل المجتمع من القيام بدور الرقابة على جميع المؤسسات والهيئات الحكومية منها والخاصة في جو من الحرية والاستقلالية. 3. الاهتمام بالجانب المهني في العملية الإعلامية وذلك من خلال: • إيجاد واستحداث قوانين وتشريعات إعلامية تلعب دورا ً في تنظيم العلاقة التي تربط المؤسسات الإعلامية ببقية المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة. • إيجاد القوانين والتشريعات الإعلامية التي تسمح فيها للإعلام الخاص بالظهور والانتشار . • توفير المناخ العام الذي يجب أن يسود ويزدهر فيه الإعلام اليمني . • تحديد أهداف واضحة لمستقبل وسائل الإعلام في المرحلة القادمة خاصة في ظل التنافس القائم . • الاهتمام بالجانب التدريبي للإعلاميين والعاملين في مجال الإعلام بما يتفق ومتطلبات المرحلة . • الأخذ بجميع التقنيات الحديثة وآخر ما توصلت إليه ثورة الاتصال وبما يسهم في تطوير وسائل الإعلام اليمنية . - الأهداف التي يجب أن تقوم عليها الرؤية الإعلامية فيالمرحلة القادمة: إن الوضع الراهن الذي تعيشه اليمن يتطلب تحديد أهداف نوعية لوسائل الإعلام بما يتفق مع المرحلة الراهنة وهي مرحلة التغيير، والإعلام يجب أن يواكب هذا الجانب حتى يستطيع أن يمارس دوره في صناعة الوعي الجماعي لدى الجماهير بعيداً عن التزييف والنفاق والفبركة والتضليل. إعلام المرحلة الجيدة بحاجة إلى إعلاميين مهنيين لهم رسالة وأهداف واضحة ومحددة تسعى لنشر ثقافة المجتمع المدني وثقافة المسؤولية الاجتماعية والحكم الرشيد ، إعلام همه الوحيد هو الكشف عن التجاوزات والفساد والاختلالات بكل اشكالها. المرحلة الجديدة تريد إعلاماً يحترم مطالب واحتياجات الشباب الذي خرج إلى الشوارع والساحات في مظاهرات يطالب من خلالها بحقه في العيش الكريم وفي الأمن والأمان والاستقرار والعدالة الاجتماعية. فالمهمة القادمة لوسائل الإعلام ليست بسيطة وسهلة ولكنها تتطلب مزيداً من الحسم والمسؤولية من قبل صناع القرار الذي يجب أن يؤمنوا بالصراحة والشفافية والديمقراطية، وبأن رسالة الإعلام هي المراقبة والاستقصاء والكشف عن الأخطاء والتجاوزات، وليس المدح والتطبيل . إن التغير في أهداف ورؤى وسائل الإعلام يتطلب تغييرًا في الذهنيات وفي الأفكار وفي أساليب العمل، وفي أشياء كثيرة جداً من أهمها قبول الرأي والرأي الآخر والنقد الذاتي والشفافية والديمقراطية، وإشراك الجماهير في تقرير مصيرها. ومن هنا فإن الأهداف الإعلامية التي يجب التركيز عليها في المرحلة القادمة هي: 1. إعادة ترتيب أولويات المجتمع واهتماماته في المرحلة القادمة. 2. السعي إلى تشجيع الانتاج المحلي من الدراما والبرامج الثقافية وبرامج المنوعات لترسم صورة إيجابية للمجتمع اليمني وقضاياه ومشاكله ، وتساهم في تلاحم اليمنيين أرضاً وشعباً . 3. قيام وسائل الإعلام ببناء ثقافة مجتمعية تجاه الكثير من القضايا داخل المجتمع حتى تساعد في إيجاد مواطن مدرك للتحديات التي تواجه وطنه. 4. التفاعل مع المجتمع والتناغم مع كل مشاكله اليومية وتسليط الضوء عليها والعمل على حلها. 5. المساهمة في نقل صورة إيجابية عن الوطن داخلياً وخارجياً والعمل على تغيير الصورة النمطية الحالية. 6. انتقاء وتوظيف الأكفاء من العاملين ومن ذوي الخبرات والقدرات الإعلامية القادرين على تسيير العملية الإعلامية بكل اقتدار. 7. الدفاع عن حقوق ومصالح الناس وإلقاء الضوء على الاختلالات الموجودة داخل المجتمع. 8. تفاعل وسائل الإعلام مع كل ما من شأنه مصلحة الشأن العام. 9. إفساح المجال أمام حرية الرأي والتغيير وإظهار وجهات النظر الأخرى التي تهمها مصلحة الوطن. وللحديث بقية. [email protected]