23/9/2006 ما إن يهل هلال رمضان إلا ويمسك المواطن على قلبه سواءً بسواء مع إمساكه عن الطعام والشراب.. لكنه لا يستطيع أن يغلق جيبه أمام متطلبات موسمية تجبره على إفراغ خزانته المالية التي مكث يضع فيها الريال بجنب أخيه الريال استعداداً لمصروفات الشهر الكريم. ومع أن رمضان فيه وجبتان فقط.. الإفطار والسحور إلا أن مفهوم «رمضان الصيام» تبدل لدى العديد من أجيالنا اليمنية المتعاقبة.. حيث تتسع المطالب والحاجات المنزلية.. وتنفتح الشهية لتنويع الوجبات من لحوم وحلوى على وجه الخصوص. وبدلاً من ان يكون رمضان محطة عبادية وصحية وتطهير من الآثام والأمراض.. إذا به يتحول إلى عبء ومحطة لاستغلال المواطن عبر التعبئة الإعلانية.. وترسيخ الثقافة التجارية التي تنمو في أيامه ولياليه، حيث تحول إلى رمضان للتجارة والإعلان.. فتجد أسواقنا اليمنية تعج بالباعة والمشترين.. وترتفع درجة حرارة الأسعار كلما اقتربنا من مطلع شهر الكريم أو توغلنا فيه. فالتجارة في هذا الشهر بالذات مكسب لا خسارة فيها.. وكل شيء يمكن شراؤه من الإبرة وحتى الثلاجات والغسالات وأنواع الكماليات، ناهيك عن ألوان الحلوى وأنواع الموائد والأطعمة الشعبية الخاصة بشهر رمضان. هذا الزخم في الموائد.. يجلب للمواطنين الهم والغم.. ويسحب رصيدهم من العافية والصحة في صورة متناقضة مع الغاية من فريضة الصيام. والأعجب أيضاً أن تنشط أسواقنا في البيع.. وتحقيق الأرباح حتى ولو على حساب أخلاق الدين التي دعا إليها الإسلام.. وحبب المسلمين كي ينالوا بها تقوى الله مع الصيام.. فالتاجر الذي يقسم أغلظ الأيمان أن سلعته اشتراها بألف ريال فيما هو فعلاً ابتاعها بالنصف منه.. لا يتورع أن يكذب ويلف ويدور مع الزبائن ليرتفع مكسبه الذي يدخل في الاحتيال والغش. وعلى هذا فإن تفسير مفهوم «رمضان للتجارة» لا بد أن يتم تفسيره تفسيراً صحيحاً.. بحيث تتفق مع الغاية والحكمة من فرضه على المسلمين، فالتجارة مع الله هي المكسب الأرقى والأفضل في الدنيا والآخرة.. فأن تتاجر وتكون أميناً صادقاً في البيع والشراء فذلك مشروع وحث عليه رب العالمين. وأن تراعي خلق الله فلا تغالي في الأسعار أو تحتكر السلع فتلك أيضاً تجارة رابحة مع الله.. أما أن تجعل رمضان سوقاً للكسب المشبوه والمشوب بالغش والتدليس على المشترين وأنت تعلم أن السعر الذي بعت به ظالم ومضاعف فقد ارتكبت جريمة في نظر القانون البشري. وهي جريمة عظيمة في القانون السماوي الذي وردت فيه آيات تحث على أن الصوم طريق إلى التقوى.. والتقوى توصل لمرضاة الله.. والمصير لهؤلاء المتقين الجنة.. وهي سلعة الله الغالية التي ثمنها مرضاة الله، الذي بوسع المغفرة لمن تاب في هذا الشهر.. ويعطي من الحسنات بلا حساب لمن أحسن البيع والشراء وخالق الناس بخلق حسن خلال أيام رمضان الكريم.