دُفعت مسرحية مغمورة نُشرت في القرن الثامن عشر إلى دائرة الضوء في اجواء من الترقب والتشويق حين اعلن خبير متخصص بأدب تلك الفترة ان الكاتب الاصلي للمسرحية هو وليام شيكسبير . ويقول برين هاموند بروفيسور الأدب الانكليزي الحديث في جامعة نوتنغهام البريطانية ان مسرحية "اكذوبة مزدوجة" Double Falsehood التي نشرها لويس ثيوبولد في العام 1728 هي نسخة محرَّفة من مسرحية "كاردينيو" التي كتبها شيكسبير لكنها اختفت بلا أثر. وكانت هذه المسرحية مشروعًا، تعاون فيه شيكسبير مع جون فليتشر الذي اصبح الكاتب المسرحي المقيم لفرقة "رجال الملك"، وارثًا هذا اللقب من شيكسبير نفسه. وقُدمت "كاردينيو" مرتين على المسرح في العام 1613 لكنها لم تصدر في نص مطبوع وضاعت في ثنايا التاريخ. وادعى ثيوبولد بعد أكثر من قرن ان لديه ثلاث نسخ من المسرحية ضاعت هي الأخرى لاحقًا. وقُدمت مسرحية "اكذوبة مزدوجة" وهي مأساة ملهاة رومانسية، في عام 1727. وعندما ادعى ثيوبولد ان اصلها مسرحية شيكسبير قبل فقدانها، عُدت دعواه نكتة. بعد عشر سنوات من البحث الأكاديمي اعلن البروفيسور هاموند انه توصل الى ما يثبت عائدية المسرحية الى شيكسبير مستندًا الى أدلة تاريخية وتحليل النص. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن البروفيسور هاموند قوله ان من المتعذر عقد مقارنة بين مسرحية "اكذوبة مزدوجة" ومسرحية "كاردينيو" بسبب ضياع المخطوطات "ولكن إذا نظرتَ في داخل النص تجد ان ثلاث ايادٍ اشتغلت عليه شيكسبير وجون فليتشر الذي تعاون معه وثيوبولد". واضاف ان بعض المفردات في مسرحية "اكذوبة مزدوجة" لا وجود لها في اي عمل من اعمال ثيوبولد وفليتشر الأخرى بل نحتها شيكسبير في مناسبات سابقة وهي خاصة به وحده. وفي حين استدرك البروفيسور هاموند بأنه لا يستطيع ان يؤكد عائدية المسرحية الى شيكسبير بصورة مطلقة فانه اضاف "اني على اقتناع بأنها عمل شيكسبيري". وقال ان هذه المشروع كان هاجسه على امتداد عشر سنوات "ويكفي ان تسألوا زوجتي وسهر الليالي التي كرستها لهذا الموضوع". قال البروفيسور جونثان بيتس من جامعة ووريك ان البحث الذي اجراه البروفيسور هاموند يثبت ان المسرحية "شيكسبيرية في جزء منها" في حين قال ستانلي ويلز محرر سلسلة شيكسبير التي تصدرها جامعة اوكسفورد ان هناك سببًا أوجه للاعتقاد بأن المسرحية تحتفظ بعناصر من اسلوب فليتشر اكثر من اسلوب شيكسبير "ولكن قد يكون هناك شيء من بصمة شيكسبير فيها". يقول مارك براون مراسل صفحة "فنون" في الغارديان ان قراءة المسرحية توحي بأنها عمل شيكسبيري ولكنها شيكسبير بعد التلاعب بالأصل. وذهب البروفيسور هاموند الى ان "اكذوبة مزدوجة" مسرحية مختلة وانها تصرف بنص شيكسبير الأصلي. وقال "ان ثيوبولد اسقط مقاطع لم يعتقد انها مناسبة ولكن هذا كان شائعًا، وكثيرًا ما كانت اعمال شيكسبير تُعاد كتابتها في القرنين السابع عشر والثامن عشر". وقفت الى جانب البروفيسور هاموند في تنسيبه مسرحية "اكذوبة مزدوجة" الى شيكسبير دار اردن للنشر. وقررت الدار ادراجها ضمن سلسلة اعمال شيكسبير المتخصصة بنشرها. واعلن محرر الدار ريتشارد براودفوت ان المسرحية ستكون في متناول القارئ للمرة الأولى منذ 250 عامًا. وقال ان البحث الذي اجراه برين هاموند "كان تحقيقا رائعا وهو منفتح تمامًا على الحقيقة الماثلة في ان هناك شيئًا من التكهن ولكننا كلانا نعتقد ان الكفة الراجحة في ميزان الشكوك هي لصالح القول بأنها عمل شيكسبيري حقيقي وليس فبركة". نُسبت نحو 77 مسرحية، كليًّا أو جزئيًّا، الى شيكسبير على مر السنين، نصفها تقريبًا كان تنسيبها خاطئًا. وهناك الكثير من النظريات والكتب التي تدَّعي ان مسرحيات شيكسبير كتبها ادوارد دي فير أو السر فرانسيس بيكون أو كريستوفر مارلو. يُقال ان "اكذوبة مزدوجة" ستُقدم على مسرح فرقة شيكسبير الملكية عندما يُعاد فتح مسرحها في ستراتفورد بعد ثلاث سنوات على الغلق. واعلن البروفيسور هاموند انه سيقدم خلال الأيام المقبلة أدلة دامغة تؤكد ان "اكذوبة مزدوجة" مسرحية معدَّة من مسرحية شيكسبير، "كاردينيو".