تستقطب الصحافة الورقية والإلكترونية الكثير من الشبان اليمنيين، وبات لافتاً تزايد أعداد الصحف والمواقع الإلكترونية التي أطلقها خلال العامين الأخيرين صحافيون شباب بالتزامن مع ارتفاع نسبة الملتحقين في كليات الإعلام. وبدا أن انحسار موجة الإقبال على تأسيس منظمات غير حكومية حل محلها إطلاق الصحف والمواقع الإلكترونية. والأرجح أن مهنة المتاعب صارت مريحة ومربحة في آن، لا سيما مع استمرار حدة الصراعات السياسية وما يضفيه بعض الجماعات السياسية على الصحافة من دور مبالغ فيه أحياناً. وعادة ما يأتي قرار إصدار صحيفة أو إطلاق موقع إلكتروني من دون تخطيط مسبق. وهو قد يراود بعض الشباب أثناء جلسة القات. وثمة من وجد في ذلك حلاً للبطالة، خصوصاً مع سهولة الحصول على الدعم. غير أن بروز الإصدارات الصحافية التي يشرف عليها شباب، لم يفض إلى تحول كبير أو ملمح شاب في أداء الصحافة اليمنية. فلئن أظهرت بعض هذه الإصدارات تميزاً محدوداً، إلا أن جلها ما زال مشدوداً إلى مادة الصحافة اليمنية التقليدية ولا يزال غير قادر على اجتراح قطيعة مع سلبياتها. وعلاوة على ملمح الانحياز الظاهر في المنشورات الجديدة، هناك أيضاً مفاعيل الاستقطاب والاصطفاف. والمفارقة تأتي من غياب القضايا الشبابية عن الصحف والمواقع الإلكترونية التي يشرف عليها شباب. ويبدو أن تزايد إطلاق مواقع على شبكة الإنترنت يعود إلى عدم وجود تشريع ينظم الصحافة الإلكترونية. لكن وفي الحالتين، أي الورقية والإلكترونية، يبقى العمل فردياً ويندر توافر الجهد الجماعي المؤسسي لهذه الإصدارات. الأرجح أن المناخ، الذي بقي منذ ستينات القرن الماضي يحكم توجهات الصحافة اليمنية، ما زال يؤثر على الإصدارات الشبابية. وبحسب الدكتور وديع العزعزي الأستاذ في كلية الإعلام - جامعة صنعاء، فإن غلبة الطابع السياسي ومثله الطابع الشخصي، من قبيل البحث عن الوجاهة والربحية، جعل من هذه الصحف نسخة عما هو عليه الواقع الصحافي السائد. ويقول العزعزي، الذي أجرى أخيراً دراسة تناولت أوضاع الصحف الخاصة في اليمن، إن غلبة النفوذ السياسي على الأداء الصحافي جعل الشأن السياسي يطغى على القضايا المجتمعية ومنها قضايا الشباب، موضحاً أن من عادة هذه الصحف أن لا ترسم أجندتها تبعاً لقضايا المجتمع، ومعتبراً الاستغراق في الهم السياسي والشخصي للإدارة الصحافية «واحدة من الإشكاليات التي تواجهها الصحافة اليمنية». وبدا أن صفات الارتجال التي تسم عمل كثيرين من اليمنيين تسحب نفسها على المشاريع الشبابية. ويتزامن هذا مع استمرار ضعف التدريب الصحافي، ويتساوى في هذا المتخصصون والطارئون على المهنة. وتسعى نقابة الصحافيين اليمنيين الى تضمين مشروع القانون الصحافي الجديد الذي تعتزم الحكومة إصداره، مواد تحصر منح تراخيص الصحف بالنقابة وتشترط حصول رئيس التحرير على مؤهلات جامعية. غير أن خريجي كليات الإعلام اليمنية ما زالوا محل انتقادات، إذ يعتقد البعض أنهم يحصلون على مجرد شهادات فقط وليس على «سر المهنة».