كان الشرط الأول ل نائب الرئيس اليمني سابقاً علي سالم البيض، قبيل وبعد التوقيع على «وثيقة العهد والاتفاق» في الأردن، بأن تكون «عدن أو تعز» عاصمة اليمن، كحل للخروج من الأزمة تلك، ولكن التعنترات ولغة فرض الأمر الواقع « بالقوة» حالت دون ذلك واتجهت اليمن عنوة إلى « الحرب» ولولا لطف الله وإعلان « البيض» الانفصال، وحكمة وزير الدفاع آنذاك عبد ربه منصور هادي في حسم الموقف والذي كان زمام أمور الألوية والمحاور العسكرية تحت إمرته هي التي أطفأت نار تلك الحرب.. هي « الصور اليمنية» والحال والمشهد اليمني منذ ذلك التاريخ والتوقيت. كانت كلها ستكون في حالات ومآلات مغايرة، لما تلاها في الفترة الماضية وحتى اليوم، كانت حرباً ستأكل الأخضر واليابس وعلى العموم سلمت «الجرة» وانتهت الأمور على خير من الحرب، وطبعاً كنت مع فكرة حل تغيير العاصمة في ذاك الوقت حفاظاً على وحدة الشعب والوطن.. وأخيراً الذي كان يختلج في بالي صار فعلاً حقيقة لا مناص منها.. ولا أخفي عليكم أني كنت وقبل أكثر من شهر تدور في رأسي فكرة كتابة مقال«تدوير العواصم» وتغييرها عن ما هي عليه الآن.. للخروج من الرتابة المملة والتنوع وتحقيق وسبر الشعور بالمواطنة والعدالة. وأن تكون «اليمن» هي السباقة التي تخوض هذه التجربة للخروج الأفضل والأنسب والأجدى من «المأزق» ومن نفق الأزمة وقتامتها الخانقة في البلد، وكنت أحاور وأجادل الزملاء وغيرهم بهذه الفكرة وأنها ستحدث في نهاية المطاف وحسب تنبؤاتي، وحسب اعتقادي، وهاهي اليوم كما ترون وتشاهدون وتسمعون فعدن مدينة الحب والسلام.. مدينة الأحلام والساحل الذهبي منبع وملتقى وانطلاقات الحركات الثورية التحررية من الاستعمار والاستبداد والتي انضوت تحت راية الحركة الوطنية التحررية بقيادة أبي الأحرار «محمد محمود الزبيري» في الانطلاقات الثورية التحررية الأولى لثورتي 14 أكتوبر 1963م وثورة 26 سبتمبر 1962. وكانت تجري الترتيبات والتنسيقات الثورية والنضالية من العاصمة عدن ومع المحافظات الأخرى المشتركة في النضال ولوجستيتها «تعز» ومن عدن انطلقت « ثورة الدستور» 1948م وجرت الترتيبات والتنسيقات لها ولم يبق سوى لحظة الصفر، فأشيع لحظتها عن وفاة يحيى حميد الدين 17 فبراير 1868 وحكم اليمن الشمالي في الفترة من 1904م 1948م، وبعد أن أعلن الأحرار تسمية حكومية ما بعد القضاء على الإمامة برئاسة « محمد الوزير»، والذي تمت تصفيته،وقال أبو الأحرارمن عدن حينها بيته الشعري المشهور: إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها وانطلقت من عدن الفرقتان المخول لهما تنفيذ المهمة إلى صنعاءوتعز ونجحت المجموعة المتجهة إلى صنعاء بقيادة علي ناصر القردعي المرادي في تنفيذ المهمة وقتل الإمام يحيى.. في منطقة حزيز، وفشلت جبهة تعز ..إلخ واستمر النضال إذاً من المدينة الباسلة عدن وجبل شمسان في النضالات التحررية من الاستعمار والاستبداد .. إلخ حتى تم الأمر في النهاية وإن كانت بعض النهايات غير حميدة.. فليكن الامتنان لعدن وهمزة وصلها تعز ورد الاعتبار لهما وعدن ليست بأقل أهمية عن « صنعاء» لتحظى بلقب العاصمة لليمن والشعب اليمني الموحد، وهي مسألة حتمية ووطنية، وهناك أيضاً اجتماعات دولية وإقليمية وداخلية وشعبية لهذه الخطوة وكونها مأتية في حل عملي ممكن والمنقذ للظرف الحرج والعصيب التي تمر به اليمن والمنطقة المحيطة، وعلى كافة النخب السياسية والمجتمعية في المشهد اليمني أن تجمع النوايا الطيبة لديها للخروج بهذا الوطن من المستنقع الذي يتهدده بالسقوط فيه، ومن عنق الزجاجة إلى بر الأمان وذلك بذهاب الكل إلى « عدن » ووضع النقاط على الحروف والاتفاق على أبجديات العمل الجمعي « الوطني » المشترك من عاصمة اليمنعدن .. عاصمة لكافة اليمنيين وهذا لا يلغي حقاً..ولا يحق باطلاً .. ومثلما كانت صنعاء التاريخ أيضاً.. مدينة أزال عاصمة وملتقى كافة اليمنيين إذاً فعدن العاصمة.. خطوة تاريخية لتلطيف الأجواء وتهدئة النفوس وللخروج الآمن بالوطن .. بعيداً .. بعيداً عن أدخنة البارود وضجيجها، وذلك أفضل حل .. ومش كل مرة تسلم الجرة.. ودمتم سالمين . لحظة شعرية.. عزيز ومقهور.. أنت يا وطني مهتور في بنينك مأسور في حيرتك معصور في عزتك عاثر الخطى ذائب في ذوبتك حظك النحس أيها اليمني..