حينما أتحدّث عن التلفزيون اليمني فإنني أقصد بذلك المحطات التلفزيونية المملوكة للدولة بمسمياتها المختلفة والتي يجب أن تكون الوسيلة الإعلامية الأولى لكل اليمنيين في الداخل والخارج؛ تنقل الصورة الحقيقية الدقيقة والواضحة عمّا يجري داخل المجتمع بطريقة وآلية مختلفة وأسلوب يتماشى مع الواقع الجديد والمرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن. فيا ترى هل لايزال التلفزيون اليمني يتعامل بنفس الطريقة وبنفس الآلية والعقلية القديمة، وهل لايزال يقدّم رسالته الإعلامية بنفس الخطاب الذي كان سائداً في العهد السابق..؟!. إن المتابع الدقيق لجميع المواد التي تُبث من خلال القنوات التلفزيونية الحكومية وخاصة في الجانب الإخباري والذي يمثّل أهم البرامج اهتماماً من قبل الجمهور والتي كنّا نتمنّى أن تتطوّر كمّاً ونوعاً، يستشعر المتابع لهذه البرامج أن الواقع لايزال كما هو ولم يتغير شيء يذكر فنفس الخطاب ونفس الصياغات والجمل والفورمات الجاهزة المقولبة والتي توحي للمتابع أن اليمن الجديد الذي خرج من ثورة عظيمة شهد بها العالم بأسره لم يولد بعد في أروقة وعقول التلفزيون اليمني. والسبب من وجهة نظري يتمحور في عدة إشكاليات منها؛ أولاً: عدم وضوح الخطة والاسترااتيجية الإعلامية التي يجب أن تنتهجها وسائلنا الإعلامية بالشكل الذي يتواكب مع الواقع الجديد بكل متغيراته ومعطياته؛ أخذاً في الاعتبار أن الزمن قد تغيّر، وعقلية المتلقي اليمني قد تغيّرت، وأن هناك معطيات كثيرة قد فرضت نفسها على هذا الواقع. الأمر الذي يتطلب رؤى جديدة ومشروعاً إعلامياً جديداً. ثانياً : التحوّل الديمقراطي الذي رافق قيام الثورة والمتغيرات الدراماتيكية التي حدثت والذي لم يستطع التلفزيون أن يلتقط معالمها ويتعاطى مع مجرياتها بشكل إيجابي حتى يقدّم مادة إعلامية ترتقي إلى مستوى الحدث بكل شفافية ووضوح، فحقيقة أية مرحلة تأريخية تمر بها الشعوب يجب أن تنعكس تفاصيلها على وسائلها الإعلامية. ثالثاً: النقص الواضح في عملية التأهيل والتحديث في القطاع البشري والتقني وإخراج جميع المهنيين العاملين من حالة الجمود والقولبة التي وُضعوا فيها لفترات طويلة حتى يتعايشوا مع واقع أكثر ديناميكية وسرعة في تناول الأحداث وفق أهميتها وأولوياتها بالنسبة للمشاهد والابتعاد عن سياسة التطمين والتعامل مع القضايا والأحداث بسطحية واختزال؛ فهذا غير مقبول، وأي تأخير في حسم مثل هذه الإشكاليات فإن واقعنا الإعلامي المشاهد سيظل يعيش خارج الواقع ويعمل دون هوية تحكمه؛ بل سيبقى يؤدّي نفس الدور الذي كان يؤديه في السابق. يجب أن تتغير نظرة الجمهور عن التلفزيون من أنه جهاز حكومي رسمي يخضع للقوانين واللوائح التي تسري على بقية المؤسسات، فهذه حجج غير مقبولة تماماً، فكون التلفزيون جهازاً حكومياً؛ لا يعني أن الجمهور سيتقبّل رداءة مخرجاته وسوء إنتاجه، فالطابع الرسمي للتلفزيون يجب أن يعطيه القوة والحصانة لتقديم مادة إعلامية من شأنها إشباع رغبات المشاهدين واستقطاب نسبة مشاهدة عالية. نحن جميعاً ننتظر من التلفزيون اليمني أن ينتقل بنا وبالوطن إلى واقع أفضل يسوده العدل والديمقراطية ودولة الحق والقانون. رابط المقال على الفيس بوك