هي المرة الأولى في تاريخ اليمن المعاصر وربما الوسيط والقديم ينخرط اليمنيون في هذا الشكل من الحوار الوطني الواسع والشامل في قوامه وتشكيلاته .. ومواضيعه الحيوية التي من شأنها الانتقال باليمن الى وضع جديد من حيث النظام والبناء المؤسسي للدولة، ومكوناتها الادارية .. وكذا العلاقة بين تلك المكونات من حيث اللامركزية المالية والادارية المتكاملة بمعنى الانتقال الى دولة اتحادية تقوم على المواطنة المتساوية والتوزيع العادل للسلطة والثروة . دور الاعلام في هذا السياق كان ولا يزال هاماً وحيوياً.. بل محوريا منذ التحضيرات الاولى للحوار، وخلال الحوار في مواكبة جلسات العمل سواء الجلسات العامة، أو جلسات فرق العمل.. وبقدر أهمية النتائج أو المخرجات التي توافق عليها المتحاورون تكون أهمية دور الاعلام في التوصل الى تلك المخرجات وفي تتبع تنفيذها وفقا للبرامج الزمنية .. لا شك أن تلك المخرجات كان للاعلام دوره الكبير في التوصل اليها بذلك الشكل عن طريق الحركة الفاعلة لرجال الصحافة والفضائيات والاذاعات والمواقع الالكترونية في التوعية بأهمية الحوار ومواضيعه ، أو عبر التغطية بمنتهى الشفافية للفعاليات الحوارية (المداخلات، أوراق العمل، النقاشات) وأحيانا الخلافات والتباينات التي مهما وصل مستواها لا يمكن أن تقلل من أهمية منعطف مؤتمر الحوار الوطني في تاريخ شعبنا.. كما كان للمنتديات السياسية والفكرية، الشبابية، النسائية، والمراكز المتخصصة في الاعلام السياسي والاقتصادي، والاجتماعي ، والثقافي .. ومنظمات المجتمع المدني دور بارز .. التفاعل اليومي المتواصل من قبل الاعلاميين المحترفين والناشطين السياسيين والاعلاميين على شبكة التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت اتسم بالرقي .. اذ ادار نقاشات وحوارات نشطة وواعية ربما فاقت في كثير من الاحيان ما يحدث في أروقة مؤتمر الحوار نفسه . بالفعل مارس اليمنيون الشفافية وتفاعلوا مع مجريات الحوار تفاعلاً جاداً وصادقاً وايجابياً .. أسهم في زيادة ذلك التفاعل العديد من الانشطة السياسية المواكبة للمنظمات المحلية والاقليمية والدولية المهتمة بشئون الديمقراطية فكان الدور الذي قام به المعهد الوطني الديمقراطي الامريكي للشئون الدولية (NDI) ضمن سلسلة من اللقاءات التشاورية الموسعة التي أطلق عليها مجالس المدن نتائج ايجابية في تمكين الفاعلين السياسيين ، والناشطين من قيادات المجتمع المدني، والشخصيات الشبابية، والنسائية، وقيادات وكوادر الاحزاب السياسية من التجاوب البناء مع مجريات الحوار في مختلف مراحله، وفي الاسهام بالتوصل الى مخرجات مفيدة وداعمة للتوجهات الوطنية الرامية الى تسريع عملية التغيير والبناء . وفي هذه المرحلة التي يتأهب فيها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الى استكمال وتتويج رحلته في تنفيذ ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية يتطلع المواطن اليمني الى دور أكبر من قبل الاعلام ، المنتديات والمراكز الاعلامية والسياسية ، المنظمات المهتمة بحيث تقوم بدور أكبر في توسيع دائرة الفعل الحواري، وتفعيل الدور الشعبي الداعم لمؤتمر الحوار في مخرجاته النهائية ، وجعل الشارع اليمني أكثر تتبعا ، ومعرفة ، ووعيا بتلك المخرجات وآفاقها المستقبلية على الوطن والمواطن .. ان رفع درجة انشغال المواطن بمخرجات الحوار يتطلب ارتقاء الدور الاعلامي والرسالة الاعلامية في مختلف اتجاهاتها المقروءة والمسموعة والمرئية . كما يتطلب في الوقت ذاته تناميا لدور الديبلوماسية اليمنية المصحوب باعلام راق ومتجدد في مفرداته ووسائطه وأساليبه بما يدعم تحسين صورة اليمن في المحيط الاقليمي، والدولي .. والتعريف بتميز التجربة اليمنية التي اتبعت نهجا سلميا في الانتقال السياسي على أساس الشراكه والتوافق والوفاق الوطني .. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك