بعث الله سبحانه وتعالى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين "الجن والإنس" لنشر دين الإسلام كمنهج حياتي شامل فيه الخير والسعادة للبشرية جمعاء، ولكافة المخلوقات الأخرى وحمل المسلمين مسئولية مواصلة نشر هذا الدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كل بقاع الأرض ليهتدي الناس جميعا إلى ما فيه صلاحهم بالدنيا وسعادتهم بالآخرة. ولو تواصلت الفتوحات الإسلامية بنفس ما كانت عليه في سنوات حكم الخلفاء الصالحين في القرن الهجري الأول فربما كان سكان الأرض اليوم، أو غالبيتهم، يعيشون في ظل دولة إسلامية عظيمة في الجهات الأربع للكرة الأرضية.. ولكن الصراع من أجل الاستئثار بالسلطة والثروة أوقف المد الإسلامي، وأوصل المسلمين إلى الأوضاع المتردية القائمة منذ قرون.. الصراع على السلطة والثروة كان وما زال يشتعل بأشكال ومبررات مختلفة، وتحت رايات وشعارات مذهبية ومناطقية وجهوية وفئوية متنوعة.. ولكن أخطرها المذهبية والطائفية التي أنهكت العالم الإسلامي أكثر من غيرها.. ومع المدى نسي المسلمون مهمتهم الأساسية بهداية غير المسلمين إلى دين الحق والخير والسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وظهرت جماعات بين المسلمين تدعو إلى الإسلام بوسائل عنيفة أضرت بالإسلام –ربما بحسن نية- ولم تفده، كتنظيم القاعدة حاليا، وما تفعله الجماعات الجهادية المتفرعة عنه. القاعدة والحوثيون.. السيئ والأسوأ الصراع على الثروة والسلطة في اليمن، خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين "2000 -2010" اتخذ تطورا مختلفا عما سبقه، بظهور لاعبين خطيرين انحرفا بالصراع السياسي المقبول غالبا، إلى صراع ديني وطائفي استبكت فيه مصالح أطراف داخلية وخارجية بأشكال سرية وعلنية لم تشهد الساحة اليمنية مثلها من قبل. ظهور تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين ترتب عليه تدخل دولي وإقليمي في الشأن اليمني يؤكد عدم صدقية الشعارات والأهداف المعلنة لظهور هاتين الجماعتين في الأراضي اليمنية، علاوة على الإثباتات الأهم لنتائج ممارساتها على الواقع.. حيث نجد الإسلام والمسلمين الضحية الأولى لتلك الممارسات الإجرامية التي يقولان إنهما يستهدفان بها أمريكا وإسرائيل!! القاعدة نفذ عمليات ضد مصالح أمريكية في اليمن أدت بعضها إلى سقوط قتلى وجرحى أمريكيين إنما ذلك لا ينفي الارتباطات الاستخباراتية الدولية بالتنظيم، الغامض أصلا واستخدام عملياته في صراعات المصالح الدولية والمحلية داخل اليمن، حتى لو افترضنا أن التنظيم إسلامي 100% ولا هدف لعملياته الإرهابية إلا رضا الله، فهل حققت المقاصد الجهادية باليمن بحسب القرآن والسنة؟ وماذا عن سقوط ضحايا معظمهم أبرياء "مسلمين وغير مسلمين"؟ وهل الدعوة أو الدفاع عن الإسلام لا يكون إلا بالقتل والإرهاب في بلد ليس أرض قتال مع جيش عدو خارجي كفلسطين أو العراق أثناء الاحتلال الأمريكي؟ ولماذا إصرار التنظيم على التواجد في اليمن واستنزاف إمكانياته فيها وهناك دول عربية أخرى أولى بالتواجد فيها؟ تنظيم القاعدة وتفرعاته المسلحة باليمن بعيد كل البعد عن الجهاد المقدس ويسيء إلى الإسلام كرحمة للبشرية، وإلى رسولنا الكريم كمنقذ وهاديا للناس أجمعين. إن وجوده باليمن يمثل أحد الأخطار المحدقة بالبلد في الوقت الراهن ليس أقلها استباحة أدق الخصوصيات الوطنية بحجة ملاحقة الأعضاء المفترض انتماؤهم للقاعدة!! أما الحوثيين فهم الآن الخطر الأكبر على اليمن واليمنيين للأسباب التالية: 1- يرفعون شعاراً معادياً لأمريكا وإسرائيل، بينما جميع ضحاياهم من الأبرياء المسلمين، بما في ذلك العسكريون اليمنيون والسعوديون. 2- يتحدثون عن أهداف مذهبية مشروعة لوجودهم والحقيقة أنهم ذراع عسكري لفئة معروفة تعتقد بأحقيتها بالسلطة في المحافظات الشمالية باعتبارها الوريث الشرعي لحكم بيت حميد الدين.. بمعنى أنهم يخوضون أيضا الصراع على السلطة والثروة بالقوة المسلحة، وبشعارات دينية وأهداف مذهبية يضحكون بها على الشباب الذين يقدمونهم وقودا لمعاركهم الإجرامية الخاطئة. 3- قدموا أنفسهم كذراع قوي لدولة أخرى "إيران" مقابل الحصول على أموال وأسلحة وخبرات عسكرية ومدنية متعددة لإنجاز مشروعهم بالحكم الذاتي أو الانفصال بعدد من محافظات شمال الشمال. 4- الأهداف المذهبية التي يلوح بها الحوثيون منذ خروجهم إلى العلن عام 2004م أوجد بؤرة مشكلة مذهبية متفاقمة يخشى من تحولها إلى صراع وحروب مذهبية أخطر مما يجري بالعراق. 5- الحوثيون يعملون مع إيران بشكل واضح على دفع الحراك الجنوبي إلى العنف المسلح ورفع سقف مطلبه بالانفصال أو ما يسمى بفك الارتباط كغاية وحيدة للحراك الجنوبي. 6- الحوثيون يعلنون تأييدهم للثورة ويتواجدون في بعض ساحاتها، ومن جهة ثانية يتآمرون مع قيادات النظام السابق لإجهاضها. 7- منذ بداية الثورة والحوثيون يتوسعون في محافظات مثل الجوف وحجة بوتيرة عالية وبمواجهات مسلحة مع القبائل قد تتطور في وقت قريب إلى مواجهات واسعة تنذر بحرب أهلية لا يستبعد نشوبها بغضون شهور في ظل الوضع المتأزم باليمن