السلفيون قادمون.. عنوان بارز من عناوين ثورات الربيع العربي أثار مخاوف الكثير من العلمانيين والليبراليين وحتى تيارات دينية شيعية وسنية، بينما وجد قبولا وترحيبا في أوساط أخرى أبرزها التيار الإسلامي الأكبر والأكثر اعتدالا في العالم العربي، تيار الإخوان المسلمين. وعند البحث عن أسباب مخاوف أولئك أو ترحيب هؤلاء سنجد أنها واحدة تقريبا. صورة السلفيين في سنوات ما قبل الربيع العربي صورة تيار تتجاذبه جماعات متعددة، بعضها يشده إلى العنف أو الانعزال، وأخرى تحاول الميل به إلى الوسطية والاعتدال، وفي ظل عدم وجود تجربة سياسية لهذا التيار الواسع فقد ظلت السمة الغالبة عليه تصنفه كتيار متشدد ومنبع أول للتطرف والإرهاب. جاءت الثورات العربية وشارك فيها قطاع كبير من الجماعات السلفية الأنضج فكريا والأفضل اعتدالا مقارنة بغيرها في ذات التيار، وسجلت حضورا ثوريا لفت الانتباه، والأهم أنه فتح الباب لمراجعات سلفية مثلت في حد ذاتها ثورة هائلة في أوساط التيار السلفي، وتمخض عنها اقتناع العديد من علماء وقيادات ورموز الجماعات السلفية بالتكتل في جماعة واحدة، وإنشاء حزب سلفي له ثقل كبير في عدد من الدول العربية وبدأ يتم هذا بالفعل وحقق نجاحات جيدة رغم أن بعض الجماعات السلفية رفضت الانخراط في التكتلات والأحزاب السلفية حديثة العهد، وما زالت تصر على الابتعاد عن السياسة باعتبارها رجساً من عمل الشيطان! اتجاه غالبية السلفيين إلى المشاركة السياسية يمثل نقطة تحول غير عادية، سيترتب عليها نتائج إيجابية بالغة الأهمية على الساحة السياسية عموما والعمل الإسلامي بوجه خاص، السلفيون سيكونون إضافة جيدة للتجارب السياسية العربية إذا ما فهموا اللعبة السياسية على أصولها وانفتحوا على الجميع دون استثناء. كما أنهم –بحسب ما قاله لي بعض قياداتهم- سيقدمون نموذجاً سياسياً إسلامياً متميزاً في مختلف الشئون السياسية ولن يغفل الجوانب الاقتصادية لما لها من أهمية تفوق السياسية في أحيان كثيرة. إذا استطاع سلفيو اليمن ممثلين بحزب "اتحاد الرشاد اليمني" إثبات وجودهم ببداية قوية ومتوازنة واستفادوا من تجارب من سبقهم في خوض غمار السياسة من منطلقان إسلامية، فإنهم سيقدمون درسا نموذجيا لبقية الجماعات السلفية الانعزالية كي تلتحق بالعمل السياسي أو على الأقل تدفعها للتكامل مع اتحاد الرشاد وإن بقيت بعيدة عن التحزب والصراع السياسي. كما أن "اتحاد الرشاد" يمثل تجربة جديدة لغير الجماعات السلفية، كالحوثيين مثلا، أو الجماعات الانعزالية من مختلف التيارات والمذاهب للمشاركة السلمية في بناء وطن يمني واحد متطور ومزدهر يعم فيه الخير والأمان كل أبنائه أيا كانت انتماءاتهم السياسية والفكرية والمذهبية.. الخ.