تجمع آلاف المتظاهرين وسط لندن ضد قمة العشرين التي تستضيفها العاصمة البريطانية اليوم الخميس، وحاول بعض المتظاهرين اقتحام بنك انجاترا المركزي. ودفع المتظاهرونالحواجز التي أقامتها الشرطة خارج بنك انكلترا مرددين هتافات مناهضة للعولمة، فيما أغلقت بعض شوارع مدينة المال بوسط العاصمة حيث اعتقلت الشرطة 11 شخصا لارتدائهم أزياء الشرطة. وتأتي المظاهرات الاحتجاجية قبل يوم من بدء اجتماع مجموعة العشرين في العاصمة البريطانية والتي وصل زعماؤها إلى لندن، وعقد الرئيس الأميركي اجتماع قمة مع رئيس الوزراء البريطاني ومع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وعدد آخر من الزعماء كما التقى الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا لحوالي 25 دقيقة في قصر بكينغهام. واستعدت السلطات البريطانية لهذه القمة بنشر الآلاف من رجال الشرطة في إنحاء لندن، كما فرضت إجراءات أمنية مشددة تحسبا لاندلاع مظاهرات قد يشوبها العنف احتجاجا على القمة. وبدأت الاحتجاجات صباح أمس بتجمع نشطاء غاضبين يحملون لافتات مكتوب عليها " انها أموالنا التي سرقوها" في التجمع خارج بنك انجلترا المركزي في حي المال وسط لندن. ومن المتوقع ان تستمر الاحتجاجات لمدة يومين ضد القمة التي يشارك فيها زعماء أغنى عشرين دولة في العالم. كما يتوقع ان تتركز الاحتجاجات بالقرب من البنك المركزي بوسط لندن. وقال احد المتظاهرين ويدعى ايان ديكسون ويبلغ من العمر 55 عاما " أنني فقدت وظيفتي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي"، معربا عن إحباطه من الأزمة المالية العالمية التي بدأت بأزمة الرهون العقارية والتي طالت أمثاله من العاملين العاديين. وأضاف ديسكون " أنا احد الضحايا ... أحاول يوميا في مركز الوظائف للعثور على وظيفة. ان ذلك يؤثر على معنوياتك. لقد كان لدي وظيفة محترمة ....انه لشيء محبط". ويأتي انعقاد القمة وسط تحذيرات أمنية بخصوص وقوع أعمال عنف "غير مسبوقة" احتجاجا على القمة التي تتزامن مع الأزمة المالية العالمية عاملا جديدا لمناهضي العولمة وعشرات الآلاف من العاملين الذين فقدوا وظائفهم بسبب الأزمة. وتلقى العاملون في الحي المالي بلندن نصائح بارتداء ملابس غير رسمية او حتى التزام بيوتهم حتى لا يستفزوا المتظاهرين. وفي هذا السياق ألغيت إجازات أفراد الشرطة، ودعيت ست تشكيلات من قوات الشرطة لضمان إنجاح الخطة الأمنية. وتقدر كلفة هذه الخطة نحو 7,5 مليون جنيه استرليني، او نحو 10.75 مليون دولار أمريكي. وإلى ذلك، دعا الرئيس الأميركي باراك اوباما قادة مجموعة العشرين إلى وضع خلافاتهم جانبا والعمل سوية لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في العاصمة البريطانية لندن قبل بدء قمة العشرين أعمالها. وقال اوباما انه جاء إلى لندن ليس لعرض أفكاره على قادة العشرين فقط بل للاستماع إليهم أيضا وانه لا يجب "إضاعة الفرصة المتاحة لمواجهة الأزمة الحالية التي لا تعرف حدودا لها". وأشار إلى أن الأزمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي هي "الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية". من جانبه اعلن براون ان الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة تتطلب حلولا عالمية وانه والرئيس اوباما اتفقا على جملة من الإجراءات لمواجهة هذه الأزمة. ومن بين الامور التي اتفقا عليها فرض مزيد من الرقابة على النظام المصرفي العالمي وجعله اكثر شفافية، ومحاربة الكساد وتعزير التعاون الدولي، ودعم المؤسسات الدولية والحد من سياسات الحماية الاقتصادية ومساعدة الدول الفقيرة وتوسيع استخدام الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة. كما أشار إلى أنهما اتفقا على تعزيز الجهود العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية المشتركة في أفغانستان. وفيما يتعلق بالموقف الفرنسي من بيان قمة العشرين اعلن براون واثق ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيشارك في القمة. واعلن ناطق باسم قصر الاليزيه ان براون أجرى اتصالا هاتفيا بساركوزي وانهما اتفقا على وضع نظام مزيد من القيود الصارمة على النظام المالي العالمي. وبخصوص إيران اعرب بروان عن امله في ان تتجاوب مع الجهود الدبلوماسية الدولية بغية تحقيق الاستقرار في المنطقة. وقد عقد الزعيمان اجتماعا في مقر الحكومة البريطانية في داوننينغ ستريت قبيل افتتاح قمة العشرين التي تعقد في لندن . ويأتي هذا الاجتماع ضمن سلسلة اجتماعات يعقدها الرئيس الأميركي مع زعماء كبرى الدول المشاركة في القمة، كل على حدة. ويجتمع اوباما مع نظيره الصيني هوجينتاو والروسي ديمتري مدفيدف، كل على حدة، وهما الدولتان اللتان تشكلان اكبر تهديد لنفوذ وموقع الولاياتالمتحدة بوصفها الدولة الأقوى والرائدة في العالم. وتأتي هذه اللقاءات وسط دعوات من كبار المسؤولين الروس والصينيين للعمل على التوافق لاستصدار عملة عالمية موحدة بديلة لسيطرة الدولار بوصفه العملة العالمية الكبرى حاليا. الا ان فكرة استصدار عملة موحدة بديلة للدولار قد لا تجد الدعم والتأييد اللازم في الوقت الحاضر. لكنها يمكن ان تعتبر مؤشرا على تنامي القلق العالمي من وضعية الدولار كعملة مسيطرة على الاقتصاد العالمي، حسب ستيفن شريج الخبير الاقتصادي في مركز الدراسات الإستراتيجية والعالمية في واشنطن. وفي رده على المسودات المطروحة حول بيان القمة قال ساركوزي لإذاعة فرنسية، ان "الحديث يمضي قدما، وهناك مسودات موضوعة على الطاولة، لكنها غير ملائمة بالنسبة لألمانيا وفرنسا". واضاف: "لقد بحثت الوضع مع المستشارة (الالمانية ميركيل) في الحادية عشرة من مساء الليلة الماضية، واتفقنا على ان النص الحالي كما رأيناه، غير مناسب". اما ميركل فقد أكدت أنها ستشارك في قمة العشرين وأنها واثقة أن قادة مجموعة العشرين سيتقدمون بما هو مطلوب منهم ولا يمكنهم الاستمرار في وضع "رؤوسهم في الرمل". يذكر ان ألمانيا صاحبة اكبر اقتصاد في القارة الأوربية تعارض ضخ مزيد من السيولة المالية لمواجهة الركود الاقتصادي وهو تقوم به الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وتدعو المانيا وغيرها من الدول الأوروبية إلى إعادة النظر بقواعد عمل النظام المصرفي العالمي لمنع تكرار مثل هذه الأزمات بدلا من ضخ مزيد من الأموال بموجب برامج تحفيز اقتصادية. ويبحث الزعماء الحاضرون في قمة لندن السبل الكفيلة بمعالجة أسوأ أزمة مالية تعصف بالاقتصاد العالمي منذ ثلاثينيات القرن الماضي. لكن الآمال بشأن قدرة القمة على الخروج بخطة حاسمة لتحفيز الاقتصاد العالمي تضاءلت بعد بروز انقسامات في المواقف الأوروبية والأميركية والبريطانية. ومن المقرر أن تستمر القمة على مدى يومين وتضم اقتصادات أقوى عشرين دولة على الصعيد العالمي التي تمثل 85 بالمائة من الاقتصاد العالمي. وسيقيم القصر الملكي البريطاني حفل استقبال احتفاء بالزعماء المشاركين في القمة. وسيكون نجاح القمة عنصرا هاما في صالح براون الذي يراهن عليها كثيرا لحل الأزمة العالمية. أما الدول المشاركة فهي: الأرجنتين واستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند واندونيسيا وايطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. يذكر أن مجموعة العشرين أنشئت بناء على مبادرة من مجموعة السبع عام 1999 لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة كالصين والبرازيل والمكسيك، لمناقشة الموضوعات الرئيسة التي تهم الاقتصاد العالمي. وتعد المجموعة منتدى غير رسمي يهدف إلى تعزيز الحوار البناء بين الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة خاصة فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الدولي. وجاء إنشاء المجموعة رد فعل على الأزمات المالية التي حدثت في نهاية التسعينيات خاصة الأزمة المالية بجنوب شرق آسيا وأزمة المكسيك، وكاعتراف بأنه لم يتم بشكل مناسب ضم الاقتصادات الناشئة لصميم الحوارات الاقتصادية العالمية.