"ابتزازاً لم يتخيله أحد"..حجاج يمنيون يضطرون للعودة الى اليمن برا بعد جريمة القرصنة الحوثية للطيران    قرار مفاجئ لمحافظ البنك المركزي اليمني بوقف الحوالات المالية الداخلية في شركات الصرافة والبنوك!    الحكومة: احتجاز مليشيا الحوثي 4 طائرات يؤكد أنها عصابة تمتهن القرصنة    يورو 2024: رومانيا تحسم صدارة المجموعة    وفد كبير من حزب الإصلاح يطير إلى هذه الدولة.. ومصادر حوثية: الهدف المصالحة مع الحوثيين!    "علي ناصر وعبدالفتاح" تآمرا على سالمين وقتلاه طمعا في احتلال موقعه كرئيس    لو طائرات اليمنية بسس لم يستطع الحوثي القبض عليهن واحدة بعد أخرى    الإرياني: قرصنة مليشيات الحوثي لطائرات اليمنية ومنع عودة الحجاج عمل إرهابي مدان    وقفة مع كلام عبدالرب النقيب    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة الى 37718 شهيدا و 86377 مصابا    كوبا امريكا 2024: الارجنتين تتأهل الى الدور ربع النهائي وكندا تحصد اول ثلاث نقاط    الرئيس الزُبيدي يشدد على سرعة إنجاز أعمال تأهيل وتطوير مستشفى الجمهورية    (البترول الكويتية العالمية) تستحوذ على 50 بالمائة من (إيكوفوكس) الإيطالية لإنتاج الوقود الحيوي    النهاية اقتربت والقارعة ستحل عليهم.. برلماني يبشر اليمنيين بقرب الخلاص من مليشيات الكهنوت الحوثي    اشهر قيادي حوثي يتلقى صفعة سعودية مدوية    فيدال: لاعبو ريال مدريد يفوزون بكل شيء    باكيتا واثق من استعادة البرازيل لتوازنها في كوبا اميركا    محادثات يمنية مرتقبة في مسقط وتفاهمات سعودية حوثية.. من أين ستبدأ المحادثات…؟ وهل ستشمل الملف الاقتصادي…؟    عقب حادث مروع أودى بحياة 7 أشخاص.. مناشدة رسمية عاجلة: ساعدونا في التعرف على هوية هذا الشخص (صورة)    بلومبيرغ: السعودية ستصبح أكبر سوق للبناء في العالم    إنجلترا تتصدر المجموعة الثالثة والدانمارك تواجه ألمانيا بثمن النهائي وتأهّل تاريخي لسلوفينيا    الكثيري يناقش ترتيبات عقد دورة الجمعية الوطنية القادمة في شبوة    الفنانة بلقيس فتحي تثير ضجة عارمة.. استبعاد من موسم الرياض وهجوم سعودي ضدها وحملة لحظر حساباتها .. ماذا قالت؟ (فيديو)    عرض تمثال من آثار اليمن القديم للبيع    قوات دفاع شبوة تلقي القبض على عصابة قتل خلال وقت قصير جدا في عتق    واتساب يطرح للمستخدمين ميزة جديدة خاصة بالمكالمات    قيادي حوثي يفجر جدلا واسعا بمنشور حول خرافة "الولاية " !    احتجاز أربع طائرات يمنية ومئات الحجاج عالقون في السعودية .. وإعلان لوزارة الأوقاف    تصاعد التوتر في عمران: ثورة قبلية تلوح في الأفق بسبب احتجاز الحوثيين لشيخ قبلي    حادث دهس مروع يوقع عدداً من الأطفال ضحايا في تعز    فاجعة تهز عدن: غرق شاب قبل زفافه بأيام في ساحل جولدمور    المنتخب الوطني للشباب يتعادل مع الأخضر السعودي في بطولة غرب آسيا    الحوادث غير الجنائية في اليمن: 3 وفيات وانتحارين وغرق وحريق    في رحاب وحضرة المناضل باسندوة!!    السلطة المحلية بتعز تدعو إلى توحيد الجبهة الداخلية ودعم الجيش الوطني    "مجهولون يزرعون عبوة ناسفة في شبوة... والأجهزة الأمنية تُفشل المخطط في شبوة!"    منتخب الشباب يتعادل مع نظيره السعودي في الجولة الأولى لغرب آسيا    قيادتا الانتقالي والسلطة المحلية في مديرية الحد تعقدان لقاء موسع مع خطباء وأئمة مساجد المديرية    حرب اليمنيين على التاجر الجنوبي    خلال شهرين سيتم تشغيل محطة كهرباء الطاقة الشمسية بعدن    مناشدة عاجلة لإخراج مواطن يمني توفي في أحد المستشفيات المصرية ونقله إلى اليمن    التعليم في حضرموت قبل سنة 1967م (المعهد الفقهي بتريم)    أمين عام الإصلاح يلتقي القائم بأعمال السفير الصيني في إطار التحضير لزيارة وفد الحزب إلى بكين    إيطاليا تتأهل بشق الأنفس إلى ثمن نهائي كأس أوروبا بتعادل مثير أمام كرواتيا، وإسبانيا تواصل التألق بفوزها الثالث على ألبانيا.    12 قرنا والحوثة ينتظرونَ المهدي المنتظرِ.. فكمْ سينتظرُ العفافشة مهديَّهم؟    الضالع تلحق الهزائم بالأتراك والزيود قبل 535 عام    طبيبة مشهورة في تعز تفقد حياتها جراء خطأ طبي: النقابة تفتح تحقيقاً وتطالب بالعدالة    وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل تهيب بأصحاب العمل تسجيل بيانات منشآتهم وفقاً للنموذج المعد    الحرب الاقتصادية مستمرة والثمن سيدفعه المواطن والسلطات لا تعيره ادنى اهتمام    استقالة يوسف زيدان من مؤسسة تكوين: الأسباب والخلفيات    إدارة المركز الوطني لعلاج الاورام حضرموت الوادي والصحراء تنظم العواد العيدي لطاقم العاملين    وزير الصحة السعودي يعلن عن عدد وفيات الحجاج    احمد بن علوان وكرامة السلالة    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بتفشي الكوليرا في اليمن وخاصة في مناطق الحوثيين    الأمم المتحدة تحذر من تفشي واسع للكوليرا والإسهال الحاد في اليمن    الجعفري يشارك بمهرجان لودية الثقافي ويشيد بدور أبنائها بإحياء الموروث الشعبي بالشعيب    القارة النصبأ معالم إرثنا بين زيارتين 1993-2024    رابع حادثة خلال شهر.. وفاة طفلة جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين الوادعي يكتب: سيلفي مع الرأس المقطوع.. الوقوع في فخ النكروفيليا
نشر في عدن الغد يوم 03 - 10 - 2015

الافتتان بالموت ظاهرة ملفتة للنظر في الثقافة العربية الاسلامية. "أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة"...
هكذا قال خالد بن الوليد مهددا والي الحيرة بعد أن حاصرها بجيشه. ثم لما انتهي منها وأنتقل إلى المدائن عارضا عليهم الإسلام أو الاستسلام، كرر نفس التهديد: "فو الذي لا إله إلا هو لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة".
في اليمن اليوم نجد ذروة الافتتان بالموت عند جماعتين تحملان العداء تجاه بعضهما: القاعدة والحوثيون.
لا تحتاج لمجهود كبير لتلاحظ "الافتتان بالموت" في الثقافة الحوثية. الموت هو جوهر شعارها الرئيسي الذي يرددونه عشرات المرات يوميا: "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل".
في محافظة صعده، معقل الحوثيين، كانت جدران البيوت مزدحمة بشعارات تمجيد الموت و"الشهادة". الشهادة هي السلعة الاستهلاكية الأبرز ترويجا وبيعا تحت حكم هذه الجماعة الدينية. وأبرز مفاخر الحوثيين كانت المقابر الضخمة التي انتشرت في كل مديرية تحت اسم "رياض الشهداء".
كما أن أكبر احتفاليات الحوثيين مرتبطة بالموت: اليوم السنوي للشهيد، ذكرى كربلاء، مقتل الإمام علي، و"يوم الشهيد السنوي" الذي يحتل عندهم نفس مكانة "عيد العمال" في الأنظمة القائمة على الانتاج. فإذا كانت مجتمعات الإنتاج تبنى بسواعد المواطنين وعرقهم فإن البلدان في ثقافة الموت تبنى بدماءالشهداء.
في شارع الخمسين بصنعاء تنتصب لوحة إعلانية تحمل صورة للمؤسس "حسين الحوثي" وتحتها عبارة يفتخر فيها أنه جعل أتباعه يعشقون الموت. وعلى بعد أمتار من اللوحة محلات وعيادات وشركات وملاهي جميعها أصبحت مغلقة أو مدمرة بسبب الحرب كأنها تستجيب لنداء الموت المجاور.
تخوض القاعدة والحوثيون حربا ضد بعضهما في أكثر من جبهة. والوسيلة الأبرز لكل منهما واحدة: تمجيد الموت والشهادة.
في مارس 2015 فجر انتحاريان منتميان للقاعدة مسجدي "بدر" و"الحشوش" التابعين للحركة الحوثية. كنت أشاهد خبر التفجيرين في قناة المسيرة. كان الخبر مكتوبا وفي الخلفية تدور أنشودة تشجع الشباب على "الاستشهاد" والموت في سبيل القضية، مع لقطات متعددة لمقابر "الشهداء"، تتقاطع مع وجوه مبتسمه لشباب يضعون شعار "أنصار الله" علي جباههم ويقفون وسط المقابر وعلى وجوهم السعادة والاستبشار في انتظار الموت!
تخيلت في الناحية الأخرى وجهي الشابين الانتحاريين الذين فجرا نفسيهما في أوساط المصلين. ولا شك أنهما أيضا سمعا من الجهة المقابلة عشرات الأناشيد عن الشهادة والموت وشاهدا على "اليوتيوب" عشرات الوجوه المبتسمة "للشهداء" الذي ماتوا في هجمات انتحارية أخري.
ثقافتان للموت تتصارعان علي نفس النتيجة!
ثقافة تنتزع شبابنا من دورهم في الحياة والإنتاج وتغسل أدمغتهم وتقنعهم أن الموت هو أسمي الغايات وأن غاية المني أن تحصل على قبر صغير تعلوه بضع كلمات تتحدث عن الشهادة.
حلت أناشيد الموت والشهادة محل أناشيد الوطن والحب والإنتاج. صارت تطارد الشباب في كل مكان وتحولهم إلى قنابل موقوته أو مشاريع انتحاريين.
يفتخر الحوثيون بتفجير المنازل ويحرصون على توثيق لحظات التفجير بالفيديو على صيحات "الصرخة". بينما تحرص القاعدة في اليمن على التقاط سيلفي مع الرؤوس المقطوعة للجنود اليمنيين الذين تم ذبحهم في حضرموت وشبوة.
يسقط المجتمع اليمني تدريجيا في فخ "النكروفيليا".
والنكروفيليا انحراف نفسي يعاني فيه المصاب من محبة الموتى والجثث والأشياء المتفسخة. لكن عالم النفس الشهير "اريك فروم" وسع مفهومه ليصبح مصطلحا يعبر عن الشعور بانجذاب عاطفي تجاه كل ما هو ميت، ومتفسخ وتحويل ما هو حي إلى غير حي، وبالتدمير من أجل التدمير".
ترى الشخصية النكروفيلية بأن السبيل الوحيد لحل أية مشكلة أو صراع هو بالقوة والعنف، دون أن يكون الأمر متطلبا لذلك، قد تتحول النكروفيليا لحالة جماعية يتم فيها تدمير كل الطاقات الحية في الإنسان وتحويلة إلى جثة متحركة.
كانت الفاشية والنازية هما الانحراف النيكروفيلي للضمير الأوربي في أوربا الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين. تحت شعار" يحيا الموت" قتل 50 مليون إنسان ودمرت بلدان بأكملها.
لكن الانحراف النيكرفيلي العربي اليوم يكتسي وجها دينيا طائفيا. هذا لا يعني أن الجانب الديني هو المحفز الوحيد لثقافة الموت العربية. فالبيئة العربية بيئة محفزة على النيكروفلية والافتتان بالموت. وهذا أمر طبيعي في أي بيئة ثقافية معادية للإبداع والتجديد ومتعلقة بالماضي.
تتفنن الجماعات الدينية الجهادية في صور الموت وطرقه. من الحرق إلى الذبح إلى إطلاق قذائف الآر بي جي. ويصل الاستعراض النيكروفيلي ذروته حين يقوم أحد "أشبال الخلافة" بذبح ضابط سوري في تدمر ويتناقل اليمنيون صور طفل من محافظة لحج الجنوبية يقوم بذبح أحد الجنود المقيدين إلى الأرض. ها هي ثقافة الموت تنتقل للجيل القادم وتحول الطفل الى قاتل لا تطرف له عين يلتقط سيلفي مع الرأس المقطوع.
ظاهرة "السيلفي مع الرأس المقطوع" هي ذروة الافتتان بالموت وعشق الجثث. فإذا كانت وظيفة السيلفي توثيق لحظات الفرح والمتعة والإنجاز، فإنها في ثقافات الموت تتحول إلى النقيض تماما. إلى توثيق لحظات الدمار والقتل وإنهاء الحياة.
بعد ستة أشهر من الحرب وسقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى، خرج زعيم جماعة الحوثيين ليخطب مطالبا اليمنيين بالمزيد من "التضحيات". المزيد من التضحيات في هذا الخطاب تعني المزيد من الجثث والموتى.
بعد ذلك بيوم واحد فقط فجر انتحاريان منتميان لداعش مسجدا في العاصمة صنعاء في اليوم الأول لعيد الأضحى، مضيفين جثثا جديدة وإنجازا جديدا إلى ثقافة الموت والدمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.