عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    وزارة النقل توجه بنقل إيرادات الخطوط الجوية اليمنية إلى حساباتها المعتمدة في عدن والخارج مميز    تعذر رؤية هلال ذي الحجة في بعض المراصد، ودائرة الأهلة بالسعودية تنتظر النتائج كاملة لاتخاذ القرار    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين استهدف السفن التجارية في البحر الأحمر مميز    تحت راية العلم اليمني.. عيدروس الزبيدي يرأس "اجتماعا استثنائيا" لمجلس الوزراء وتوجيهات رئاسية توجع الحوثيين    مقطع فيديو جديد لتعذيب شباب يمنيين على يد الجيش العماني "شاهد"    الزُبيدي يرأس اجتماعاً استثنائياً لمجلس الوزراء مميز    دعت لإلغاء أوامر الإعدام فورا.. العفو الدولية: الحوثيون يستخدمون القضاء أداة للقمع السياسي    لامين يامال الاقرب للفوز بجائزة الفتى الذهبي 2024    تصفيات آسيا مونديال 2026: طاريمي يقود ايران للفوز على هونغ كونغ    تحركات يمنية سعودية عالية المستوى وحدث هام ونوعي في مجلس التعاون الخليجي وقطر بشأن اليمن    الشرعية تؤكد تعذيب الجيش العماني لسبعة يمنيين!!    عودة نظام الرهائن.. مليشيا الحوثي تواصل الضغط على صحفي معارض باختطاف طفله    دول الخليج الغنية تستغني عن الديزل لتوليد الكهرباء ولصوص الشرعية يصرون على استخدامه    اليوم .. المنتخب الوطني يواجه نظيره البحريني في تصفيات آسيا    الاتحاد الدولي لكرة الطائرة: يدعم مشاريع اللعبة في جميع أنحاء العالم    نصيحة للجنوبيين.. لا تسقطوا الانتقالي وتستبدلوا الحرية بالعبودية    ضبط شحنة قطع غيار خاصة بالطائرات المسيرة في #منفذ_صرفيت    مشروع "مسام" ينتزع 1.406 ألغام خلال أسبوع زرعتها المليشيات الحوثية الارهابية    عن تجربتي مع الموت!    أكثر من 30 شهيدا جراء قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين وسط قطاع غزة    إعلان حوثي بشأن موعد استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى الأردن    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    محمد بن زايد.. رسائل من الشرق    لماذا الآن تفجير الصراع في حضرموت عبر "قوات درع الوطن"    هل تُكسر إنجلترا نحس 56 عامًا؟ أم تُسيطر فرنسا على القارة العجوز؟ أم تُفاجئنا منتخبات أخرى؟ يورو 2024 يُقدم إجابات مثيرة!    مأساة في تعز: غرفة النوم تتحول إلى فخ قاتل لعائلة    جيسوس يفوز بجائزة الافضل في الدوري السعودي لشهر مايو    تحريك قوات درع الوطن في حضرموت يرفع منسوب التوتر بين الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية    نقابة المهن الفنية الطبية في تعز تدين الاعتداء على رئيسها وتدعو لمحاربة الفساد    محافظ عدن أحمد لملس يتفقد أوضاع الأسر المتضررة من انهيار مبنى في كريتر    السعودية توجه رسالة وصفعة كبيرة للحوثيين بعد قيامها بأمر هام في البحر الأحمر    رسالة رادعة: القصاص الشرعي رمياً بالرصاص لمدانين بجرائم قتل في عدن    ليست صراع بنوك...خبير اقتصادي يكشف مايجري بين البنك المركزي بعدن وبنوك صنعاء    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 36586 شهيدا و 83074 جريحا    الكيان الإرهابي بين عشيّتين    السفير اليمني يزور المنتخب قبل مواجهة البحرين    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    السعودية تضع حجر الأساس لمشروع إنشاء كلية الطب في مدينة تعز مميز    الوزير الزعوري يدعو المنظمات الدولية لدعم الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لكبار السن    تقرير أممي: أكثر من 6 ملايين شخص في اليمن بحاجة لخدمات المأوى هذا العام مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    عصابات فارس مناع تعبث بالآثار في إب لتهريبها للخارج    التأثيرات السلبية لقراءة كتب المستشرقين والمنحرفين    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    إنهيار منزل من 3 طوابق على رؤوس ساكنيه بالعاصمة عدن    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولاية علي بن أبي طالب بين تزوير الإمامة والحقيقة التاريخية (17)
نشر في يمن فويس يوم 16 - 08 - 2022

خلخلة صف علي وخذلانه وتذمره كلما مر الزمن والأحداث على علي كلما زاده أتباعه خذلاناً وتقاعساً، وهذا الأمر أحد أسباب تخلخل صفه وتقوية صف معاوية، وأثبتت الأحداث أن المسند ظهره إلى أهل العراق كمن يسند ظهره إلى خيوط العنكبوت، وسنجد هذا الخذلان وهذه القصة تتكرر مع بني علي وأحفاده من قبل أهل العراق، كما حصل مع الحسين وزيد بن علي وأبنائه من بعده من الخذلان والغدر، وهو الأمر الذي أدركه الحسن باكراً وفطن إليه وقام بالصلح مع معاوية. ولذلك من يقرأ كتاب نهج البلاغة المنسوب لعلي بن أبي طالب سيجد معظمهم في التذمر من شيعته ومناصريه والتحامل عليهم ووصف تخاذلهم عنه والتهرب من نصرته، ويجد مرارة وغصة علي من الخذلان كلها أفرغت فيه. وبلغ به الأمر، كما يقول في إحدى خطبه، أنه لم يصمد معه في الحروب والولاية إلا أهل بيته، فقال:
"فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت عن القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من كعم العلقم"( ).
لقد كان ولاة علي وأمراؤه متثاقلين وغير مخلصين له دائماً عدا عمار بن ياسر، وعبدالله بن عباس في معظم ولاية علي قبل أن يخذله في نهايتها، ومحمد بن أبي بكر الذي كان من أكثر الناس إخلاصاً له لأنه كان ربيب حجر علي كون علي زوج أمه أسماء بنت عميس، وكذلك قيس بن سعد بن عبادة، وزهد هذا الأخير عن المكر والدهاء رغم مقدرته على تغيير المعادلة كان أحد عوامل ضعف الفريق، وكذلك القعقاع بن عمرو، وبشر بن كنانة التيجيبي، وهذا الأخير كان مشاركاً في قتل عثمان والتأليب عليه، والأشتر النخعي (مالك بن الأشتر) الذي كان طامعاً في المزيد من علي، وكان الأشتر من ضمن الأمراء المؤلبين على قتل عثمان. فقد كان علي - رضي الله عنه - كلما أمر أتباعه بأمر، وكلما ندبهم إلى أمر، أو استحثهم إلى حرب كانوا يتثاقلون إلى الأرض، ولا يلبون دعوته، بل ويخالفون أوامره في أحيان كثيرة. ولم يجد له من المخلصين، وخاصة من القادة سوى عمار بن ياسر والخارجي قاتل عثمان بشر بن كنانة التيجيبي، والقعقاع بن عمرو، والأشتر النخعي إلى حد لا بأس به، وابن عباس في معظم أيامه، قبل أن يوجه له ولخلافته الضربة القاضية في نهاية الأمر.
فحينما حرك معاوية جيشه تجاه مصر بقيادة عمرو بن العاص استنصر محمد بن أبي بكر علياً برفده بالمقاتلين، فقام علي يندب أصحابه في الكوفة فخذلوه فقال لهم:
"عباد الله إن مصر أعظم من الشام، أكثر خيراً، وخير أهلاً، فلا تغلبوا على مصر، فإن بقاء مصر في أيديكم عز لكم، وكبت لعدوكم. أخرجوا إلى الجرعة بين الحيرة والكوفة فوافوني بها هناك غداً إن شاء الله.
فلما كان من الغد خرج يمشي فوافاه بكرة وانتظر حتى انتصف النهار يومه ذلك فلم يوافه رجل واحد فرجع"( ).
يواصل علي - رضي الله عنه- تبرمه من خذلان أتباعه وهو يخاطبهم كثيراً: "ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، ما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه. لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم!
إنكم تكادون ولا تكيدون، وينتقص أطرافكم ولا تتحامثون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان ذو عقل، وبات لذل من وادع، وغلب المتجادلون، والمغلوب مقهور ومسلوب..." إلخ( ).
بهذا الخذلان تم تسليم مصر، وأُسلم محمد بن أبي بكر وجيشه إلى القتل وخرجت مصر من يد علي، وكان خروجها إيذاناً بانتهاء حكمه، فقد توجه معاوية ببعض جيوشه إلى البصرة ولم يتبق لعلي إلا الكوفة حتى اغتيل قبل أن يرى هزيمته النهائية.
تدرك علياً - رضي الله- عنه الحسرة من ذلك التخاذل فيقارن بين جيشه وأنصاره بجيش وأنصار معاوية، فلما كان العشي من ذلك اليوم نادى أشراف الناس فدخلوا عليه القصر وهو حزين كئيب، فقال: "الحمد لله على ما قضى من أمري، وقدر من فعلي، وابتلاني بكم أيتها الفرقة ممن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت، لا أبا لغيركم..."، إلى أن يقول: "أوليس عجباً أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة، ويجيبونه في السنة المرتين والثلاث إلى أي وجه شاء، وأنا أدعوكم – وأنتم أولو النهي وبقية الناس- على المعونة وطائفة منكم على العطاء، فتقومون عني وتعصونني، وتختلفون علي؟!"( ).
هذا التخاذل والتباطؤ في أية دولة أو جيش مورد الهزيمة والمهالك، وربما كان استشهاد علي في تلك الأوقات العصيبة مخرجاً له من الله ورحمة من هزيمة نكراء أمام معاوية، فكان ثالث خليفة يقتل قتلاً. فقد رأينا بعض الروايات تقول إن علياً كان يستعجل منيته واستشهاده بسبب تلك الحسرة والتخاذل، فقد كان يقول لنفسه أحياناً: متى تأتي يا أشقى الناس؟ وهو يعني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم له وهو يقول له: "أشقى الناس أحيمر ثمود والذي يضربك يا علي على قرنك هذا فيسيل دمك على هذا"!!
حدثنا: ‏علي بن بحر‏، حدثنا: ‏‏عيسى بن يونس، حدثنا: ‏محمد بن اسحاق، ‏حدثني: ‏ ‏يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي‏، ‏عن ‏ ‏محمد بن كعب القرظي، ‏عن ‏ ‏محمد بن خثيم أبي يزيد، ‏عن ‏ ‏عمار بن ياسر، ‏قال: ‏ ‏كنت أنا ‏وعلي ‏رفيقين في غزوة ‏ ‏ذات العشيرة ‏ ‏فلما نزلها رسول الله ‏(ص) ‏وأقام بها رأينا أناساً من ‏ ‏بني مدلج ‏ ‏يعملون في عين لهم في نخل ، فقال لي ‏علي: ‏يا ‏أبا اليقظان ‏ ‏هل لك أن تأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي ‏‏فاضطجعنا في صور من النخل في ‏ ‏دقعاء ‏ ‏من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا الا رسول الله (ص) ‏يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك ‏ ‏الدقعاء، ‏فيومئذ قال رسول الله ‏(ص) ‏لعلي:‏ "‏يا أبا تراب (لما يرى عليه من التراب)، قال: ‏‏ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟! قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ‏أحيمر ‏ثمود ‏ ‏الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا ‏علي‏ ‏على هذه ‏ ‏(يعني قرنه)‏ ‏حتى تبل منه هذه ‏يعني لحيته"( ).
فقد كان علي قد يئس من أصحابه يأساً بالغاً، كما جاء ذلك في خطبة له كما ذكرها الكتاب المنسوب إليه (نهج البلاغة) بقوله: "اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني. اللهم مُثَّ قلوبهم كما يماث الملح في الماء. أما والله لوددت بكم ألف فارس من بني فراس بن غَنْمٍ"( ).
فعلى الرغم من أن محتوى هذا الكتاب لا يصدق أنه من كلام علي بن أبي طالب الذي أظهره كلعان سباب شتام مكفر للمخالفين، يائس في قوله وعمله، متذمر الأفعال والأقوال، غير متألف لقلوب الناس والأتباع، منفر الطباع، شكس الأخلاق، خلطوا فيه الصحيح والسقيم والغث والسمين، وهو يعتبر أهم أعمدة الكتب الشيعية، ونحن إذ نستشهد ببعض أقوالهم وما نسبوه إليه ليكون حجة عليهم من كتبهم.
وجاءت خطبته هذه حينما علم أن جيوش معاوية أخذت اليمن من واليها عبيد الله بن عباس والي علي على اليمن، واستيلاء بسر بن أرطأة على صنعاء وذبحه طفلين لعبيد الله بن عباس فيها.
امتلأ كتاب نهج البلاغة وكثرت الخطب المتذمرة من أتباعه وشتمهم إياهم ويأسه منهم ولم تكن فقط تلك التي قدمنا بل خطب كثيرة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تضعضع جبهة علي وفرار الناس عنه وخذلانهم إياه حتى ذهبت دولته منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.