هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    الرعب يجتاح قيادات الحوثي.. وثلاث شخصيات بمناطق سيطرتها تتحول إلى كابوس للجماعة (الأسماء والصور)    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    "هل بصمتك ثمن معاملتك؟ بنك الكريمي يثير قلق العملاء باجراءات جديدة تعرض بياناتهم للانتهاك    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    عمران: مليشيا الحوثي وضعت الصحفيين في مرمى الاستهداف منذ اليوم الأول للانقلاب    كهرباء عدن تعلن عن انفراجة وشيكة في الخدمة المنهارة والغضب يتصاعد ضد بن مبارك    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    استشهاد جندي من قوات درع الوطن خلال التصدي لهجوم حوثي شمالي لحج    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    لو كان معه رجال!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الشعبي العام في اليمن.. مسارات وتحديات
نشر في نشوان نيوز يوم 17 - 03 - 2021

– قرابة قرنٍ كامل على الفكرة وأربعون عامًا على التأسيس – د. ثابت الأحمدي
– في أغسطس من العام 1928م – وضمن المساعي السياسية التي قادها رئيس حزب الدستور التونسي الشيخ عبدالعزيز الثعالبي بين سلاطين الجنوب وأئمة الشمال في اليمن آنذاك – وضع المذكور فكرة "مؤتمر يمني عام"، من كلا الشطرين، نصت المادة الخامسة منه على "تأسيس لجنة دائمة، مؤلفة من أعضاء، يختارهم أمراءُ البلاد الممتازة، وأعضاء يختارهم الإمام، للنظر في حقوق ومطالب ومصالح الجهات الممتازة، وإذا حصلَ خلافٌ تنظر فيه".
انظر الرحلة اليمنية 12 أغسطس – 17 أكتوبر 1924م، عبدالعزيز الثعالبي، ص: 158.
تعثرت الفكرةُ التي لم يتحمس لها الإمامُ أساسًا؛ لأن الجنوبيين لن يأتوا إليه بالحُبوب والغِلال التي يتحصُلها بالاستحواذ والقسر من رعية الشمال، كما لم يتحمس لها السلاطينُ في الجنوب أيضًا، لحساسيتهم التاريخية من نظام الإمامة التي يحملون عنها انطباعًا سيئا، ثم إن القرار في محصلته النهائية ليس بأيديهم آنذاك، كونهم واقعين تحت الاحتلال البريطاني.
عناوين ذات صلة
* بدء حفر آبار مشروع مياه (زايد) لمدينة تعز
8 سبتمبر، 2023
* الحكومة تدين تفجير الحوثيين منزلا وقتل وإصابة 9 من ساكنيه في صعدة
8 سبتمبر، 2023
– في 11 أغسطس من العام 1963م انعقد "المؤتمر اليماني العام" في صنعاء، بمشاركة مجموعة من شيوخ القبائل، موجهًا الدعوة الى جميع المشايخ والعلماء للمشاركة فيه، للبحث عن طرق ووسائل حل المشاكل السياسية الداخلية للبلاد، وفي السابع عشر من الشهر نفسه بدأت أعمالُ المؤتمر الثاني الذي أقر توجيه نداءٍ إلى مشايخ القبائل المناصرين للنظام الجمهوري والواقفين إلى جانب الملكيين، كما وجه نداءً الى رجال الدين، يدعوهم إلى المشاركة في أعمال "المؤتمر اليماني العام" في عمران، للمساهمة في حل القضايا السياسية الداخلية للبلاد.
وانعقد المؤتمر آنذاك، لتحقيق مصالحة وطنية شاملة، من أجل حماية النظام الجمهوري والدفاع عن الثورة ضد الأعداء الإماميين، وقد عُقد المؤتمر بمشاركة 500 شخص، يمثلون المشايخ والعلماء والحكومة والقوى الوطنية، وكذلك ممثلي النقابات في جنوب الوطن.
وفي سبتمبر من العام نفسه صدر قرارٌ بإنشاء الجيش الشعبي. كما صدر في مايو 1965م قرار جمهوري بتشكيل لجنة دائمة، تتكون من 27 عضوًا، كُلفت مؤقتا بالقيام بمهام مجلس الشورى، وفقًا لما نص عليه الدستور المؤقت الثاني، كأول برلمانٍ تشهده الجمهورية العربية اليمنية، الوليدة.
– في ابريل من العام 1977م، وفي مدينة الحديدة تحديدًا أعلن الرئيس إبراهيم محمد الحمدي عن تأسيسِ المؤتمر الشعبي العام، ونظرًا لتحولات المرحلة وظروفها تعثر سير الفكرة. وقد ظهر الرئيس الحمدي متحدثا عن هذا الكيان الجديد في مؤتمر صحفي مصور. انظر الرابط: https://youtu.be/Dsv5Urk-Ki8
وهكذا تعثرت كل الخطى الداعية إلى هذا المؤتمر اليمني العام الذي يجمع شتات اليمنيين تحت راية واحدة، منذ الفكرة الأولى، على الرغم من حاجة اليمنيين الماسة لهذا الكيان الذي يوحد شتاتهم.
– في 24 أغسطس من العام 1982م تم الإعلان رسميًا عن تأسيس المؤتمر الشعبي العام، واختيار علي عبدالله صالح أمينًا عامًا له، من قبل أعضاء اللجنة الدائمة المؤسسين، وعددهم ألف مؤسس، كما تم انتخاب الدكتور أحمد محمد الأصبحي أمين سر اللجنة الدائمة، وللتاريخ فقد كان الأصبحي دينامو المؤتمر الشعبي العام، وصائغ أغلب أدبياته التنظيمية، ومهندس برامجه وسياساته بثقافته الموسوعية وفكره العميق، وإلى جانبه أيضا آخرون، كانت لهم جهود وطنية رائدة.
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: صور من قاعة تأسيس المؤتمر الشعبي العام 1982 بعدسة الغابري
بعد هذا الاستهلال، وبعد استقراء أربعين عامًا مضت من عمر هذا الحزب العريق نستطيع تقسيم مراحله إلى خمس مراحل:
المرحلة الأولى: 1982 – 1990م.
خلال هذه المرحلة نستطيع القول: أن المؤتمر الشعبي العام الذي تعثرت خطاه السابقة في جميع المراحل قد نجح في الوقوف على قدميه، ومثل أول "لقاء مشترك" جامعٍ لكل اليمنيين بمختلف توجهاتهم وأطيافهم، في مرحلة تاريخية حادة من الصراعات الداخلية، جزء منها من امتداد الحرب الباردة، فقد كانت الأصابعُ على الزناد بين أيديولوجيتي: "اليمين واليسار"، وكلٌ منهما على النقيض التام من الآخر؛ لكن بانضوائهم تحت راية المؤتمر الشعبي العام، وبرئاسة الرئيس علي عبدالله صالح احتكم الجميعُ إلى أدبيات الحزب، بعد احتكامهم إلى فوهات البنادق خلالَ أربع سنوات مضت، من الحروب الأهلية والداخلية، عُرفت بحروبِ المناطق الوسطى التي شملت: شرعب وإب وريمة ووصابين وعتمة وآنس. وانعقدت الدورات الداخلية للمؤتمر بكل سلاسةٍ وديموقراطية، وقد حصل أحدُ عناصر "الحركة الإسلامية/ الإخوان المسلمين" آنذاك على الترتيبِ الأول في الانتخابات الداخلية، وهو الشيخ محمد حسن دماج، محافظ محافظة المحويت حينها، رحمه الله، والمنتمي للجماعة في تعز، سنة 1967م.
هذه النخبة التنظيمية السياسية – بجميع أطيافها – شاركت في المؤتمر الشعبي العام، وشاركت أيضًا في الدولة، ولم ينفرد تيارٌ أو جماعة ما بالسيطرة خلال هذه الفترة، بمن فيهم علي عبدالله صالح نفسه الذي كان شوكة الميزان، وإن كانت أضواءُ الإسلاميين أكثرَ بريقا داخلَ المؤتمر خلال هذه الفترة.
المرحلة الثانية: 1990 – 1994م
عقب قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م تغيرت المعادلة السياسية في البلاد، وتحولت التيارات التنظيمية السرية إلى أحزابٍ سياسية علنية، تأخر لاعبون، وتقدم آخرون، وتم الإعلان عن التحالف بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وشاع مصطلح: "الحزبان الحاكمان"، خفتت على إثره أضواء عناصر ما عرف بالحركة الإسلامية، "الإصلاح لاحقا"، وقد تحولوا إلى معارضة، متكئين على جمهور عريض استقطبوه خلال الفترة السابقة، أغلبه من الوسط التربوي والشباب الجامعي، إلا أن هذا الجمهور ليس أعرضَ من جمهور المؤتمر. وفي الجنوب أيضًا ليس أعرضَ من جمهور الحزب الاشتراكي.
في هذه الفترة تمايزَ المؤتمر الشعبي العام تنظيميًا، بعد أن غادرت كثيرٌ من عناصره السابقة إلى حيث تجدُ نفسها، يمينًا ويسارًا. ومع هذا ظلت العلاقة وطيدة بينه وبين كل الأحزاب بلا استثناء، بما في ذلك الحزب الاشتراكي اليمني الذي أعلنت بعضُ قياداته الانفصالَ في مايو 1994م.
المرحلة الثالثة 1994- 2006م
خلالَ الفترة الأولى من المرحلة الثانية، وعلى وجه التحديد فيما بين: 94 إلى 97م، تشاركَ المؤتمر الشعبي العام "السلطة" مع التجمع اليمني الإصلاح، كما تشارك "الحكومة" أيضا مع بقية الأحزاب والتيارات الأخرى، بمعنى أن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس الهيئة العليا للإصلاح يكاد يكون الرئيس الثاني بعد علي عبدالله صالح في مرحلة ما بعد 93م، سواء من موقعه القبلي، شيخا لمشايخ اليمن، أو من موقعه الحزبي للإصلاح، أو من موقعه البرلماني، رئيسا للبرلمان. وبهذا ظل الإصلاح شريكَ "سلطة"، لا شريك "حكومة" فقط. ونستطيع القول عن هذه السنوات أنها "سنوات العسل" بين الحزبين، والتي تمثل امتدادًا لمرحلة ما بين 82 إلى 1990م، وإن شابَها بعضُ التوجس الخفي، كحالة طبيعية لأي شريكين في معركة ما؛ إذ يتوجس كل طرف من الطرف الآخر، ويبدأ الطرف الأقوى في الاستحواذ على الأضعف…إلخ.
المرحلة الرابعة: 2006م، 2014م
تكاد هذه الفترة تكون أزهى فترات المؤتمر الشعبي العام، جماهيريا وسياسيا، فعلى الصعيد الجماهيري استطاع علي عبدالله صالح الفوزَ في الانتخابات الرئاسية الجادة التي نافسته فيها أحزابُ اللقاء المشترك، بكل جدارة، وتعتبر أول حالة عربية تقريبا، للتنافس الجاد لمنصب الرئاسة، صحيح أنه سبقتها حالة عام 99م؛ لكنها لم تكن بمستوى حالة 2006م.
لقد جدد الحزبُ نفسه داخليا من خلال المؤتمر العام السابع، والذي انعقد في عدن في نهاية العام 2005م، ومثل انتخاب الأستاذ عبدالقادر باجمال، رحمه الله، حالة إيجابية على الصعيد التنظيمي الذي شهد حراكا داخليا ملحوظا حتى العام 2008م، والذي تم فيه انتخاب عبدربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية آنذاك نائبا لرئيس المؤتمر، أمينا عاما للحزب، خلفًا للأستاذ باجمال، فدخل الحزبُ حالة الصقيع والتجمد، وكان قبل ذلك شعلة متوهجة من النشاط.
خلال هذه الفترة ساءت علاقة المؤتمر الشعبي العام بأغلب الأحزاب السياسية الفاعلة الساحة، التي ناوأته بكل قوة، ووصل الجميع إلى قطيعة شبه تامة لأول مرة، ما كان ينبغي لها أن تحدث أبدًا، وتشكلت داخل اللجنة العامة والأمانة العامة للحزب ما عرف بالصقور والحمائم، كان بعضهم ينفخ في نار الخلافات، منطلقا من مصالح ذاتية، فيما كانت للبعض الآخر رؤى رزينة ووازنة، كالدكتور أحمد عبيد بن دغر والدكتور أبوبكر القربي وآخرين، إنما غلبت مخالب الصقور على مناقير الحمائم..!
ليس ذلك فحسب؛ بل لقد تصدرت لقيادة الحزب شخصياتٌ غارقة في الأمية السياسية والثقافية والتنظيمية، كانوا سببًا في سوء العلاقة مع الأحزاب الأخرى التي تكتظ بصقورها المتطرفين والجهلة أيضًا.! آل الأمرُ في المحصلة النهائية إلى أحداث 2011م التي انفرط فيها العِقدُ على الكل، والتي شهد المؤتمرُ فيها أعنف هزة تنظيمية في تاريخه؛ لكنها على عُنفها هذا لم تؤثر عليه كثيرًا، وظل متماسكا بقوة؛ إذ شهد الحزبُ مغادرةَ بعض أعضائه منه، وإن لم يلتحقوا بأحزاب أخرى، مترقبين ما ستؤول إليه المعادلة في صيغتها النهائية، والتي طالت، ثم آلت إلى غيرِ ما توقع الجميع.
المرحلة الخامسة 2014م –
في العام 2014م كانت الهزة السياسية الأكبر في تاريخ المؤتمر الشعبي العام، وهي جزءٌ من الهزة السياسية للدولة أساسًا، كما أنها نتيجة لخلل في التقدير وسوء في قراءة المشهد من قبل بعض قيادة المؤتمر، لا من قبل المؤتمر كله. لم تمر هذه الهزة العنيفة بسلام كما مرت في 2011م؛ بل كان لها ما بعدها، وحتى اللحظة. وفي الواقع لا نستطيع الحديث عنها ما دمنا نعيش تفاصيلها؛ لأن الحديثَ عن أي فترةٍ سياسية يقتضي انتهاؤها أولا، حتى يتم قراءتها كليا، لا جزئيا.
ولا يفوتنا أن نشيرَ إلى أنه ما من حزب سياسي على الساحة إلا وتورط في مثلبة ما، تجاه الوطن، تُحسب عليه: تورط الناصريون في انقلاب على الدولة القائمة في أكتوبر 78م، وتورطت قيادة الحزب الاشتراكي في إعلان الانفصال عام 94م، وتورط التجمع اليمني للإصلاح في ثورةٍ غير محسوبةِ النتائج مع آخرين عام 2011م، وأخيرًا تورطت بعضُ قيادة المؤتمر الشعبي العام في التحالف مع أسوأ كيان إمامي بغيض في تاريخ اليمن.
وللأسف فكلُ حدثٍ من هذه الأحداث لم يستفد منه اليمن على الإطلاق، فقط الإماميون استثمروه لصالحهم، حتى كان إعلانهم النهائي في الانقلاب على الدولة في سبتمبر 2014م. ووفقًا للكاتب العربي الكبير ناصر الدين النشاشيبي الذي استقرأ الحالة اليمنية قبل هذا بسنوات: "فإن الأمرَ الأكثر مرارة في أوضاع اليمن شديدة التخلف قد تؤدي مناخات الحرية في ظل ضعف النظام السياسي إلى الفوضى وبروز نزعاتٍ يمكنها أن تقود إلى متاهات تمزُقٍ جديدة، وصراعات يغذيها الإرث الإمامي". وهذا ما حصل.
المؤتمر.. وكعب أخيل..!
في الواقع إن الحديثَ اليوم عن الأحزاب السياسية سابقٌ لأوانه، وتجاوزٌ لما هو أهم، وهو الدولة، فقبل أن نتكلمَ عن الحزبِ نتكلم عن الدولة، باعتبار الحزب جزءًا منها، إنما ثمة مبررٌ قد يبدو موضوعيا في الحديث عن الحزبية اليوم، وهو أن جملة الأحزاب اليمنية إحدى الآليات لاستعادة الدولة، بحكم انهيارِ أغلب مؤسساتها، ومن جهة ثانية يقتضي الأمرُ الاستفادة من تجربة التجمع اليمني للإصلاح على وجه التحديد، في البناء التنظيمي الذي يُعتبر "كعب أخيل" بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام..!
يمتلكُ المؤتمر قاعدةً جماهيرية واسعة، ويمتلكُ نخبة سياسية مرموقة؛ إنما مشكلته الأساسية في بنيته التنظيمية، الحلقة الأضعف في بنائه، ويقال: تُقاس السلسلة بأضعفِ الحلقات فيها..!
استطاع المفكر والسياسي الدكتور عبدالملك منصور أن يضعَ القاعدة الأساسية التنظيمية للحزب فيما بين 90 و 93م، كخبير سياسي، قادم من تنظيم حديدي صلب، انتقل إلى المؤتمر الشعبي العام سابقًا، بخبرته القديمة، عقب خلافه مع رفاقه، غير أن هذا البناءَ لم يكتمل؛ إذ غادرَ الدائرة في العام 93م، إلى دائرةٍ أخرى، ولو كان قدر له البقاء في هذه الدائرة على الأقل لمدةِ عشر سنواتٍ لكان الأمرُ متغيرًا تمام التغيُر؛ لأن الدائرة التنظيمية لأي حزبٍ سياسي هي قطبُ الرحى، وحجرُ الزاوية فيه، وقد أصيبت هذه الدائرة فيه بالكساح من وقت مبكر، منذ غادرها السياسي المستنير عبدالملك منصور. وزاد الأمرُ سواء أن تعاقبَ على رئاستها سلاليون، وشيوخ قبائل لا يكادون يعون معنى "التنظيمية"..!
بل لقد زاد الطين بلة أنْ رَأسَ هيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي في الأمانة العامة للمؤتمر منذ نهاية العام 2005م، سلاليٌ عتيقٌ هو يحيى الشامي، خلفًا لابن عمه أحمد العماد، الذي جثم عليها فترة طويلة حتى وفاته، وكان من أبرز سياسة الأول الخفية – وربما الأول والثاني التي مارسَاها، ولم نعرفها إلا لاحقًا – هي عرقلة كل الترقيات التنظيمية داخلَ دوائر الأمانة العامة للناشطين التنظيميين، عدا مَن رضيَا عنهم من أتباعهما. أسجل هذا للتاريخ، وأنا شاهدٌ عليه من خلال عملي في الأمانة العامة للمؤتمر فيما بين 2006 إلى 2011م.
يقتضي العملُ التنظيمي نفَسًا واحدًا متواصلا، وإن بوتيرةٍ متباطئة، المهم ألا ينقطعَ أو يتعثرَ لحظة واحدة، وبالنظر إلى "دائرة التأهيل والتنظيم" بالتجمع اليمني للإصلاح نجد أنه منذ تأسيس الحزب في سبتمبر 90م لم يتعاقب على رئاسة الدائرة غير شخصيتين تنظيميتين: محمد قحطان، فيما بين 90 إلى 94م، ثم عبدالله قاسم الوشلي، منذ العام 94م، وحتى اليوم، في استقرار تام، وتفرغ متواصل للعمل، في الوقت الذي لم تستقر الدائرة التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام نصف هذا الاستقرار، للأسف.
منذُ العام 90م خلت الدائرة التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام من مناهج تنظيمية داخلية، تمثل لأتباع الحزب عقيدة وطنية، على الأقل كما كان الأمرُ عليه قبل العام 90م، من خلال الميثاق الوطني الذي كان يُخصص له يومٌ واحدٌ في الأسبوع في مختلف الدوائر الحكومية، وكما هو عليه الأمرُ مع الأحزاب الأخرى، بما في ذلك الإماميون الذين يستندون على أيديولوجية تاريخية وتراث مهول، وإن كان مملوءًا بالخرافات، أو قل كله خرافات؛ لكن هذه الخرافة عقيدة بالنسبة لهم، وهي عقيدة تشبه عقيدة شعب الله المختار في الاصطفاء..!
صحيح أن التخففَ من أعباء الأيديولوجيا في أحد أوجهه حالة إيجابية؛ لكن انعدام الأيديولوجية من أساسها ليست حالة إيجابية مُطلقا. وتفرُق الحزب بالصورة التي عليها اليوم خيرُ دليلٍ على ذلك، في الوقت الذي صمدت أحزابٌ أخرى أقل منه جماهيرية، كالتجمع اليمني للإصلاح، ذي البنية التنظيمية العتيدة والمتماسكة، وكالإماميين أنفسهم، المرتكزين على أيديولوجيا الاصطفاء والأفضلية. وهو ما يقتضي إعادة النظر في هذه الجزئية على وجه التحديد خلال المرحلة القادمة. أتكلم هنا عن الأيديولوجية المنطلقة من الهُوية التاريخية والحضارية لليمن، لا عن أية أيديولوجية دينية؛ إذ لدينا فائضٌ في الأيديولوجيات الدينية، يكفي للتصدير إلى المنطقة كلها..!
أيضًا فإن جُزءًا كبيرًا من الخلل الذي أصابَ الحزبَ تمثلَ في مجموعةٍ من الشيوخ والضباط الذين استحوذوا على قيادةِ الحزبِ بعد العام 94م، ثم بعد المؤتمر العام السابع بصورةٍ أكثر، وشكلوا ظاهرةً صوتية فقط، بلا نظرٍ سياسي أو معرفة علمية تعينُهم على القيادة السياسية المرتكزة على سند معرفي، ببُعد استراتيجي عميق، وإن كان السياسي المستنير الدكتور عبدالكريم الإرياني في قُمرة القيادة؛ لكنه الحلقة الأضعف بين عُتاة المشايخ والضباط المرتكزين على قبائلهم ونفوذهم.
والآن.. هل اتضحت الصُورة؟ وهل سنستفيدُ من دروسِ الأمسِ في طريقنا نحو الغد؟ هذا ما يجبُ أن يكون، برؤىً عصرية، قائمة على المعرفةِ وعلى البرامج، وقبل هذا وذاك.. أين الدولة؟
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: كيف فكر الرئيس صالح في دواعي الميثاق والمؤتمر؟
الوسوم
المؤتمر الشعبي العام اليمن ثابت الأحمدي عبدالعزيز عبدالغني علي عبدالله صالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.