الرئيس الزُبيدي يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه    أمن عدن يلقي القبض على شخص بحوزته عبوات جاهزة للتفجير    رونالدو يطالب النصر السعودي بضم لاعب جديد    شهداء وجرحى جراء قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على شمالي قطاع غزة    الاشتراكي اليمني يعزى في استشهاد المناضل طلال الوظيفة مؤكداً تأييده المطلق للشعب الفلسطيني في كفاحهم المشروع مميز    انخفاض أسعار الذهب إلى 2354.77 دولار للأوقية    "وزير الكهرباء يهرب من عدن تاركاً المدينة في الظلام!"    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    جيسوس يحسم مستقبله مع الهلال السعودي    هجوم إسرائيلي كبير على مصر    مباحثات يمنية - روسية لمناقشة المشاريع الروسية في اليمن وإعادة تشغيلها    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    الاكاديمية العربية للعلوم الادارية تكرم «كاك بنك» كونه احد الرعاة الرئيسين للملتقى الاول للموارد البشرية والتدريب    أزمة الكهرباء تتفاقم.. دعوات للعليمي والحكومة بتقديم الاستقالة    احتجاز عشرات الشاحنات في منفذ مستحدث جنوب غربي اليمن وفرض جبايات خيالية    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    رشاد كلفوت العليمي: أزمة أخلاق وكهرباء في عدن    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    وكالة أنباء عالمية تلتقط موجة الغضب الشعبي في عدن    ماذا يحدث في عدن؟؟ اندلاع مظاهرات غاضبة وإغلاق شوارع ومداخل ومخارج المدينة.. وأعمدة الدخان تتصاعد في سماء المدينة (صور)    قيادي انتقالي: الشعب الجنوبي يعيش واحدة من أسوأ مراحل تاريخه    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    بناء مستشفى عالمي حديث في معاشيق خاص بالشرعية اليمنية    مارب.. الخدمة المدنية تدعو الراغبين في التوظيف للحضور إلى مكتبها .. وهذه الوثائق المطلوبة    صحيفة لندنية تكشف عن حيلة حوثية للسطو على أموال المودعين وتصيب البنوك اليمنية في مقتل .. والحوثيون يوافقون على نقل البنوك إلى عدن بشرط واحد    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    باريس يسقط في وداعية مبابي    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    لو كان معه رجال!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النشيد (قصة قصيرة)
نشر في نشوان نيوز يوم 17 - 03 - 2021


أعياد عامر تكتب: النشيد (قصة قصيرة)
الحادية عشرة ظهرا، وقت تسلح النهار بالعذابات كلها، كعادة كل صيف يأتي عدن منذ حرب 2015.
بخطى منتظمة أسير في أحد شوارع (الشيخ عثمان) المزدحمة قاصدا متجرا آخر الشارع وبإصرار عجيب أبت أمي إلا أن احضر مستلزمات العيد منه دون سواه، ذلك لما تحمله أمي من معتقد ثابت وإيمان مطلق بجودة بضائعه؛ أذعنت لطلب أمي متذكرا قول أبي رحمه الله وتبسمت: "إياك ومناقشة النساء عند اقتراب العيد فهن مستعدات لشن الحرب عليك على أن لا تفسد ليلة العيد التي خططن لها".
عناوين ذات صلة
* عدن: لقاء يناقش تسهيل رصد الانتهاكات في مخيمات النازحين
11 مايو، 2023
* افتتاح مستشفى عدن وتدشين حزمة مشاريع سعودية في اليمن بحضور آل جابر.. صور
10 مايو، 2023
كنت قد اقتربت من وجهتي، كان شارعا ضيقا يمتد على إسفلت مشقق كالشفاه الظمآنة، تنتشر على أرصفته المتهالكة بسطات مكدسة بالبضائع الصينية سيئة الصيت، يضج الشارع بأصوات الباعة المرددين لجمل ترويجية مركزة ومكررة بطريقة مستفزة للغاية.. تلك الجمل التي صرنا نحفظها عن ظهر قلب حتى أنني أرددها فجأة عند الامتعاض من شيء معين.
كان للباعة ملامح وأجساد مغبرة، وأعين لا حياة فيها، أما جباههم فكانت تردد نشيداً آخر لا يشبه نشيد البسطات! شدني الفضول لتلك الجباه، فاقتربت وابتعت من أحد الباعة بعض المكسرات لكن من دون أن أفهم الفهم الكامل لمعنى النشيد.
استأنفت السير تاركا خلفي تلك الجباه، وبينما كانت عيني تسبقني سُرقتْ نعم سُرقتْ من امرأة ترتدي(الشيدر) -ذلك الزي العدني الأنثوي الساحر الذي يفوح بأصالة عدن وعبق تاريخها، والذي اشتقت لرؤيته جدا- كانت تبدو في الخمسين من عمرها، وكم وددت حينها أن أبدي إعجابي بتمسكها بالشيدر وجمالها فيه، لكن مثلما تقول أمي النفوس تغيرت وما عادت عدن عدن.
أكملت طريقي حينها أقلب الذكريات مع رائحة (الزعقة)* المحمصة المنبعثة من (المقلاية)*. وبينما كنت أسبح في بحر من الماضي الجميل، تع إلى صوت طفل ببكاء استفز بؤس الباعة وخطف شرود المارة وقت جوع الظهيرة لما تبقى من الأسفلت، ليشد أفئدتهم قبل أبصارهم واحدا تلو الآخر، كالسمك في صنارة صياد حقيقي، كنت أبعد عن المشهد ما يجعل الصوت يلامسني بأطرافه الحادة؛ نعم كان حادا تلك الحدة التي بمقدورها التعمق كنص مكثف للذكريات. اقتربت أكثر فأكثر من الصوت الذي فعل بي يومها ما لم تفعله الأماكن وتناسته الروائح.
كانت طفلة تبدو في ربيعها السادس تقريبا إلا أن كلماتها تجعل من يسمعها يظن أنها أكبر بأعوام! كانت نحيلة وسمراء يجتمع في وجهها حنق فقراء العيد كلهم، يتوزع على جبينها وعنقها آثار طفح جلدي نتيجة للانقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي في صيف عدن الجهنمي. خطر في بالي حينها قول خالتي "الحرارة* علامة الجودة لأطفال عدن".
كانت الصغيرة ترتدي فستانا نظيفا قد بهت لونه الأزرق ،ولها شعر بني قد ظفر بشدة، جعلني للحظة أشعر بأن لها أما حادة الطباع أو أن أمرا سيئا قد جعلها تفرغ غضبها على الخصلات البريئة.
كانت بصحبة رجل أربعيني الهيئة، وأظن بأنه والدها ،كان أسمر يحمل ملامحاً لسعتها نار الشقاء، كان يقف أمامها ببضع خطوات إلا أنه كان يعطيها ظهره، وأظن أنه لم يفعل هذا لغرض التجاهل أو القسوة وإنما لضعف موقفه أمام انهيار الصغيرة.
وفي لحظة من التوتر والغضب انتفخ فم الطفلة وكأنها خبأت فيه كل ما تعرفه من مفردات لهذا اليوم فقط، انفجر فم الصغيرة بعبارة اخترقت ظهر الرجل وأظنها فعلت به مالم تفعل به سنوات الشقاء: (يا رب أموت اليوم يا رب شلني لعندك)*.
هزت كلماتها درب كل من أصابه وقع صوتها.. شعرت للحظة بأني تسمرت بمكاني.. تساءلت أي ألم تجرعته تلك الصغيرة لتتمنى الموت وما الذي تعرفه عنه ليكون أجمل من الواقع الذي تعيشه!
أفَلت ملامحها السمراء خلف ما عصف بها، اقتربت منها لا أدري كيف أو بماذا سأقشر معنى الموت من على شفتيها الذابلتين، كنت أريد فعل شيء فحسب.. وضعت يدي مربّتا على ظهرها وقلت بكثير من القلق: لا تقولي هذا يا صغيرتي توقفي أرجوك.
شعرت بأنفاسها الحارة تتباطأ بشكل مريب، تيبست عيناها فجأة وكأن كل ما فيهما توقف لينصت. أربكني فرط انتباهها نوعا ما لكنني في الوقت ذاته كنت أعلم أنها فرصتي الثمينة لفعل شيء حيال حزنها العميق، أكملت حديثي: صغيرتي الجميلة أطال الله في عمرك وأراك أياما تشبهك.
عدلت من وضعيتي وقابلتها في جلستي، أردت النظر في عينيها عل كلماتي تصلها بشكل أفضل، لكن بصرها كان لايزال عالقا في ذاك الشيء الذي جعلها تتمنى الموت، شددت نبرة صوتي وقلت: من هم في مثل عمرك سعداء جدا اليوم فالغد هو أول أيام العيد يجب عليك أن تبتهجي لأجل هذا..
التفت كل ما فيها إلي وبالأخص ذلك الشيء الذي يسكن عينيها، كان يود قول شيء ما، كان حزنا على هيئة سؤال وحقد ولد من رحم الإجابة، كان تيهاً لا قرار له يغرق وطنا يعارك الموت وحيدا، كان حمما أو ثورة أو قيامة.
حوصرت أمام عينيها كما لم يحاصر إنسان من قبل، وأظنني الآن فقط فهمت نشيد الجباه، وأظنني الآن فقط فهمت كيف ينضج العيد أطفالنا قبل الآوان!
________
– (الشيخ عثمان) إحدى مديريات محافظة عدن.
– (الشيدر) زي تقليدي تلبسه النساء في عدن وهو عبارة عن قطعة قماش سوداء ملساء تشبه الحرير تلبسه المرأة فوق لبس آخر يسمى ''الدرع'' وتغطي به الرأس ما دون الوجه أحياناً.
-(الزعقة) لب أو حب نوع من أنواع المكسرات.
– (المقلاية) محل يتم فيه تحميص الزعقة واللوز.
– (الحرارة) طفح جلدي يصيب الجسم في فصل الصيف نتيجة لارتفاع الحرارة والرطوبة.
– (يا رب أموت اليوم يا رب شلني لعندك) تطلب من الله أن يأخذها إليه.
– صورة قديمة لأحد شوارع الشيخ عثمان
عناوين ذات صلة:
المطار – قصة قصيرة
الوسوم
أعياد عامر الشيخ عثمان اليمن كتابة القصة القصيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.