إذا ما استثنينا المكابرة والارتهان لنهج المقامرة ورواج نزعات الاستثمار تحت يافطة الانتماء المناطقي، فانه لا مبرر للهجوم الذي شنته صحيفة الميثاق الناطقة باسم الحزب الحاكم على الدكتور ياسين سعيد نعمان بسبب مقالته المنشورة في عدد الأسبوع الماضي من هذه الصحيفة، لان القائمين على أمور البلاد حتى وإن لم يعجبهم ما جاء في ذلكم المقال من توصيف للمشكلة القائمة اليوم، فإنه كان بمقدورهم توفير هذه القوة والعنتريات لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تعصف بالبلاد. أن يقول الدكتور ياسين إن المشكلة الأساسية في المحافظات الشرقية والجنوبية هي في استمرار نهج حرب صيف 1994، فإن الرئيس ذاته يقر بذلك وشكل لجنة لإزالة آثارها بعيدا عن قناعتنا بهذه اللجنة من عدمه. كما ان التعيينات المتتالية في مختلف المواقع وإعادة عشرات الآلاف إلى وظائفهم العسكرية او تسوية أوضاعهم الوظيفة إقرار واضح بفداحة ما خلفته الحرب وغياب المشاركة في الدولة الوطنية الواحدة. كما أن تبني الحزب وقياداته لقضايا الناس في المحافظات التي كانت تحت حكمه لا ينقص من وطنيته في شيء، ولا يجعلها إقطاعية مغلقة عليه، ولكنه تعبير أصيل عن إحساس بالمسؤولية التاريخية تجاه هؤلاء الناس لأنه من أصل في فكرهم وسلوكهم قيم ومفاهيم الوحدة اليمنية، ووقع بالنيابة عنهم على ميلاد الدولة اليمنية الواحدة، ولان من الجلي ان المخطط الأساس هو إخراج الاشتراكي من المعادلة في المحافظات الشرقية لصالح المشروع الذي تضرر من الثورة، ومن ثم إخراجه من المعادلة الوطنية بشكل عام. يواجه الحزب الاشتراكي حرب تصفية من قبل القوى التي رفعت مشاريع السلطنات والمشيخات واتحاد الجنوب العربي قبل ان ينتصر عليها المشروع الثوري عام 67، ومحنة الاصرار على إدارة الدولة وفقا لقواعد الإلحاق وعودة الفرع الى الاصل، ويلتقي الطرفان عند نقطة تخدم المشروع الانفصالي الذي يبحث عن إدانة تاريخية للحزب بدءاً بتحميله مسؤولية الدخول في المشروع الوحدوي وتصوير ذلك على أنها مغامرة غير محسوبة أو خطأ تاريخي ما كان ينبغي له ارتكابه، وقد انتهى هذا الاداء كما يلمس الجميع عند خطاب انعزالي يقوم على تغذية الكراهية والترويج للدعوات العنصرية والجهوية، وبلغ ذروته في نفي يمنية هذا الجزء من البلاد. لا يحتاج حكم الرئيس علي عبد الله صالح إلى بطولات ترتكز على الانتماء الجغرافي ولا الاستمرار في حصار الحزب الاشتراكي وتضييق الخناق عليه ظنا منه أن ذلك سيخلي الساحة أمامه، لان البدائل اليوم باتت واضحة، وإذا ما ارتأى مواصلة السير في هذا الطريق فإن "شحاتير" كثراً سيبرزون له في كل منطقة، أما الدكتور ياسين فليس بحاجة لشهادات في الوطنية إذ في تاريخه من الدروس والعبر ما يكفي لو أراد الآخرون الاستفادة منها.