قيادي إصلاحي كبير مسؤول بالشرعية يثير غضب اليمنيين.. هل يعتزم العودة لحضن السلالة الحوثية بصنعاء؟؟    منتخب مصر يواصل انتصاراته بتصفيات كأس العالم    ناشطون يطلقون حملة إنسانية لدعم بائعة البلس في الضالع    وكالة أمريكية تؤكد دعم أمريكا والغرب لإجراءات البنك المركزي    اليونيسف: أطفال غزة يعيشون كابوسا من هجمات متواصلة على مدى 8 أشهر    وزير الدفاع السعودي يلتقي رئيس الوزراء "بن مبارك" ويؤكد دعم المملكة لليمن    مقرب من الرئيس الراحل "صالح" يكشف عن الجريمة التي فضحت جماعة الحوثي    خلف عدسة الكاميرا... فخٌّ للفتيات! القبض على مالك معامل تصوير في عدن بتهمة الابتزاز!    الإفراج عن العراسي ونجل القاضي قطران يوضح    وداعاً لكأس العالم 2026: تعادل مخيب للآمال مع البحرين يُنهي مشوار منتخبنا الوطني    كيف نجحت المليشيات الحوثية في جذب العملة القديمة إليها؟ خبير اقتصادي يوضح التفاصيل!    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    رئيس اتحاد كرة القدم بمحافظة إب الأستاذ عبدالرحيم الخشعي يتحدث عن دوري الدرجة الثالثة    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    زيدان ... أفتقد التدريب    المنتخب الوطني الأول يتعادل مع البحرين في تصفيات آسيا وكأس العالم    الزكري ينال الماجستير بامتياز عن رسالته حول الاستدامة المالية وتأثيرها على أداء المنظمات    السعودية: غدا الجمعة غرة ذي الحجة والوقوف بعرفة في 15 يونيو    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الحكومة اليمنية تدين تعذيب 7يمنيين بعد دخولهم الأراضي العُمانية مميز    وزارة النقل توجه بنقل إيرادات الخطوط الجوية اليمنية إلى حساباتها المعتمدة في عدن والخارج مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين استهدف السفن التجارية في البحر الأحمر مميز    دعت لإلغاء أوامر الإعدام فورا.. العفو الدولية: الحوثيون يستخدمون القضاء أداة للقمع السياسي    الزُبيدي يرأس اجتماعاً استثنائياً لمجلس الوزراء مميز    تحركات يمنية سعودية عالية المستوى وحدث هام ونوعي في مجلس التعاون الخليجي وقطر بشأن اليمن    الشرعية تؤكد تعذيب الجيش العماني لسبعة يمنيين!!    عودة نظام الرهائن.. مليشيا الحوثي تواصل الضغط على صحفي معارض باختطاف طفله    دول الخليج الغنية تستغني عن الديزل لتوليد الكهرباء ولصوص الشرعية يصرون على استخدامه    نصيحة للجنوبيين.. لا تسقطوا الانتقالي وتستبدلوا الحرية بالعبودية    ضبط شحنة قطع غيار خاصة بالطائرات المسيرة في #منفذ_صرفيت    أكثر من 30 شهيدا جراء قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين وسط قطاع غزة    عن تجربتي مع الموت!    مشروع "مسام" ينتزع 1.406 ألغام خلال أسبوع زرعتها المليشيات الحوثية الارهابية    إعلان حوثي بشأن موعد استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى الأردن    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    محمد بن زايد.. رسائل من الشرق    مأساة في تعز: غرفة النوم تتحول إلى فخ قاتل لعائلة    جيسوس يفوز بجائزة الافضل في الدوري السعودي لشهر مايو    تحريك قوات درع الوطن في حضرموت يرفع منسوب التوتر بين الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية    هل تُكسر إنجلترا نحس 56 عامًا؟ أم تُسيطر فرنسا على القارة العجوز؟ أم تُفاجئنا منتخبات أخرى؟ يورو 2024 يُقدم إجابات مثيرة!    محافظ عدن أحمد لملس يتفقد أوضاع الأسر المتضررة من انهيار مبنى في كريتر    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    الوزير الزعوري يدعو المنظمات الدولية لدعم الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لكبار السن    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    التأثيرات السلبية لقراءة كتب المستشرقين والمنحرفين    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاهة المقدسة
نشر في المشهد اليمني يوم 13 - 07 - 2023


مقالات
د.محمد جميح
هناك تقدم تكنولوجي مذهل اختصر المسافات والأزمنة من جهة، ومن جهة أخرى هناك توظيف لهذا التقدم المذهل في نشر وتقديس كل أنواع «التفاهة».
ولنا أن نتصور كيف توظف آخر مبتكرات التكنولوجيا في مجال «التواصل والاتصال« في نشر الخرافة، وتزيين الجهل، وتزييف المعلومة، و«تقديس التفاهة» وتضليل الجمهور.
واليوم يوظف القادة الدينيون تلك المبتكرات لخداع المؤمنين عن طريق الكثير من المعتقدات التافهة التي صنعوها هم ثم نسبوها لله، والقادة السياسيون يوظفونها لخداع الجمهور، بنشر الشعارات التافهة التي ابتكروها هم ثم نسبوها للقيم.
وتظهر اليوم ملايين القنوات الفضائية والرقمية التي تتحدث عن السحر والشعوذة والحروز وطرد الجان من الإنسان، والمقويات الجنسية، ناهيك عن نشر الشعوذة السياسية والأيديولوجية، وغسل أدمغة الناس، وسرقة أموالهم، وألعاب بهلوانية من أشكال وأنواع مختلفة، عدا عن قنوات الإثارة التي تربح الكثير بعزفها على الأوتار الغرائزية.
في اليمن فتحت جامعة ذمار الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي أبوابها للطلبة للعام الأكاديمي 2023-2024، وبعد شهرين من فتح أبواب التسجيل لم يتجاوز عدد المسجلين في جميع كلياتها بأقسامها المختلفة 45 طالباً وطالبة. تصوروا جامعة كانت تستقبل الآلاف سنوياً يصل اليوم عدد من سجل للدراسة في جميع كلياتها 45 طالباً وطالبة في وقت يحشد الحوثي – عبر تقنيات الاتصال – الآلاف من أطفال اليمن في دورات صيفية لكي يقول لهم فيها التفاهة التالية: الله اختار عبد الملك الحوثي ليكون عَلَم هداية وقيادة لليمنيين، لأنه – كما يقول – من ذرية علي بن أبي طالب، وغير تلك من المعلومات التافهة!
يذكر الدكتور عبدالله صلاح أستاذ الأدب والنقد في الجامعة – مقارناً – أن عدد طلبة دفعته في قسم اللغة العربية في عام 2002 بلغ 500 طالب وطالبة، مقارنة ب45 تقدموا للتسجيل في كل كليات الجامعة بمختلف أقسامها اليوم، قبل أن يعلق على المأساة بقوله إننا «أمام مستقبل زاخر بالجهل المركب».
أثقل الحوثيون كاهل الطلبة بالرسوم و«الإتاوات» المختلفة، ولم يصرفوا مرتبات أساتذة الجامعة في مناطق سيطرتهم، رغم تحصيلهم مبالغ طائلة تغطي نفقات كل موظفي الدولة، علاوة على أن الجامعات والتعليم تعد في ذيل قائمة اهتمام جماعة لا يحمل زعيمها مؤهل الصف السادس الابتدائي، الأمر الذي كرس لدى أتباعه مشروعيته كونه يشبه في ذلك «جده النبي الأمي» كما يرى هؤلاء الأتباع.
إنه بالفعل زمن التفاهة الذي لم يسجل فيه في إحدى أكثر الجامعات اليمنية إقبالاً إلا هذا العدد القليل من الطلبة في حين أن أحد مشاهير السوشيال ميديا الذي لا يجيد إلا التلفظ بكل ألفاظ السب والقدح والشتيمة، هذا «التافه» يتابعه الملايين على قنواته المختلفة فضائياً ورقمياً.
زمن التفاهة هذا، فيه علماء ومفكرون كبار يتابعهم على وسائل التواصل قلة من المختصين، في حين أن «يوتيوبر» كل جهدها أن تصنع محتوى رخيصاً يعتمد على إثارة الغرائز يتابعها الملايين، وهذا الرجل البدين الذي كل عمله أن يحرك كرشه المنسدلة على أعلى فخذيه يتابعه الملايين، ويدعى لحفلات رئاسية ويُقلد الأوسمة ويعطى الجوائز والهبات، بسبب حساباته التي تُجمع محتوياتها على هيئة صفر مزخرف كبير، دون أن نتحدث عن «تافهات» يحملن جوازات سفر دبلوماسية ويتم استقبالهن في صالات كبار الضيوف، في هذا المسرح الهزلي الذي يتفنن في عرض أنماط من الكوميديا السوداء على مشاهديه صباح ومساء.
وهنا يمكن الإشارة إلى عدة عوامل في «ترميز التافهين» على حد تعبير الفيلسوف الكندي ألان دونو منها أن التكنولوجيا ووسائل التواصل كان لها الدور الأكبر، كما ساعدت شركات الدعاية وغيرها في إبراز المحتوى التافه، وذلك بما تغدقه على التافهين من أموال وصلت ملايين الدولارات، الأمر الذي ساعد على ترميزهم وجعلهم نماذج ساعدت على توليد المزيد من التافهين ضمن «نظام التفاهة» الذي يسيطر فيه «التافهون» على معظم جوانب الحياة المختلفة، لتتم مكافأة التفاهة والرداءة والوضاعة بدلاً من تشجيع الجدية والجودة والمثابرة والعمل.
هي – إذن – منظومة ساعد على توسعها مزاج شعبوي يتسع كل يوم، هرباً من واقع لا حيلة له في تغييره، تماماً كما يلجأ كثيرون للإدمان على الكحول والمخدرات، هرباً من واقعهم الذي لن يتغير بذلك الهروب، كما أن ميل الناس إلى الضحك والنكتة والهزل والتخلص من أعباء الحياة أسهم في نشر محتويات التفاهة، إضافة إلى مزاج عام أسهمت التكنولوجيا في توسعه وانتشاره، بسبب قدرتها على الانتشار السريع، وتوفرها لدى الكثير من المستهلكين، ناهيك عن حرص «مشاهير التفاهة» على مراكمة الإعجابات والثروات، الأمر الذي ضاعف جهودهم في نشر محتوياتهم الهزيلة، كما أن استضافة القنوات الفضائية ل«التافهين» أسهمت في نجوميتهم، حيث صار يمكن لأية جميلة بلهاء أو وسيم فارغ، أو «فاشنست» لعوب أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين، عْبَر عدة منصات رقمية أو فضائية لا تُخرج أيّ منتج قيمي نافع أو هادف.
يشير ألان دونو إلى نقطة مهمة، وهي مسؤولية العمليات النظامية الروتينية التي لا تساعد على إبراز المبدعين الحقيقيين، ويضرب لذلك مثلاً بأنه «المدرس» المبدع قد يفصل من المدرسة إذا حاول تجريب طرق إبداعية تخالف المألوف في نظام التدريس، وهذا يتيح الفرصة للتافهين للاستمرار وربما قيادة المدرسة كلها، لأن الفرصة ستكون أمام المدرسين أو الموظفين ذوي الكفاءات العادية وربما التافهة، ليزيحوا الكفاءات الأعلى من مواقع القيادة والريادة.
وهنا إشارة إلى مسؤولية المجتمع الذي غير نظرته عن صور النجاح الحقيقية والتي تعني الابتكار والعمل الجاد والمواطنة الصالحة واحترام القوانين وحسن الخلق وقيم الأسرة وغيرها إلى إعادة تفسير النجاح المتمثل في «الحصول على المال« معياراً وحيداً لنجاح الأشخاص والأسر والمجتمعات.
كما أن قدرة هؤلاء التافهين على العمل والمثابرة لنشر التفاهة كان لها دور في ترميزهم وتحويلهم إلى نماذج شجعت الكثيرين من الصغار على التخلي عن مواصلة دراستهم، بحثاً عن النجومية السهلة والربح السريع.
أذكر قبل فترة أنني كنت أحاول مع أحد المراهقين لكي يواصل دراسته الجامعية بعد أن فكر في الاكتفاء بالثانوية العامة، لأن «تيكتوكر» شهيراً «يكسب في ساعة ما لا يكسبه آلاف الخريجين في شهور طويلة» ولم يكن أمامي من حيلة إلا أن أقول له: أنت لا تضمن أن تكون مثل «التيكتوكر الشهير» إذا تركت الجامعة، والأولى أن تواصل دراستك، لكي تجد وظيفة في حال الفشل في الوصول إلى القمة التي يتربع على عرشها هذا «التافه العظيم».
* الحوثي
* اليمن
* ذمار
* السحر
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.