وزير الخارجية الأسبق ''أبوبكر القربي'' يكشف عن موقف ''المؤتمر'' من العودة للسلطة.. ومحاولات للفتنة بين قياداته    طيران اليمنية يحسم الجدل بشأن إغلاق مطار صنعاء وإيقاف الرحلات الجوية إلى الوجهة الوحيدة    لماذا الآن تفجير الصراع في حضرموت عبر "قوات درع الوطن"    محمد بن زايد.. رسائل من الشرق    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    هل تُكسر إنجلترا نحس 56 عامًا؟ أم تُسيطر فرنسا على القارة العجوز؟ أم تُفاجئنا منتخبات أخرى؟ يورو 2024 يُقدم إجابات مثيرة!    جيسوس يفوز بجائزة الافضل في الدوري السعودي لشهر مايو    تحريك قوات درع الوطن في حضرموت يرفع منسوب التوتر بين الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية    مأساة في تعز: غرفة النوم تتحول إلى فخ قاتل لعائلة    "الحوثيون يستهدفون كرش بالجنوب: هل هذا بداية نهاية الوحدة اليمنية؟"..كاتب يجيب    رسالة رادعة: القصاص الشرعي رمياً بالرصاص لمدانين بجرائم قتل في عدن    عاجل: الرئيس العليمي يلتقي وزير الدفاع السعودي والأمير خالد: بحثنا إحراز تقدم بشأن خارطة الطريق    السعودية توجه رسالة وصفعة كبيرة للحوثيين بعد قيامها بأمر هام في البحر الأحمر    "صخب الرصاص: معارك مستمرة تستعر في مواجهة الحوثي بأبين"    "عدد اليمنيين في السعودية يفوق سكان قطر والبحرين"...صحفي يكشف الفجوة بين الدعم الحقيقي السعودي والمزعوم الايراني"    نقابة المهن الفنية الطبية في تعز تدين الاعتداء على رئيسها وتدعو لمحاربة الفساد    محافظ عدن أحمد لملس يتفقد أوضاع الأسر المتضررة من انهيار مبنى في كريتر    القضاء.. مقصلة حوثية لإرهاب اليمنيين    منتخبنا الوطني يستكمل تحضيراته استعداداً لمواجهة البحرين في تصفيات آسيا    ليست صراع بنوك...خبير اقتصادي يكشف مايجري بين البنك المركزي بعدن وبنوك صنعاء    الخطوط الجوية تنفي إيقاف الرحلات بين صنعاء وعمّان    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 36586 شهيدا و 83074 جريحا    الكيان الإرهابي بين عشيّتين    الأمم المتحدة: مقتل 500 فلسطيني بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر    السفير اليمني يزور المنتخب قبل مواجهة البحرين    الماجستير بامتياز للباحثة عبير عبدالله من الاكاديمية العربية    فتح الطرق بين الإصلاح والحوثي هدفه تسليم حضرموت والمهرة للحوثيين    السعودية تضع حجر الأساس لمشروع إنشاء كلية الطب في مدينة تعز مميز    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    الاتحاد الأوروبي يجدد دعمه للجهود الأممية للوصول الى تسوية سياسية شاملة في اليمن مميز    تقرير أممي: أكثر من 6 ملايين شخص في اليمن بحاجة لخدمات المأوى هذا العام مميز    الوزير الزعوري يدعو المنظمات الدولية لدعم الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لكبار السن    منه للكبوس والزيلعي وام تي ان وبنك قطر واليمني والرويشان وشهاب والعابد وآخرين    بيانات صينية وترقب أخرى أميركية يرفعان النفط والذهب والدولار    رسالة الى كل مسطول بالقات.. احذروا التأثيرات الصحية والنفسية    معجزة تتوج اليونان بلقب يورو 2004    عصابات فارس مناع تعبث بالآثار في إب لتهريبها للخارج    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    التأثيرات السلبية لقراءة كتب المستشرقين والمنحرفين    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    إنهيار منزل من 3 طوابق على رؤوس ساكنيه بالعاصمة عدن    عيدروس الزبيدي في مهمة تركيع الحوثيين    دي بروين يفتح الباب أمام الانتقال إلى الدوري السعودي    الاتحاد السعودي معروض للبيع!.. تحرك عاجل يصدم جمهور العميد    ارحموا الريال    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترحيل اليمنيين من جنوب السعودية.. غموض الدوافع وضرورات التراجع
نشر في المشهد اليمني يوم 18 - 08 - 2021

في كتابه القيّم (حروب البترول الصليبية والقرن الأمريكي الجديد)، ذكر البروفيسور العربي الأمريكي د. عبدالحي زلوم في الصفحة 76 ما نصه:
"الواقع أن خطط الحرب الأمريكية الخاصة بالتدخل العسكري القادم بدأت قبل 12 عاماً من حرب الخليج (الثانية). ففي الصفحة 58 من عدد مجلة فورتشين Fortune Magazine، الصادرة بتاريخ 7 مايو 1979، تحدت مقالة بعنوان "ماذا لو غزت العراق الكويت؟" عن ردة الفعل الأمريكية تجاه غزو عراقي محتمل للكويت، وأعرب معد المقالة عن الرأي الأمريكي بأن العمال اليمنيين في السعودية، وحوالي 400 ألف فلسطيني في الكويت، يشكلون عناصر عدم استقرار في الخليج. وهكذا جاءت حرب الخليج (الثانية) لتخلص البلدين من عبء مئات الألوف من أبناء الجنسيتين الذين غادروا دول الخليج النفطية بعد الحرب".
لا أدري لماذا قفزت هذه الفقرة إلى ذهني وأنا أحاول فهْمَ حيثيات القرار السعودي الأخير بترحيل المغتربين اليمنيين من محافظات الجنوب (نجران، جيزان، عسير، الباحة). أشعر أن في الأمر دسيسة ما.
توقيت القرار وانتقائيته وغموض دوافعه وكارثية نتائجه يجعل من الصمت عليه خيانة لليمن وللمملكة وللمعركة التي يخوضها اليوم البَلَدان في مواجهة الأطماع الايرانية.
الأمر الذي لا يمكن فهمه خارج دائرة الكيد للبلدين بوصف أن ثمة اطرافا مستفيدة من القرار ليس من بينها السعودية ولا اليمن.
لا نريد الخوض كثيرا في إثبات هذه الحقيقة ولا ندعي أننا أكثر فهما من السعوديين بمصلحة بلادهم أو أننا أحرص عليهم من أنفسهم لكننا نوقن أننا جميعاً بشر، وجلّ من لا يسهو.
وبالتالي لا بأس من لفت الاهتمام لبعض الجوانب التي قد تكون غائبة عن السلطات المحلية في تلك المحافظات بوصف أن القرار غير معلن بل مجرد تعليمات سرية من أمانات تلك المحافظات.
بالمقابل أيضا لا جدوى من الخوض في دوافع هذا الإجراء لأنه أياً كانت الدوافع فإن المضار الإنسانية والسياسية والاقتصادية المترتبة عليه تظل أكبر، كذلك لأن السلطات التي اتخذت هذا الإجراء أقفلت باب التعليل سعياً ربما لإغلاق الباب في وجه المراجعة، لكن ذلك بالتالي يفتح شهية التكهنات والتخرصات وهذا مجال يبدع الحوثي في ملئه بجدارة شيطانية منقطعة النظير، بما يذكي بواعث النقمة ويعطي ذراع إيران ورقة إنسانية رابحة لابتزاز المملكة في كل المحافل طالما والحكومة الشرعية أياً كانت تحركاتها في سبيل مراجعة الإجراء فإنها ستظل محفوفة بعدم الافشاء.
ورغم كل ذلك يسعنا التأكيد أنه إن كانت الدوافع أمنية فالأجهزة السعودية من أقوى وأكفأ الأجهزة الأمنية في المنطقة والعالم ولا يوجد حوادث تبرر الدافع الأمني طيلة 6 سنوات منذ بداية عاصفة الحزم في مارس 2015. وإن كان ثمة خلية مدانة بالإقلاق، فللمملكة أن تقُصّ رؤوسهم بالحق ولا تعمم العقوبة، فقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.
وإن كانت الدوافع وقائية فإن المخاطر المترتبة أكبر من الفوائد المتوخاة ودرء المخاطر أولى من جلب الفوائد.
وإن كانت ديموغرافية فإن شريحة المغتربين لن تبقى أبد الدهر، كما أن الأرومة القحطانية في المملكة تكاد تكون 60% من السكان الأصليين تبعا للهجرات اليمنية المتعاقبة منذ خراب سد مارب إلى بدايات وأواسط القرن المنصرم.
بين زيارتين
في بداية القرن العشرين جاء عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، من خارج خارطة التوقعات الدولية.. استغل انشغال القوى الدولية بالحرب العالمية الأولى وانتزع دولة من بين أنياب الوحوش، على رقعة وسيعة لم يشهد أغلبها من قبل، صيغةً للاستقرار والتمدن.
كان داهية، وأسس دولة عظيمة قائمة على الحنكة والمروءة وحب الخير، وفتح بلاده لكل عربي ومسلم فانهالت عليها الخيرات ولا تزال وستظل إلى ما شاء الله.
نخلة سامقة محروسة بسيفين باترين، تظللها كلمة التوحيد خضراء زاهية، ويفديها مئات الملايين من المسلمين الذين يولون وجوههم شطر المسجد الحرام.
قبل عام ونصف غادرت المملكة، وعدت لأرى تطوراً هائلا على كافة المجالات ونويت الكتابة عن ذلك بعد عودتي لليمن لأن ذلك أدعى للإنصاف.
كل يمني قابلته كان يحدثني عن ذلك التطور بكل اعتزاز وإعجاب مع اشتياق لأن تستقر الأمور في بلادنا ونستطيع خدمتها كما يجب.
باستثناء عملاء إيران لن تجد يمنياً يحاول إلحاق الضرر بالمملكة أيا كانت قسوة الإجراءات..
تستوعب المملكة اليوم نحو 13 مليون وافد يمثل اليمنيون 5،7% منهم كخامس جالية في المملكة. وكل القرارات السابقة التي أثرت على العمالة اليمنية تم تمريرها وقبولها مهما كانت قاسية لأنها شملت كافة الجنسيات، لكن الإجراء الأخير جاء حصرا على اليمنيين ولم يُستثنَ منه حتى المتزوجين بسعوديات، ما يرسم دوائر الاستفهام الكبيرة حول دوافع القرار في ظل معركة بقيادة المملكة وفي ظل تواجد أغلب القيادة الشرعية في أراضيها وكذا في ظل ظرف اقتصادي قاهر يشكل المغتربون عماده الوحيد.
القرار كارثي بكل معنى الكلمة وجائر بكل معنى الكلمة، ولم يسبق أن اتخذت المملكة قرارا مماثلا حتى عندما وصلت العلاقات بين البلدين أعلى درجات التوتر في العام 1990، إذ كان أمام اليمني حينها خيار البقاء على ذمة الكفلاء كباقي الجنسيات أما القرار فهو ترحيل بدون ترك أية خيارات.. ذلك أن سوق العمل في باقي المحافظات السعودية لا تستوعب، في المهلة المحددة 4 أشهر، كل العمالة اليمنية المنتقلة من محافظات الجنوب السعودي، كما أن تكاليف نقل الكفالة والسكن والبحث عن عمل جديد، هي الأخرى فوق طاقة أغلب المغتربين، ومن هنا يصبح القرار كارثيا ولا إنسانيا.
كما أنه قبل ذلك غير مبرر وغير مفهوم، وكم هو مؤلم أن تجد نفسك محل شبهة مُبهمة أو تهمة غامضة.
أكتب هذه السطور بحرقة ومرارة وباستيعاب تام للعواقب المأساوية لأنني ابن مغترب عاد في العام 1990، وظل طيلة 13 عاما يحاول التكيف في أرض الوطن بلا جدوى.. كانت فترة عصيبة جدا على الأسرة.. رغم أن أوضاع البلاد حينها أفضل ألف مرة من اليوم ورغم أننا ملاك أرض ولدينا منزل وقرية. وقياس ذلك على كل حالة من مئات الألوف المهددين بلقمة عيشهم هم ومن يعولون، فإن الخيال يعجز عن الاسترسال.
الحقيقة الغائبة أن الآلاف من المغتربين المهجرين من مناطق الجنوب السعودي وخصوصا فئة الأكاديميين والأطباء والمهندسين ليسوا مغتربين عاديين بل هم أقرب إلى لاجئين سياسيين لأنهم ذوو مواقف مناهضة لسلطات العصابة المليشياوية التابعة لإيران ولا يستطيعون حاليا العودة إلى مدنهم. والمفارقة الثانية أن أغلب هؤلاء الأكاديميين هم من خريجي الجامعات التي كانوا يدرّسون فيها، ولقد كان خروجهم من اليمن خسارة كبيرة بما تمثله من هجرة للعقول بوصفها أهم ثروة للبلاد، لكن عودتهم (المتعذرة) في هذه الظروف خسارة أكبر لأن المليشيا ستستقبلهم في المعتقلات وليس في الجامعات.
دعه يعمل.. دعه يمر
في كل بلاد العالم تتسابق الأنظمة على استقطاب العقول إلا في اليمن وحاليا للأسف، السعودية، وهي قادرة ولاريب على المجيء بغيرهم لكن القرار يظل غير إنساني وغير معقول البتة والمأمول من خادم الحرمين الشريفين أن يبادر لالغائه فهو في واقع الحال، وفي ظل قيادتنا الضعيفة، ومعركتنا المشتركة، ليس ملكاً على السعوديين فحسب بل أب لكلا الشعبين.
يعول اليمنيون كثيرا على حكمة ومروءة ودماثة الملك سلمان وولي عهده الأمين، أكثر من تعويلهم على قيادتهم الشرعية، أما الحوثي فهذا هو ما يريده ويتمناه، وهو الذي أوصل الأمور إلى هذا الموصل.
والمؤكد أن أغلب المغتربين اليمنيين سيعودون طوعيا إلى بلادهم فور جلاء الغمة الحوثية ووجود دولة تؤمّن سعيهم، لذا فإن أقصر الطرق إلى إعادتهم، حال افتراض أن بقاءهم مشكلة، هو الإسراع في إعادة دولتهم.
المغتربون هم أبناء اليمن البررة الماسكون بما تبقى فيها من اقتصاد، يكسبون رزقهم بعرق جبينهم محفوفين بدعاء الأرحام والأمهات، الواحد منهم يعول ثلاث وأربع أسر، والمساس حاليا بمصدر عيشهم هو مساس بكل اليمنيين، وهذا بالتأكيد غير لائق البتة بمملكة الإنسانية ومدماك العروبة وقبلة المسلمين.
الرياض
18 أغسطس 2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.