عصا الملك سلمان : أحمد الصباحي على بوابة الثمانين عاماً يقف الملك سلمان بن عبدالعزيز قابضاً على عصاه الخشبية، ضارباً بها ثعابين سحرة ملالي طهران وأعوانهم في المنطقة العربية. لقد جاء الملك سلمان في اللحظات الأخيرة قبل أن تنهار الأمة في حضن المشروع الفارسي. منذ أن صعد الملك سلمان على كرسي الحكم في المملكة العربية السعودية تحولت المنطقة رأساً على عقب، وأصبحت الرياض قبلة الساسة ومهبط التحالفات وصناعة الأصدقاء وتحييد الأعداء ومواجهتهم إن تطلب الأمر. بدأ سلمان بعاصفة الحزم التي قطعت الحبل السري الإيراني الذي كان ينعش آمال طهران بسيطرة مليشياتها في اليمن (جماعة الحوثي وصالح) على الحكم بقوة السلاح وبالتالي إكمال قبضة الهلال الشيعي الفارسي على منطقة الخليج العربي وإعلان سقوط العاصمة العربية الرابعة في حكم الملالي. وخلال فترة عامين فقط تمكن الملك سلمان من إعادة تحالفاته ومعرفة أصدقائه من أعداءه، ورغم كل التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهت إدارته الجديدة إلا أنه تجاوزها بثبات وعزم وحزم وحقق الكثير من الانتصارات السياسية والعسكرية والدبلوماسية. ولأن الملك سلمان يعرف أن قوة المملكة من قوة تماسكها مع دول الجوار وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي فقد تم إعادة تعميق العلاقة مع الجيران وتوحيد الرؤى في مجلس التعاون الخليجي، حتى أصبحت تسير في اتجاه متناسق ومنتظم في أغلب القضايا والأحداث التي تتعلق بأمن المنطقة وكانت الرياض هي محور الحركة والتنسيق. ليس هذا فحسب فقد تجاوز الملك سلمان المنطقة واتجه نحو الشرق لصناعة تحالفات جديدة تكسر هيمنة واستغلال النظام الغربي للمملكة وقضايا الشرق الأوسط، كما كان له دور في إعادة التواصل الجاد مع تركيا وتوجيه اهتمامات الطرفين وإمكانياتهم نحو مصلحة المنطقة. وكما عرفنا الملك سلمان حازماً وعازماً وجاداً في كثر من تفاصيل حياته العملية، فإننا قد وجدناه إنساناً رحيماً وقلباً عاطفاً على ما تمر به الكثير من البلدان من مآسي وحروب ونزوح، فكان مركز الملك سلمان للعمل الإغاثي بوابة المملكة للوصول إلى الكثير من المحتاجين وإغاثة الملهوفين في الشرق والغرب. أما في الملف الأكثر حساسية وأهمية لما له من علاقة بالعالم أجمع، وهو مشكلة الإرهاب، فقد كان للملك سلمان موقف واضح في محاربة التطرف والإرهاب بشتى أنواعه ومسمياته وأشكاله، ونجحت الداخلية السعودية في القبض على عدد كبير من الخلايا الإرهابية وإفشال محاولات انتحارية وعمليات تفجيرية، وعلى المستوى الخارجي تشارك السعودية ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وأسست برئاسة الأمير محمد بن سلمان “التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب” يضم 40 دولة عربية وإسلامية حتى لا يحتكر الغرب محاربة الإرهاب بطريقة تحيزية وحتى لا تُرمى تهمة الإرهاب على الإسلام فقط كما يظهر من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. وبقدر ما كان للملك سلمان رؤية خارجية للاهتمام بأوضاع المنطقة وتوزيع الأدوار وتمكين المملكة من الحضور في كافة الملفات العالمية والحرص على حلحلة مشاكل المنطقة، فإنه في نفس الوقت كان أكثر حرصاً على الوضع الداخلي في المجتمع السعودي حيث بدأ بإعداد برامج عملية لنهضة المملكة وخلق فرص اقتصادية جديدة للبلد ومواجهة تحديات انخفاض أسعار النفط العالمي وإعلان برنامج التحول الوطني2030 وبلورة حلول لمشاكل السكن والبطالة وغيرها من الأمور الحياتية في المملكة.