بنك مركزي يوقف اكثر من 7شركات صرافة اقرا لماذا؟    كاتب سعودي شهير يبشر بقرب سلام "الشجعان" في اليمن    فيما الحوثي ينهب رواتبهم ويزجهم بالسجون.. مارب تكرم 100 معلم وتربوي مبرزين احتفاء بيوم المعلم    وزارة الحج والعمرة: إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    معجزة في المحويت: ثعبان يهدد حياة شابين... أحدهما ينجو بفضل شجاعة أخيه!    الحكومة تطالب دول العالم أن تحذو حذو أستراليا بإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب    مسلح مجهول يُحرق امرأة ويقتل زوجها في محافظة حجة!    جريمة ضد الفطرة تهز محافظة تعز    - بالصور لقاء حماس وحزب الله وانصارالله في ايران كمحور مقاومة فمن يمثلهم وماذا دار؟    الهلال الأحمر اليمني يُساهم في توفير المياه الصالحة للشرب لمنطقة عبر لسلوم بتبن بدعم من اللجنة الدولية ICRC    إقالة تشافي والتعاقد مع فليك.. كواليس غضب لابورتا من قائد برشلونة السابق    بعثة المنتخب الوطني الأول تحتفي بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    "القسام" تواصل عملياتها برفح وجباليا وجيش الاحتلال يعترف بخسائر جديدة    مصادر: مليشيات الحوثي تتلاعب بنتائج طلاب جامعة إب وتمنح الدرجات العالية للعناصر التابعة لها    سنتكوم تعلن تدمير أربع مسيّرات في مناطق سيطرة الحوثيين مميز    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    ماذا قال السامعي و الكبوس والكميم ووزير الشباب    إعلان إماراتي بشأن اليمن عقب لقاء جمع مقرب من ''محمد بن زايد'' بمسؤول أمريكي كبير    المحكمة حسمت أمرها.. حكم بتنفيذ عقوبة ''القذف'' ضد فنانة مصرية شهيرة    ليفاندوفسكي يفشل في إنعاش خزائن بايرن ميونيخ    نادي جديد ينضم لسباق التعاقد مع اراوخو    رحيل لابورتا الحل الأنسب لبرشلونة حاليًا    الجيش الوطني يعلن إسقاط مسيّرة تابعة للمليشيات الإرهابية بمحافظة الجوف    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    انهيار جنوني .. الريال اليمني يتلاشى مقابل العملات الأجنبية ويصل إلى أدنى مستوى في تاريخه    منع إقامة عرس جماعي في عمران لمخالفته تعليمات حوثية    - عاجل بنك اليمن الدولي سيرفع قضايا ضد عدد من الاشخاص ويكشف عن أصوله وراس ماله الحقيقي ويمتلك 1.5 مليار دولار موجودات و46مليار رأس مال كأكبر بنك يمني    الحوثيون يقيلوا موظفي المنافذ ويجرونهم للسجون بعد رفضهم السماح بدخول المبيدات المحظورة    منجز عظيم خانه الكثير    اتالانتا بطلا الدوري الاوروبي لكرة القدم عقب تخطي ليفركوزن    سبب انزعاجا للانتقالي ...الكشف عن سر ظهور الرئيس علي ناصر محمد في ذكرى الوحدة    الهلال يُشارك جمهوره فرحة التتويج بلقب الدوري في احتفالية استثنائية!    سموم الحوثيين تقتل براءة الطفولة: 200 طفل ضحايا تشوه خلقي    محاولا اغتصابها...مشرف حوثي يعتدي على امرأة ويشعل غضب تعز    قيادي انتقالي: تجربة الوحدة بين الجنوب واليمن نكبة حقيقية لشعب الجنوب    بمناسبة يوم الوحدة المغدور بها... كلمة لا بد منها    شاب سعودي طلب من عامل يمني تقليد محمد عبده وكاظم.. وحينما سمع صوته وأداءه كانت الصدمة! (فيديو)    السفارة اليمنية في الأردن تحتفل بعيد الوحدة    تغاريد حرة .. الفساد لا يمزح    للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية    الهجري يتلقى التعازي في وفاة والده من محافظي محافظات    اليابان تسجل عجزاً تجارياً بلغ 3 مليارات دولار    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الامام علي بن الحسين زين العابدين مدرسة العبادة والشهادة
نشر في الجنوب ميديا يوم 03 - 06 - 2014


في ذكرى مولده الشريف..
الامام علي بن الحسين زين العابدين مدرسة العبادة والشهادة
تصادف اليوم 5 شعبان ذكرى مولد الامام علي بن الحسين الذي عرف بزين العابدين والسجاد الرابع من ائمة اهل البيت عليهم السلام والسادس من المعصومين الاربعة عشر الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
طهران (فارس)
نسبه ومولده الشريف:
هو الامام علي بن الامام الحسين وجده الامام علي بن ابيطالب عليهم السلام وجد ابيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووالدته شاهزنان بنت يزدجرد ملك الفرس.
وقصة زواج ابيه منها حدثت بعد فتح المسلمين لبلاد فارس في زمن الخليفة عمر بن الخطّاب ومجئ الاسرى إلى المدينة المنوّرة وكان فيها ابنة يزدجرد.
واجتمع المسلمون في المسجد وأراد الخليفة بيعها فأشار الإمام علي عليه السلام أن لايفعل ذلك لأن بنات الملوك لا يبعنَ ولو كنّ كفّارا وقال إعرض عليها أن تختار أحدا لنفسها لتتزوّجه فمن اختارته فزوّجه واحسب ذلك من عطائه.
وبعد وقوع اختيارها على الامام الحسين عليه السلام، أوصاه أبوه الامام علي عليه السلام بالإحسان إليها وقال له: "يا أبا عبد الله لتلدنّ لك خير أهل الأرض" فأنجبت له زين العابدين عليه السلام.
كان أبوه الحسين عليه السلام يسمّيه ابن الخيرتين فخيرته من العرب قريش ومن قريش بني هاشم ومن العجم أهل فارس.
أخلاقه و صفاته:
وصف الفرزدق الشاعر الإمام زين العابدين عليه السلام بأنه أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة.
و كان بين عينيه أثر السجود ولذا لقّب بالسجّاد.
وقال عنه ابنه محمّد الباقر عليه السلام:
"كان أبي علي بن الحسين عليه السلام إذا انقضى الشتاء يتصدق بكسوته على الفقراء وإذا انقضى الصيف يتصدّق بها أيضا "
كان يلبس أفخر الثياب وإذا وقف للصلاة اغتسل و تطيّب واشتهر الإمام زين العابدين بكثرة دعائه و بكائه خوفا وتضرعا لله تعالى.
يقول طاووس اليماني وكان رجلا من أصحابه: رأيت رجلا يصلّي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من صلاته فإذا هو زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله تبكي وأنت ابن رسول الله فقال:
" أما أني ابن رسول الله فلا يأمنّني من عذاب الله وقد قال الله:
"فلا أنساب بينهم يومئذ"
لقد خلق الله الجنّة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبدا حبشيّا وخلق النار لمن عصاه وأساء ولو كان سيّدا قرشيّا".
حجّ إلى بيت الله تعالى ماشيّا عشرين مرة و كان يوصي أصحابه بأداء الأمانة ويقول:
"فوالذي بعث محمّد بالحق لو أن قاتل الحسين عليه السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديّته إليه".
وكان يوصيهم أيضا بقضاء حوائج المحتاجين ويقول:
"إن لله عبادا يسعون في قضاء حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمن سرورا فرّح الله قلبه يوم القيامة".
كان زين العابدين عليه السلام جالسا بين أصحابه فجاءه رجل من أبناء عمومته وشتمه وأسمعه كلاما مرّا فلم يكلّمه الإمام حتّى مضى ثمّ قال الإمام لأصحابه:
" قد سمعتم ما قال هذا الرجل و أنا أحب أن تبلغوا معي حتى تسمعوا ردّي عليه"
فقاموا معه يظنّون أن الإمام سوف يرد عليه بالمثل .
طرق الإمام الباب فخرج الرجل مستعدا للشر فقال له الإمام بأدب جم :
"يا أخي انك قلت فيّ ما قلت فان كان حقّا فأستغفر الله منه وإن كان باطلا فغفر الله لك"
فتأثّر الرجل وندم وأقبل على الإمام معتذرا.
ذهب الإمام إلى محمد بن أسامة بن زيد ليعوده في مرضه فرآه يبكي فقال الإمام: "ما يبكيك؟"
فقال محمد بن أسامة: عليّ دين.
فقال الإمام: "وكم يبلغ؟"
قال: خمسة عشر ألف دينار.
فقال الإمام: "هو عليّ" ووفّاه عنه.
كان الإمام يخرج في منتصف الليل ويحمل معه الأموال والطعام ويجوب المدينة فيوزّع على فقرائها ما يحمله وهم لا يعرفونه.
وكان يعول أكثر من مائة أسرة.
وعندما استشهد افتقدوا ذلك الرجل فعرفوا أنّه الإمام عليه السلام.
واقعة كربلاء:
رافق زين العابدين أباه الحسين عليه السلام في رحلته من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى كربلاء حيث وقعت المذبحة وكان وقتها مريضا وقد أنهكته العلة.
وبالرغم من ذلك فقد نهض من فراشه ليشترك في القتال بعد أن رأى والده وحيدا.
ولكن الحسين عليه السلام قال لأخته زينب:
"احبسيه لئلا ينقطع نسل آل محمد"
وكان مرضه في تلك الأيام لطفا من الله ليبقى حياً ويفضح جرائم يزيد.
في قيود الأَسْر:
هجم جنود ابن زياد على الخيام بعد أن قتلوا سيّدنا الحسين عليه السلام وأرادوا أن يقتلوا زين العابدين عليه السلام وكان عمره حينذاك 23 سنة.
ولكن عمّته زينب اعترضتهم بشجاعة وقالت:
"إذا أردتم قتله فاقتلوني قبله"
فقيّدوا يديه وأُخذ مع بقيّة الأسرى إلى الكوفة.
كان موقف زينب وزين العابدين عليه السلام وبقيّة الأسرى شجاعا للغاية وكانوا ينددون بجرائم يزيد وعبيد الله بن زياد ومواقف أهل الكوفة المخزية.
وعندما وصل موكب الأسرى الكوفة و تجمّع أهلها حولهم كان زين العابدين عليه السلام مقيّدا بالسلاسل والدماء تجري من رقبته فأشار على الناس بالسكوت ثمّ خطب قائلا:
"أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنا ابن من انتهكت حرمته وسلبت نعمته وانتهب ماله وسبي عياله أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخراً.
أيها الناس ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه فتبّاً لكم لما قدّمتم لأنفسكم. بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله؟ إذ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي".
في قصر الإمارة:
أمر الوالي الاموي على الكوفة عبيد الله بن زياد بإحضار الأسرى وكان يتوقّع أن يرى آثار الذلة على وجوههم.
وفوجئ بنظرات كلها استصغار واحتقار رغم منظر الجلاّدين حولهم التفت ابن زياد إلى الإمام زين العابدين عليه السلام وقال: ما اسمك؟
أجاب الإمام: "أنا عليّ بن الحسين".
فقال ابن زياد بخبث: أولم يقتل الله عليّا؟
قال الإمام بثبات:
"كان لي أخ أكبر منّي يسمّى عليّا قتله الناس"
قال ابن زياد بغضب: بل الله قتله.
قال الإمام بدون اكتراث: "الله يتوفّى الأنفس حين موتها وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله".
فاسشتاط ابن زياد غضبا وأمر بقتل الإمام.
وهنا تدخّلت عمّته زينب وقالت: "حسبك يابن زياد من دمائنا ما سفكت وهل أبقيت أحدا؟ فان أردت قتله فاقتلني معه".
وقال السجّاد بشجاعة: "أما علمت بأن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ".
فتراجع ابن زياد وأصدر أمره بترحيل الأسرى إلى الشام.
آل بيت الرسول (ص) في الشام:
وصل الأسرى إلى الشام في حال يرثى لها وكان زين العابدين عليه السلام مازال مقيّدا بالسلاسل.
كان يزيد بن معاوية قد أمر بتزيين مدينة دمشق وإظهار الفرح احتفالا بقتل الحسين عليه السلام وكان أهل الشام قد خدعهم معاوية ورسم لهم صورة مشوّهة عن أولاد علي عليه السلام .
وعندما وصل الأسرى دمشق تقدّم شيخ إلى الإمام زين العابدين وقال له : الحمد لله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم.
أدرك الإمام أن هذا الرجل يجهل الحقيقة فقال له بهدوء:
"يا شيخ أقرأت القرآن؟"
قال الشيخ: بلى.
قال الإمام: "أقرأت قوله تعالى:
"قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"
وقوله تعالى:
"وآت ذا القربى حقّه"
وقوله تعالى:
"واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى".
فقال الشيخ: نعم قرأت ذلك.
فقال الإمام: "نحن والله القربى في هذه الآيات".
ثم قال الإمام: "أقرأت قوله تعالى:
"إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا".
قال الشيخ: نعم.
فقال الإمام: "نحن أهل البيت يا شيخ".
قال الشيخ مدهوشاً : بالله عليك أنتم أهل البيت.
فقال الإمام: "نعم وحق جدّنا رسول الله نحن هم من غير شك".
هنا ألقى الشيخ بنفسه على الإمام يقبّله وهو يقول: أبرأ إلى الله ممّن قتلكم.
وعندما وصل الخبر إلى يزيد أمر بإعدام الشيخ.
الإمام السجاد في مجلس يزيد بن معاوية:
أمر يزيد بإدخال الأسرى مربوطين بالحبال وكان منظرهم مؤلما.
قال زين العابدين عليه السلام:
"ما ظنّك يا يزيد برسول الله وهو يرانا على مثل هذه الحالة".
فبكى الحاضرون.
وصعد أحد الجلاوزة على المنبر بأمر يزيد وراح يسبّ عليا والحسن والحسين عليهم السلام ويثني على معاوية ويزيد.
فالتفت الإمام وخاطبه غاضبا:
"ويلك أيها المتكلّم لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوّأ مقعدك من النار".
ثم التفت إلى يزيد وقال:
"أتسمح لي أن أصعد هذه الأعواد وأتكلّم بكلمات فيها لله رضا و لهؤلاء الجلوس أجرا وثواب؟".
رفض يزيد وقال: إذا صعد المنبر لا ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان.
وبعد إلحاح الناس وافق يزيد.
فصعد الإمام المنبر وبعد أن حمد الله وأثنى عليه قال:
"أيها الناس أعطينا ستا و فضّلنا بسبع : أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين وفضّلنا بأن منّا النبيّ المختار ومنّا الصدّيق ومنّا الطيّار ومنّا أسد الله وأسد رسوله ومنّا سيّدة النساء ومنّا سبطا هذه الأمة .
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا ابن مكة ومنى أنا ابن زمزم والصفا أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى أنا ابن من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى أنا ابن محمد المصطفى أنا ابن علي المرتضى".
وراح الإمام يستعرض نسبه الطاهر حتى وصل إلى وصف تفاصيل مذبحة كربلاء.
وفوجئ الناس بحقيقة ما يجري و ضجّوا بالبكاء.
خاف يزيد أن تنقلب الأمور عليه فأشار إلى المؤذّن ليرفع الأذان ويقطع خطاب الإمام.
هتف المؤذّن: "أشهد أن لا اله إلا الله".
فقال الإمام بخشوع: "شهد بها لحمي ودمي".
وعندما قال المؤذّن: "أشهد أن محمد رسول الله".
التفت الإمام إلى يزيد وخاطبه قائلا:
"محمد هذا جدّي أم جدّك؟ فان زعمت أنه جدّك فقد كذبت وإن قلت أنه جدّي فلم قتلت ذرّيته؟".
وقد أثار الخطاب ثم الحوار الذي دار بين الإمام ويزيد رد فعل في أوساط الناس وغادر بعضهم المسجد احتجاجا على سياسة يزيد.
خاف يزيد انقلاب الأوضاع في الشام فأمر بإعادة الأسرى إلى المدينة المنوّرة.
ندم المسلمون على موقفهم من الإمام الحسين عندما رأوا ظلم يزيد الذي ظلّ مستمرا في فساده.
وأغار جيشه على المدينة المنوّرة وأباحها جنوده ثلاث أيام يقتلون وينهبون وينتهكون الأعراض كما حاصرت قوّاته مكة وقصفت الكعبة بالمنجنيق وأشعلت فيها النار.
وانتقم الله من يزيد وجنوده بعد ان امطروا الكعبة بقذائف المنجنيق.
وتصدّى للخلافة بعد يزيد ابنه معاوية الذي تنازل عن الخلافة معترفا بظلم أبيه و جدّه الذي اغتصب الحق من أهله فأعلن مروان نفسه خليفة و بايعه أهل الشام.
فيما أعلن عبد الله بن الزبير خلافته في الحجاز وظلّ معتصما بالكعبة.
وفي سنة 73 للهجرة زحف عبد الملك بن مروان بجيش جرّار وحاصر مكة مرة أخرى وقصف الكعبة بالمنجنيق وقتل عبد الله بن الزبير.
اتبع عبد الملك سياسة البطش مع كل من يعارضه وسلّط على البصرة والكوفة واحدا من أكثر الحكّام دمويّة وسفكا للدماء وهو الحجّاج بن يوسف الثقفي فنفّذ المذابح بحقّ الأبرياء وملأ السجون بالرجال والنساء وكان عبد الملك يراقب الإمام زين العابدين مراقبة دقيقة و كان الجواسيس يتابعون كل حركاته وسكناته.
ومع كل ذلك أمر بإلقاء القبض عليه وإرساله إلى الشام ثم أطلق سراحه فيما بعد.
الإمام السجاد و هشام بن عبد الملك:
توفي عبد الملك بعد أن وطّد الحكم لخلفه هشام وقد حجّ هشام هذا وطاف حول البيت وحاول استلام الحجر الأسود فأخفق من شدّة الزحام فجلس ينتظر ووقف حوله أهل الشام وفي هذه الأثناء أقبل الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يفوح طيبا فطاف بالبيت فلمّا وصل إلى الحجر الأسود انفرج له الناس ووقفوا له إجلالا و تعظيما حتى إذا استلم الحجر الأسود وقبّله وانصرف عاد الناس إلى طوافهم.
كان أهل الشام لا يعرفون الإمام وعندما رأوا ذلك المشهد تساءلوا عن هويّة ذلك الرجل فتظاهر هشام بأنه لا يعرفه وقال باستياء: لا أعرفه.
وكان الفرزدق الشاعر حاضرا فارتجل قصيدة تعدّ من روائع الأدب العربي إذ قال جوابا على سؤال الشامي من هذا:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة أن كنت جاهله
بجده أنبياء الله قد ختم
وقد انزعج هشام لموقف الفرزدق فأمر بإلقائه في السجن ولكنه أطلق سراحه خوفا من لسانه.
وقد أرسل الإمام هديّة إلى الفرزدق تثمينا لموقفه وقد قبلها الفرزدق تبرّكا بها.
الصحيفة السجّاديّة:
يعد كتاب الادعية الواردة عن الامام زين العابدين والذي عرف فيما بعد ب"الصحيفة السجادية" من اروع ماسطرته مدرسة اهل البيت عليهم السلام من تراث تضمن قيما تربوية ترتبط بمختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية ، فبدءا من انواع المناجاة والاذكار مع الله تعالى ومرورا بالادعية للوالدين والاولاد والدعاء بمكارم الاخلاق وفضائل الصفات والدعاء لاهل الثغور ، اذ حفلت بمختلف الموضوعات المرتبطة بصعد الحياة ماجعلها مدرسة كبرى تعلّم الإنسان الخلق الكريم و الأدب الرفيع كما تضمنت الكثير من المسائل الفلسفيّة والعلميّة و الرياضيّة فضلا عن الشؤون النفسية والسياسية والدفاعية في التي يحتاجها المجتمع الاسلامي، ولما كان آل بيت الرسول صلى الله وآله وعلى رأسهم الامام يعيشون فترة عصيبة امتازت ببطش حكام بني امية وتعرضهم الى الذبح والابادة في كربلاء لذلك جاء طرح الامام السجاد لنظريات الاسلام وافكاره الاصيلة بمختلف مناحي الحياة في اطار الدعاء وفق اسلوب رصين مع الحفاظ على الاسس والاركان لاقتضاء المرحلة وظروفها السياسية الخاصة.
ونستعرض هنا نماذج من أدعيته الواردة في الصحيفة السجادية:
"اللهم اني أعوذ بك من الكسل والجبن والبخل والغفلة والقسوة والذلّة".
"سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار. سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر. سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور. سبحانك عجبا من عرفك كيف لا يخافك".
وللإمام أدعية خاصة بالأيام ولكل أسبوع دعاء وخمس عشرة مناجاة تنساب كلماتها رقة وعذوبة وتدل على أدب رفيع ونفس خاشعة لله سبحانه.
رسالة الحقوق:
للإمام السجّاد رسالة تدعى رسالة الحقوق وهي تشمل على خمسين مادة توضّح ما يجب على الإنسان من حقوق تجاه ربه وتجاه نفسه وتجاه جيرانه وأصدقائه يقول فيها عن حق المعلّم من حقه عليك التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع ولا ترفع في وجهه صوتك وتستر عيوبه وتظهر مناقبه،
وفي حق الأم يقول:
"فحق أمك أن تعلم أنها حملتك و أطعمتك من ثمرة قلبها فرضيت أن تشبع و تجوع وتكسوك و تعرى و ترويك و تظمأ وتلذّذك النوم بأرقها".
وفي حقوق الجيران يقول:
"ومن الجار عليك حفظه غائبا و كرامته شاهدا ولا تحسده عند نعمة وأن تقيل عثرته وتغفر زلّته".
وأهل الذمة:
"فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وكفى بما جعل الله لهم من ذمته و عهده فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم :"من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله فيهم".
شهادته:
في 25 محرم سنة 95 للهجرة استشهد الإمام السجّاد بعد أن دسّ له هشام بن عبد الملك السم في طعامه وتوفّى وله من العمر 57 سنة ودفن في المدينة المنورة في البقيع إلى جانب عمّه الحسن بن علي عليهما السلام.
من كلماته المضيئة:
قال لابنه الامام محمد الباقر عليهما السلام:
"يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم في الطريق.. إياك ومصاحبة الكذّاب فإنه بمنزلة السراب يقرّب لك البعيد ويبعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة وما دونها وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك فيما أنت أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضّرك وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله"
"يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه وإن لم يكن من أهله كنت أنت من أهله وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره".
وسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا ورزقنا الله في التمسك بنهجه والاخذ بهديه والاستضاءة بنوره.
/ 2811/
وكالة انباء فارس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.