من أسباب القنوط واليأس ،هو تعلق قلوبنا بالدنيا ،والإستسلام للحزن ،وتذكيرنا بمافاتنا من حلاوة الدنيا ، متناسيين أن الله سبحانه يعطي الدنيا لمن أحبها ،ومنعها لأحب الخلق إليه وأكرمهم عليه، نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن حكمته جعل المرء نصيب مقدر له ولن يأخذ أكثر مما قدر له . وأهم وسائل التخلص من القنوط واليأس ،هو الأيمان الخالص بأسماء الله وصفاته وحسن الظن به والرجاء رحمته والتعلق به وثقة العبد به ويكون العبد بين خوفه من الله والرجاء والزهد بالدنيا والدعاء مع اليقين بالإجابة. لابد علينا أن نجعل قلوبنا معلقة بخالقها، ونجعل ثقتنا به سبحانه وتعالى في كل الأحوال ، وأن نترك النظرة المقصورة على الأمور الدنيوية والأسباب الظاهرة المحيطة بنا ،ونسلط قلوبنا على مسبب الأسباب والتحري اليقين بالفرج من الله ، ويقتنع باليسير إذا أمكن وزوال بعض الشر وتخفيفه والذي هو حكمة إلاهية ،وهو الذي وعد بعد العسر يسرا وهو صادق الوعد. وأختتم قولي بكلام الإمام الشافعي رحمة الله عليه: لما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك اعظما فمازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منه وتكرما فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما ولولاك لم يغو بإبليس عابد فكيف وقد اغوى صفيك آدما وإني لآتي الذنب أعرف قدره وأعلم أن الله يعفو ترحما